القصة الكاملة لتمثال الحرية وأين كان قبل نيويورك؟
وراء هذا الصرح الأثري الكبير قصة شيقة، تعرف عليها.
add تابِعني remove_red_eye 13,690
إذا حالفك الحظ في وقت ما واستطعت السفر لقضاء عطلة أو حتى إنجاز عمل ما في الولايات المتحدة الأمريكية، فلا يفوتك الذهاب إلى مدينة نيويورك الشهيرة ورؤية تمثال الحرية شامخًا هناك. في الحقيقة يُعد تمثال الحرية واحدًا من أبرز المعالم الأمريكية. قد لا يعرف الكثير من الناس أنّ هذا التمثال صناعة فرنسية في الأساس، وأن وراءه قصة سنتعرف عليها الآن.
يمكننا القول إنّ تمثال الحرية كان عبارة عن جهد مشترك بين الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا لتوطيد علاقة الصداقة بين البلدين. ويعود الفضل في نحت وتصميم التمثال إلى رجلين فرنسيين وهما: فريدريك أوغست بارتولدي و ألكسندر جوستاف إيفل. كان فريدريك نحّاتًا فرنسيًّا شهيرًا وعندما طُلب منه نحت التمثال استخدم صفائح من النحاس المطروق، بينما تولّى أمر التصميم المهندس المعماري الفرنسي الشهير إيفل، لكن مهلًا، ألا يُذكرك اسم إيفل بشيءٍ ما؟ أجل إنه هو ذلك الرجل العبقري التي كان وراء صناعة برج إيفل الشهير، الذي يقف شامخًا في فرنسا حتى يومنا هذا. لقد صمم إيفل الهيكل الفولاذي للتمثال.
بعد أن صُمم التمثال، أُرسل إلى الولايات المتحدة، ووُضع على قاعدة تم تصميمها على جزيرة تقع عند خليج نيويورك العلوي وهي جزيرة الحرية. وكان ذلك في عام 1886م في عهد الرئيس الأمريكي جروفر كليفلاند، وفي عام 1986م أتم التمثال عمره المائة، وتكريمًا لهذا الحدث، تم إجراء إصلاحات واسعة النطاق للتمثال. وما زال التمثال واقفًا اليوم في موضعه المعروف، بالرغم من تعاقب الأجيال، إلا أنه شامخ يرمز إلى الحرية والديمقراطية، إضافةً إلى شهرته العالمية كمَعلم أثري.
البداية
في ستينيات القرن التاسع عشر، عاشت الولايات المتحدة الأمريكية في حالة صراع، إذ قامت حرب أهلية استمرت من عام 1861م حتى عام 1865م، وفي عام 1865م ومع اقتراب نهاية الحرب الأهلية، اقترح المؤرخ الفرنسي “إدوارد دي لابولاي” أن تُقدِم فرنسا للولايات المتحدة الأمريكية تمثالًا لتهنئتها على هذا النجاح في نيل الديمقراطية والحرية. وكان الهدف في البداية هو تقديم التمثال في الذكرى المئوية لاستقلال الولايات المتحدة عن بريطانيا، أي في عام 1876م، حيث كان ذلك الاستقلال في عام 1776م. وبالفعل تم الاتفاق مع فريدريك أوغست على عملية النحت، في نفس الوقت اتفقت فرنسا مع الولايات المتحدة على المشروع، وكان على فرنسا بناء التمثال، بينما قام الأمريكيون ببناء الركيزة أو القاعدة التي سيقف عليها التمثال. وكان هذا المشروع بداية لإعلان صداقة البلدين.
حتى يومنا هذا، تحتوي قاعدة التمثال على بعض المعروضات المعبرة عن تاريخ النصب التذكاري، والتي تتضمن الشعلة الأصلية التي نُصب بها التمثال لأول مرة في عام 1886م. في السابق وتحديدًا قبل عام 1916م، كان يُسمح للزوار الصعود إلى شعلة التمثال، لكن في يوم 30 من شهر يوليو من عام 1916م، أحدث أحد الجنود الألمان انفجارًا في جزيرة بلاك توم أثناء الحرب العالمية الأولى، فأصبح الصعود إلى شعلة التمثال ممنوعًا.
لماذا تأخر بناء التمثال؟
كان من المفترض أن يصبح التمثال جاهزًا في عام 1876م، لكن نظرًا لكثرة التكاليف المطلوبة من أجل بناء التمثال، لم يبدأ العمل إلا في عام 1875. وبدأ بارتولدي العمل على التمثال، وأعطاه عنوان “تمثال الحرية يضيء العالم”، كان التمثال يأخذ شكل امرأة تحمل شعلة في يدها اليمنى التي كانت ترفعها للأعلى، وفي يدها اليسرى كانت ممسكة بلوحٍ نُقش عليه 4 يوليو 1776م، وهو يوافق يوم نيل الولايات المتحدة الأمريكية الاستقلال عن بريطانيا (بُنيت اليد اليسرى للتمثال عام 1883م) ويُقال أن بارتولدي قد صمم وجه المرأة على شكل وجه والدته. واستخدم تقنية ريبوس في صناعة جلد التمثال من الصفائح النحاسية، وعن الهيكل العظمي للتمثال فقد لجأ إلى المعماري الشهير إيفل من أجل تصميم هيكل عظمي قوي يواجه الرياح القوية.
رحلة التمثال إلى الولايات المتحدة
كانت تكلفة التمثال للبناء والذهاب إلى الولايات المتحدة باهظة للغاية، لقد استمرت فرنسا في العمل على التمثال، في نفس الوقت كانت الولايات المتحدة تجمع التبرعات من أجل بناء قاعدة للتمثال، واستطاع واحد من الصحفيين المهمين تجميع آخر الأموال المطلوبة من أجل إتمام البناء، وهذا الصحفي هو جوزيف بوليتسر. وأخيرًا، استطاع المعماري الأمريكي ريتشارد موريس إنهاء بناء قاعدة التمثال.
في عام 1885م أنهى بارتولدي نحت التمثال، وأصبح جاهزًا للنقل إلى الولايات المتحدة. بالطبع لم يُنقل التمثال على حاله، لقد تم تفكيكه إلى قطع أصغر وتمت تعبئته في ما يزيد عن (200) صندوق وشُحن إلى الولايات المتحدة الأمريكية. وصل التمثال إلى أرضه الجديدة في يونيو عام 1885م بعد أن استغرق أربعة أشهر في رحلة النقل. وبعد وصوله مباشرةً، بدأ العمال في تجميعه على قاعدة التمثال الذي بلغ ارتفاعه حوالي (93) مترًا. وافتُتح التمثال في يوم 28 أكتوبر عام 1886م أمام الجماهير، وقد افتتحه الرئيس الأمريكي الأسبق جروفر كليفلاند.
تمثال الحرية وجزيرة إليس
بين عامي 1892م وعام 1954م، فتحت الولايات المتحدة الأمريكية الباب أمام المهاجرين ليأتوا إلى جزيرة إليس، وهي تقع بالقرب من خليج نيويورك العلوي، وكان تمثال الحرية شامخًا بالقرب من هناك في مشهد مهيب، رافعًا الشعلة التي توحي بالحربة والديمقراطية، وكأنه يُرحب بالمهاجرين إلى الولايات المتحدة، مُعطيًا إياهم وعدًا بالحصول على الحرية والديمقراطية في هذه البلاد.
تمثال الحرية على مر السنين
منذ أن افتُتح التمثال وحتى عام 1901م، كانت تساعد شعلة التمثال في الإضاءة للملاحة البحرية. وفي عام 1924م، أصبح تمثال الحرية نُصُبًا وطنيًّا. وفي عام 1933م، أصبح التمثال تحت رعاية دائرة خدمات الحدائق الوطنية. في عام 1956م، أصبح اسم الجزيرة هو جزيرة الحرية. وفي عام 1965م، أصبحت جزيرة إليس ضمن نُصُب التمثال. أما عن لون التمثال، فقد تكون مفاجأة للبعض أنه لم يكن بهذا اللون الأخضر المميز عند صنعه، وإنما تكوّن هذا اللون نتيجة أكسدة الجلد النحاسي للتمثال بفعل الأمطار والرياح على مر الزمان. في عام 1984م، أُغلق التمثال أمام الجماهير من أجل الترميم، وأُعيد افتتاحه في 5 يوليو عام 1986م من جديد للاحتفال بالذكرى المئوية لافتتاحه على الأراضي الأمريكية. بعد أحداث 11 سبتمبر الشهيرة في عام 2001م، أُغلقت جزيرة الحرية لمدة (100) يوم، وفي أغسطس 2004م، افتُتح التمثال من جديد أمام الزوار. في يوليو 2009م، أُعيد افتتاح تاج التمثال للزوار، لكن يتطلب الأمر حجزًا قبل الصعود إلى الأعلى.
add تابِعني remove_red_eye 13,690
link https://ziid.net/?p=77962