مسرح العرائس من البونراكو في اليابان إلى الأراجوز في الشرق الأوسط
لطالما كان مسرح العرائس قريبًا من الأطفال والكبار معًا وذلك ليس في عالمنا العربي فقط لكنه له تاريخ مميز في آسيا أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 47
يعتبر فن الدمى المتحركة من أقدم الفنون الإنسانية حيث اكتشفه علماء الآثار في مصر القديمة من خلال الدمى المصنوعة من العاج والصلصال التي وجدوها في قبور المصريين القدماء. ثم اكتشفوها في الحضارة اليونانية القديمة فيما بعد حيث كان هذا الفن يُستخدم آنذاك في الطقوس الدينية والاحتفالات الرسمية. ويجمع فن الدمى المتحركة بين العديد من الفنون مثل الحكي والتمثيل الصوتي والفن المسرحي لذلك فهو قريب لنفوس الصغار والكبار معًا. للعرائس أنواع مختلفة ومتعددة ومن أشهر المتاحف التي تستعرض هذه العرائس وتاريخها متحف العرائس في ليون الذي يضم أكثر من 300 دمية من دول مختلفة.
أنواع الدمى المتحركة
- عرائس الخيوط (الماريونيت): وهي العرائس التي يتم تحريكها بالخيوط أو الأسلاك من أعلى وتكون أكثر مرونة من غيرها مثل عرائس الأوبريت الشهير: الليلة الكبيرة.
- العرائس القفازية: وهي عرائس صغيرة الحجم يرتديها المُحرك في يده ويقف خلف مسرح مغلق مثل: الأراجوز.
- العرائس التي تتحرك بالعصي: هي امتداد العرائس القفازية فتكون أكبر حجمًا ويتم تحريك فمها ورأسها باليد وتحريك أطرافها بالعصي مثل: عالم سمسم “Sesame Street”.
- عرائس خيال الظل: عبارة عن أشكال مسطحة من الجلد أو خامات رقيقة يتم ضغطها على شاشة مع مصدر ضوء مسلط عليها من الخلف فتظهر ظلالها للمتفرجين.
يمكن أن تكون هذه العرائس على شكل كائنات بشرية أو حيوانات أو نباتات أو حتى أشياء جامدة. وتُصنع العرائس من الخشب أو القماش أو البلاستيك أو الكارتون أو القطن حسب نوعها واستخدامها.
تاريخ الدمى المتحركة في القارات المختلفة
تتنوع أشكال العرائس والدمى باختلاف الثقافات والحضارات التي تمثلها، حيث تُستخدم في الغالب لحكي قصص شعبية وتراثية وتاريخية لهذه الحضارات.
فن الدمى المتحركة في آسيا
تطور مسرح الدمى كثيرًا في قارة آسيا وتنوعت طرق تقديمه في الدول المختلفة. فقد ظهر أولًا في الصين من خلال مسرحيات خيال الظل التي كانت تُقدم في الغالب للأسر الحاكمة ثم أصبحت متاحة للعامة في عهد سلالة سونج عام 960 م. ثم انتشر هذا الفن في دول آسيوية أخرى مثل الهند وتايوان، وإندونيسيا، والفلبين، وميانمار.
عروض الدمى المتحركة في الماء بفيتنام
ظهرت في فيتنام عروض استثنائية للدمى المتحركة في الماء حيث تكون الدمى مصنوعة من الخشب وتظهر كأنها تمشي على الماء بينما يحركها المحركون باستخدام عصي تحت الماء. وظهرت هذه العروض منذ حوالي 700 عام عندما كان يتم غمر حقول الأرز بالمياه.
مسرح البونراكو في اليابان
تعتبر عروض البونراكو في اليابان من أشهر عروض الدمى في آسيا والتي تم استخدامها في البداية في الطقوس الدينية في المعابد. ثم تطورت كتابتها فيما بعد لاستعراض قصص أدبية وروايات لكتاب يابانيين مشهورين مثل: تشيكاماتسو مونزيمون “Chikamatsu Monzaemon” الذي يعتبرونه شكسبير اليابان.
تختلف دمى البونراكو عن بقية الدمى الخشبية من حيث الحجم وطريقة التحريك، حيث تقترب الدمية من حجم الإنسان ويحركها ثلاثة فنانين يرتدون ملابس سوداء لإخفائهم عن أعين الجمهور. ويكون هؤلاء الفنانون مسؤولين عن تحريك أطراف الدمية وفمها وجفنيها وحاجبيها وعينيها حتى تكون تعبيرات وجهها وحركاتها أقرب للحقيقة. تحكي عروض البونراكو قصصًا شعبية عن قصص حب كلاسيكية وأساطير الأبطال الشعبيين وأحداث تاريخية مما جعلها ضمن الكنوز الوطنية الحية في اليابان.
مسرح العرائس الكوري “Kkoktugakshi Nori”
ظهرت عروض العرائس في كوريا في القرن الثامن عشر في عهد مملكة جوسون وقدمها مجموعة من الفنانين اسمها نامسدانج “Namsdang”. وكانت العروض تحكي قصص العامة وتستعرض حياتهم ومجتمعهم ومشاكلهم ويقدمها شخصية رئيسية تدعى Bak Cheomji وكانت العرائس مصنوعة من الخشب.
مسرح العرائس في الهند
تحتضن الهند معظم أنواع الدمى المتحركة المختلفة ولكل منطقة شكل خاص من العرائس التي تلعب دورًا هامًّا في العروض التقليدية الترفيهية في جميع أنحاء البلد. تحكي العروض قصصًا ملحمية وأساطيرًا شهيرة لذلك تكون عروضًا مبهرة ذات مهارات مبتكرة وخلاقة تظهر في اللوحات المرسومة والموسيقى، والرقصات، والدراما، وغيرها. تعتبر عرائس الخيوط هي الأشهر في العروض الهندية لأنها تكون أكثر مرونة عند تقديم الرقصات والحركات المعقدة وتزدهر عروضها في راجستان وتامالي وكارناتاكا وغيرها.
أدرك المعلمون والتربويون أهمية استخدام الدمى المتحركة في توصيل المعلومات لذلك تهتم المؤسسات الهندية بإشراك المعلمين والطلاب في استخدام العرائس لشرح المعلومات بطرق مبسطة.
فن الدمى المتحركة في الشرق الأوسط
كان أول ظهور للدمى المتحركة في الشرق الأوسط من خلال عروض خيال الظل في تركيا خلال القرن السادس عشر. بينما اشتهرت العراق وإيران قبل ذلك بحوالي 500 عامًا بالعرائس القفازية وعرائس الخيوط. انتقل مسرح خيال الظل إلى مصر على يد العراقي ابن دانيال الموصلي الذي عاش في مصر خلال الغزو المغولي. واكتسب من هذه الفترة قدرته على مزج السخرية والتهكم مع الدعابة التي ظهرت في مسرحياته.
عروض الأراجوز “القره قوز”
يعتبر الأراجوز من أشهر عروض العرائس في مصر والشرق والأوسط. وكلمة “قره قوز” كلمة تركية الأصل مكونة من مقطعين: “قره” بمعنى أسود و”قوز” بمعنى عين أي “العين السوداء”.
وسبب التسمية يرجع لـ 3 فرضيات:
- أن العروض كان يقدمها الغجر أصحاب العيون السوداء.
- لأن الأراجوز كان ينتقد الحياة ويشتكي من محنها ومفاجأتها كمن يرتدي نظارة سوداء.
- ويزعم المستشرق ليتمان أن اسم قره قوز هو تحريف لاسم (قراقوش) الذي كان وزيرًا في عصر الأيوبيين واشتر ظلمه وأحكامه الباطلة.
وتكون عروض الأراجوز معتمدة على الحكاوي الشعبية التي تتغير فيها شخصية الأراجوز فيكون لصًا تارة وقاضيًا تارة أخرى وكل قصة تحكي مواقفًا مضحكة وساخرة.
الخلاصة
يعتبر فن الدمى المتحركة وتحريكها من أقدم الفنون التي وثقتها الحضارات القديمة وتطورت في كل ثقافة بشكل مختلف خاصة بين آسيا ودول الشرق الأوسط. للعرائس أنواع مختلفة من حيث الخامات المصنوعة منها وطريقة تحريكها لكن جميعها تُضفي إحساسًا بالبهجة والسرور في نفوس الصغار والكبار معًا. تعددت موضوعات مسرح العرائس في الثقافات المختلفة فكانت تستخدم في الطقوس الدينية واحتفالات الملوك.
ثم أصبحت تُعرض للعامة وتحكي حكاياتهم الشعبية وأساطيرهم بجانب التعبير عن الأوضاع الاجتماعية والسياسية للدولة في قالب كوميدي ساخر. ومع التطور أصبح مسرح العرائس وسيلة تعليمية وتثقيفية في دول مثل اليابان والهند وغيرها لتساعد الطلاب على فهم المعلومات بشكل مبسط وجذاب.
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 47
إليك التاريخ المبهر لمسرح العرائس
link https://ziid.net/?p=99425