كيف يخطو الكاتب نحو العالمية؟

يحلم الكثيرون بأن يكونوا من المشاهير وأن يُعرفوا في كل مكان،  لكن القليل منا يحلم بالعالمية وأن يكون مخلداً بالتاريخ. هناك فرق بين الشهرة والعالمية .الشهرة؛ انتشار الاسم لفترة زمنية معينة قد تكون قصيرة كأسابيع أو تمتد لعقد أو عقدين، وهذا يكثُر بعالم الأضواء. أما العالمية؛ هي انتشار الاسم ليتخطى الزمان والمكان، ويخلّد الاسم في كتب التاريخ، وهذا لا يكون إلا للمبدعين. 

هل يحصل الكاتب على الشهرة أم العالمية؟ يحصل الكاتب على الاثنتين وقد يحصل على واحدة فقط، كيف ذلك؟ عندما يريد الكاتب الشهرة بالتأكيد سيكتب، لكن سيكتب فقط ما تريده فئة معينة من البشر، وهي التي تمنح الكاتب اسمًا بالاعتماد على الدعاية والترويج. أما عندما يريد الكاتب العالمية، فهو يكتب للمجتمع كامل، يكتب ليجعل المجتمع على وعي وثقافة ودراية بكل تطور. وهذا النوع من الكتّاب نجدهم يحصلون على البوليترز أو نوبل.

أما عندما يكتب الكاتب ويحصل على الاثنتين، فهذا نطاق آخر. سيعاني الكاتب أيما عناء، سيتحدى نفسه قبل أي شخص آخر، فهو يكتب ويصرخ ليعلو صوت كلماته فوق كل الآذان الصامة، سيسجل تاريخ الشعوب ويدونه وكذلك سيكون رافعاً للواء الكتابة الحرة. من كانوا عالميين من الكتّاب والمفكرين هم من سجلهم التاريخ عبر العصور كمجددين ودعاة وفلاسفة وأدباء مثل أرسطو، شكسبير، أفلاطون، الغزالي، السيوطي،، وغيرهم.

الخطوات نحو العالمية

بالتأكيد لا شك أنك سترهق نفسك (فما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا)،  هذه هي الحقيقة؛ لتصل إلى هذه المرتبة سترهق نفسك ولن تعرف حدود الراحة، فقد كان أئمة الإسلام من سلفنا الصالح وطالبو المعرفة في القرون الأولى يسافرون بالشهور ليقابلوا أستاذا واحدا ليتلقوا منه العلم. منهم من سافر من الشام إلى مصر، ومنهم من سافر من مصر إلى بغداد، ومنهم من سافر من الجزيرة إلى الأندلس، ومنهم من سافر من بخارى بآسيا إلى الجزيرة العربية. لتصبح كاتبا عالميا، اتبع هذه النصائح:

zoom_out_map

المعرفة 

لتحصل على العالمية يجب أن تكون على معرفة بأحوال بلدك وما يستجد بها من أحداث، فهي مصدر  لا ينضب لأعمالك.

الثقافة والاطلاع

لتصل لما تريد، يجب أن تكون على قدر لا بأس به من الثقافة التي تعني معرفتك بفن التحاور وقضايا الرأي والشارع، وأن تكون على اطلاع بعالم العلوم والفنون والآداب. فليس معني أنك لست رساما أن تبتعد عن عالم الفنون التشكيلية، بل كونك كاتبا يعني ضرورة معرفتك بمعلومات عن كل مجال تقع عيناك عليه، فإنك لا تعرف متى تكون تلك المعلومات مصدرا لكتابك الجديد.

التعلم

لا تفكر كثيراً؛ الكلمة صحيحة ستتعلم كل يوم أياً تكن طموحاتك ومهما يكن تخصصك. إذا كنت تكتب بالقلم والورقة، ستتعلم أن تكتب بلوحة المفاتيح، وإذا كنت قارئا للمجلات والجرائد الورقية، ستتعلم أن تقرأ بالسوشيال ميديا، وإذا كنت تبحث عن حبكة لطبيب؛ ستبحث وتتعلم عن العلوم الطبية، ببساطة بالغة “الكاتب هو طالب معرفة طوال حياته”.

التطوير

دائماً، ابحث عما تستطيع أن تطور به كتابتك وأسلوبك وتدرب عليه، ستُطور من نفسك من الداخل قبل الخارج. اليوم، أصبحت دورات التنمية البشرية وتطوير الذات من المجالات الشائعة في العالم كله للتقدم في المسار المهني، لكن هناك جدوى أخرى لها عند الكاتب، فهو يعيد اكتشاف نفسه من جديد من خلالها، ويفتح لعقله آفاقا جديدة، تزيل الرواسب الثابتة من فكره القديم لتجعله يعيد التفكير بحياة جديدة.

التقمص

الكاتب المميز يتقمص هو نفسه شخصيات الأحداث، يفكر مثلها، يتحرك مثلها، أذكر عندما كنت أكتب كتابا لي منذ عام، كنت أسير بالشارع وأنا أفكر ماذا سيفعل كل شخص في العمل لو كان بجواري الآن، كنت أخاف أن يلاحظ أحد أني أتحدث مع نفسي بالشارع ويظنني مجنونة؛ فقد كنت أقوم بالفعل بنسج حوار شخصيتين وكانت ملامح وجهي تتقلص وتنبسط تبعاً للحوار الدائر من فرح لحزن أو تذمر، عندما نصبح جزءا من الشخصية سنجد أننا عندما نمسك بالقلم تأتي الأحداث تباعاً بطريقة تلقائية.

فن الرد

عندما تريد أن تكون من الشخصيات التي تُسجل بالتاريخ، ستتعلم فن الرد، الرد ليس مجرد كلمات تُقال، بل هي فكرة كاملة تريد بها ترسيخ وجودك بداخل المجتمع “عندما تريد أن تعرف شخص راقبه وهو صامت واستمع إليه عندما يتحدث”.

القراءة

أكثر ما أتعجب له عندما أقابل أحدا ويقول إنه كاتب ويقول لي لا أقرأ ولا أحب القراءة، هنا أتساءل كيف يقوم بتكوين قاموس مصطلحاته، كيف يعرف ويفرّق بين كل أسلوب أدبي، القراءة تجعلنا نقادا لأنفسنا قبل غيرنا، ستتعلم من أخطاء غيرك وتتجنبها، الكاتب قارئ قبل أن يكون كاتبا.

المثابرة

أهم ما يجب أن يتميز به الكاتب الذي يبحث عن  العالمية هو المثابرة على العمل والكتابة والتعلم والمثابرة. فللأسف الشائعة صحيحة (أكثر من يصابون من المبدعين بالاكتئاب هم الكُتاب) نظرا للعوالم المضطربة والأكوان المشتعلة التي تضج بها دواخلهم، فهم قد ينغلقون على أنفسهم بالأيام لمجرد أن فكرة جاءت لعقولهم ويقومون بترجمتها على الورق، وقد تستمر العزلة لساعات أو أيام أو سنوات.

كانت تلك بعض الخطوات التي تمنحك طريقا لتكون كاتبا عالميا وتسجيل اسمك بجوار العظماء وفي كتب الخالدين، فهم بشر قد رحلوا عن عالمنا ولكن مازالت أسماؤهم تعلمنا وتأخذ بيدنا للتقدم.