الفيلم الإماراتي “كيمرة” يخبرك كيف قتل الفضول القط!

“الفضول قتل القطة” مثل إنجليزي يقابله أيضًا مثل: “الفضول قتل قطة وذبح عجوزًا” وتتعدد الروايات حول قصة المثل، وهنالك مثل قديم في الجزيرة العربية “الفضول قتل عجوز” ويحكي المثل العربي قصة عجوز شاهد مجموعة يدخلون إلى مبنى فدخل معهم وكانت هذه المجموعة محكوم عليها بالإعدام، فقتل.

والفيلم الإماراتي “كيمرة” يخبرنا تقريبًا ماذا يفعل الفضول بأصحابه.

قصة فيلم كيمره – 2017

يحكي هذا الفيلم قصة أربعة شباب خرجوا في رحلة برية ومن خلال سماعهم لصوت رجل يصرخ كانت البداية، ذهبوا يبحثون عن مصدر الصوت إلى أن وجدوا عصابة لتهريب المخدرات -أشبه بالمافيا- تعذب هذا الرجل بطريقة وحشية تفزعهم فتسقط حجرة من الجبل الذي يختبئون خلفه ومعهم تلك الكاميرا التي يوثقون فيها رحلتهم بالإضافة إلى توثيقهم لهذا المشهد الرهيب لتبدأ العصابة بمطاردتهم للحصول على الكاميرا التي بحوزتهم. فتكتب نهايته!

إلا أن الكاميرا سقطت في رمال الصحراء عند ذبحهم دون أن تصل لها العصابة فتكون هي دليل الإدانة والتعرف على أعضاء هذه العصابة الذين قتلوا الشباب الأربعة.

الفيلم من إخراج وتأليف “عبدالله الجنيبي” وهو ممثل أيضًا له خبرة أكثر من (20) سنة في مجال الفن، الفيلم يعتبر من “السينما النظيفة” ولكن من الأفضل عدم مشاهدته مع الأطفال بسبب مشاهد الدم والقتل البشع من قبل المجرمين.

[لماذا يجب على أطفالي عدم مشاهدة أفلام الرعب؟]
يقدم الفيلم نصيحة ودرس لكل من يقع في موقف مماثل بأن يفر فراره من الأسد، ويتعلم من أخطاء غيره، وربما هذا ما فعله سائق السيارة الجيب في الفيلم الذي صادف الشاب الرابع والعصابة في طريقها لقتله وهو يصرخ ملطخًا بالدماء يطلب منه التوقف، ويذكر “منصور المقرن” المؤلف في الفضول أنه جاء في قول لابن القيم :

“فالحوادث العظام إنما كلها من فضول النظر”

فكم نظرة أعقبت حسرات لا حسرة، كما قال الشاعر :

كل الحوادث مبدأها من النظر ***ومعظم النار من مستصغر الشرر”

هل الفضول كله سلبيّ أم أن هنالك فضولًا إيجابيًّا؟

أحيانًا يدفعنا الفضول لتجريب أشياء جديدة للبحث عن أماكن وعن شعوب وهو ما يعرف بفضول المسافر. وهنالك فضول القارئ الذي يريد أن يعرف أكثر.

والكثير من الأمور يكون دافعها فضول ولكن كيف نُسخر هذا الفضول إلى ما هو ايجابي؟ إليكِ سر ذلك: من يجد في نفسه فضولًا في معرفة أخبار الناس مثلًا فليتجه إلى الفضول في معرفة سير الرجال وتراجم العلماء ربما هذا سيكون نفعه له وللأمة إذا تم تسخير ذلك بشكل علمي. أو أن تتحول إلى مهنة يرزق منها مثل الإشراف والمتابعة في المدارس ومراكز الأنشطة. فمن الممكن أن نحول ونبدل الطبع المذموم إلى محمود من خلال الاستخدام الأمثل والأفضل.

وعن الفضول الإيجابي أو الواعي جاء في كتاب “الفضول”  لـ “عاطف خوجه وعلي أبو الحسن”:

“إن الإنسان الفضولي إنسان حي وإحيائي من الطراز الأول فهو شغوف بالمجهول أكثر من المعلوم وملتهب بالبحث ومشتعل بحب الاستطلاع بلا انطفاء.. فالفضول يحيي الإنسان ويحفزه للإحياء بنشر طاقة الفضول لمن حوله، فالفضوليون يبحرون في بحار المعرفة لفهمها والتمكن منها ثم نشرها وتمكين الآخرين”

كل هذا يتحدث عن الفضول بإيجابية.. في حين نرى وجهين من الفضول يذكرهما “البرتو مانغويل” في كتابه “الفضول” معرِّفًا الفضول بأنه فن طرح الأسئلة. وفي نفس الوقت ما الذي يجوز لي معرفته وما الذي لا يجوز ولماذا؟ وبماذا؟ وبمن؟ لكي نعي ما نسأل عنه.

[كيف ترد على الأسئلة الشخصية الفضولية بطريقة مثالية؟]

فالفضول هو المحرك الرئيسي لرغبتنا في معرفة الأشياء، وُلِد مع الإنسان الأول واستمر كدافع لاستمرارية الحياة، وهو ليس حكرًا على الكائن الإنساني إلا أنه يبقى الأكثر فضولاً ورغبة في الاستقصاء بين كل الكائنات. فهنالك الكثير من العلماء والفنانين الذين نجحوا بسبب فضولهم. كما أن الفضول قد يكون أقوى من الخوف عند البعض.

ويشير في كتابه إلى الفرق بين مفهوم الفضولي والمتطفل. ويرى أن هناك قدرًا معينًا من الفضول المشروع أما الإفراط فيستوجب العقاب لتجاوزه حدود الفضول المسموح به كما أنه يؤدي إلى الموت والموت المأساوي، الذي يشبه موت الشباب الأربعة في “كيمرة” قيل: الفضول يمكن أن يدخل الإنسان في العديد من المناطق المحظورة

وأخيرًا، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:

((مِن حُسن إسلام المرء: تركه ما لا يعنيه))

فأنت أعلم بالحد الفاصل بين فضولك الإيجابي أو السلبي المأساوي، واستفتِ قلبك.