هيدي لامار والوجه الآخر للجمال
الكثير منا يعرفون الوجه الجميل ذو الملامح الحادة والمنحوتة بروعة، لكن القليل من يرى ما خلف هذا الوجه.. هيدي لامار أكبر من وجه جميل
add تابِعني remove_red_eye 61,969
حينما تعرفت إلي هيدي لامار (واسمها الحقيقي: هيدويغ إيفا ماريا كيزلر) أول مرة، لم يكن عن طريق فيلم من أفلامها وإنما عن طريق مقولتها الشهيرة والمثيرة للجدل
(الرجال يكونون الأكثر رجولة وجاذبية ما بين سِنّ الخامس والثلاثين، والخامس والخمسين، أما دون الخامس والثلاثين فهم بحاجة للكثير لتعلمه وأنا ليس لدي الوقت الكافي للتعليم)
جذب انتباهي مقولتها تلك ، وحُفِر اسمها في ذاكرتي، منذ ذلك الحين، وقررت أن أنقب عنها، وأن أعرف ما وراء تلك السيدة.
لقد ظننت لأيام طوال أنها ربما عملت كجاسوسة أو أنها تحمل سرًّا كبيرًا، والحقيقة أنني دهشت حينما عرفت أن تلك الممثلة هي في الأصل مخترعة، لا وجه جميل فقط، وأن ذلك الفتى الذي سبَّها ذلك اليوم كان يستفيد من اختراعها دون أن يعرف ذلك.
أحببتها جدًّا على الرغم من أنني لم أعرف عنها شيء فقط لأنها كسرت الاعتقاد القائل بأن المرأة الجميلة لا تحمل أيّ قدر من الذكاء.
ميلاد العبقرية
ولدت “هيدويغ كيسلر” في نوفمبر 1914 لعائلة ثرية في النمسا، كانت تدين عائلتها باليهودية بل أن الوالدين كانا ملتزمين بدينهما جدًّا، تحكي لامار في تسجيل لها لصالح مجلة فوربس أن والدتها لم ترد إنجابها بل أرادت أن تنجب ولدًا تسميه جورج.
تلقت تعليمها في مدرسة خاصة، كما تم تدريبها على الرقص والبيانو، ظهرت علامات نبوغها مبكرًا حيث فككت لعبتها التي تصدر موسيقى إلى أجزاء ثم أعادت تركيبها مجددًا. كان لوالدها بالغ الأثر في تركيب شخصيتها، فقد كان يحكي لها أثناء التمشية معًا كيف تعمل الأشياء. كما أنه أخبرها دائمًا عن الاستقلالية تقول “لامار”
(أفهمني والدي أنه علي أن أتخذ القرارات الخاصة بي، وأشكل شخصيتي الخاصة بي، وأفكر أفكاري الخاصة)
لقد بلور في وعيها مبكًرا أهمية الاستقلالية.
ندبة سوداء في التاريخ
في عام (1933م) أطلق أول أفلامها، وندبتها السوداء إلى الأبد، حيث أنه -والدها- لم ينسى أبدًا فيلمها، الذي أثار جدلًا كبير، حتى أنها وصفت ردة فعله بأنه أراد أن يقتلها حينما عادت إليهم بعد تمثيل الفيلم، وبعدها مباشرةً أرادت أن تنتقم من الجميع، حيث قامت ببطولة المسرحية الغنائية باسم (إليزابيث أوف أوستريا) وحققت نجاحًا باهرًا على المسرح، حتى إن والدها بكى أثناء تحية الجمهور.
في تلك الأثناء أصبحت شهرتها واسعة في البلاد فتزوجت من رجل يدعى “فريتس ماندل”، كان يعمل تاجرًا للسلاح، حاول أن يجمع كل أشرطة الفيلم الوحيد لها لكنه لم يفلح، كان يكبرها سنًّا وتزوجها من أجل أن تصبح قطعة الزينة التي يفتخر بها أمام ضيوفه، في النهاية ضاقت بهذا ذرعًا وهربت من منزله.
- تعرفوا على ملهمات لم يمنعهن الحجاب من التفوق
- قصة مقبرة الخواجات التي تضم قتلى الغزو البرتغالي على مكة
الصعود إلى نورماندي (نحو هوليود)
حينما كانت في إنجلترا ذهبت إلى السينما، وفي بداية الفيلم ظهر شعار الأسد الذي يزأر قبل بداية الفيلم شعار شركة (مترو جولدن ماير) فأخبرت أصدقاءها أنها ستعمل هنا، لم يَمْضِ زمنٌ طويل حتى وجدت الفرصة السانحة والتقت بمدير الشركة آنذاك عرض عليها أجرا (125) دولارًا في الأسبوع فرفضت، الأمر الذي كان لافتًا، فمن يمكنه رفض الظهور مع مترو جولدن ماير!
وحينما علمت بسفره حجزت مقعدًا على النورماندي وظهرت بإطلاله خلابة، جعلت “لويس بي ماير” يعرض عليها العمل مجددًا ورفع العرض إلى 500$ في الأسبوع، عدّلت اسمها -باقتراح من زوجة ماير- ليُصبح “هيدي لامار”. ظهرت بادئ الأمر في فيلم (algiers-الجزائر) ولكن لم يصعد نجمها إلا في فيلم (Boom Town) أثناء تصوير هذا الفيلم كانت تعمل على اختراعها الأول.
اختراع فاشل
حينما تعرفت “هيدي لامار” إلى “هاورد هيوز” أخبرته أن لديها فكرة اختراع تمكن الجميع من تناول الكولا، كان الاختراع هو مكعبات الكولا التي يمكن إذابتها في الماء، سخّر “هاورد هيوز” كل إمكانياته لصالحها، ومع ذلك فشل هذا الاختراع لاختلاف طبيعة المياه من مدينة لأخرى فقد كان أحيانًا يفور علي السطح وأحيانًا أخرى يذوب في القاع. كان “هاورد هيوز” مصمم طائرات بارع، ولكن طائرته كانت بطيئة بسبب الأجنحة المربعة، ساعدته “هيدي لامار” عن طريق اقتراح تطوير أجنحة الطائرات لشكل يشبه أجنحة الطيور.
محاولة صنع أي شيء
في صيف (1940م) دمرت سفينة أمريكية تحمل الأطفال بالطرابيد الألمانية، مات كل من عليها بما فيهم (83) طفل. كما تقول لامار
(لم أفعل شيئًا واحدًا من قبل أن يحركني غضب داخلي للقيام بشيء آخر)
فبينما كانت انطلقت مسيرتها بالفعل لتصبح نجمة عالمية، رأت أبرياء يقتلون على يد أشخاص يتحدثون لغتها الأم، حينها قررت القيام بشيء.
حينها اتحدت مع صديقها “جورج انثيل”والذي أيضًا كان يسعى للثأر فأخوه الأصغر “هنري” قد قتل في انفجار طائرة على أيدي السوفيتين فأصبح بذلك أول أمريكي يسقط قتيلًا في الحرب العالمية الثانية، كان “انثيل” مؤلف موسيقي اشتهر بمقطوعته التي ألفها في باريس وأسماها البالية الميكانيكي، وهي مقطوعة يعزفها (16) بيانو بالتزامن مع بعضها البعض. وبعد الكثير من البحث المضني لساعات طويلة، تمكَّنَا من اختراع القفز الترددي.
تقدما بطلب للحصول على براءة اختراع في عام (1941م)، وقد أرسلا خططهما الطموحة إلى واشنطن للمجلس الوطني للمخترعين، ولكن الهجوم على بيرل هاربر، جعل البحرية الأمريكية تفضل عدم استخدام نظام التردد اللاسلكي، أو تجريب أي نوع آخر، وكان “انثيل” يحكي القصة ويقول
(إن ضابطًا من ضباط البحرية ألقى الأوراق باستهزاء وقال هل تريد مني أن أضع بيانو في طوربيد؟! اخرج من هنا!)
وجَّهُوا جهود “لامار” لجمع الأموال لصالح الحرب، وفي عام (1942م) رفض اختراعها لوصفه بملكية أجنبية لعدو. تقول “لامار” :
وحينما كنت أجمع لهم الأموال لم أكن مواطنة أجنبية.
الصعود نحو النهاية
بدأت “هيدي لامار” بإنتاج أفلامها بنفسها لم يرحب النظام بذلك، ولكن على الرغم من كل هذا آمنت بنفسها. أخيرًا كوَّنت لامار عائلة، تزوجت من البريطاني “جون لودر”، وأنجبت منه ابنا وابنة، ولكنها شعرت بالضجر لم يكونا متوافقين فانتهت إلى الطلاق في نهاية الأمر. في عام (1949م) مثَّلت فيلم (samson and delilah) وأصبح أشهر وأنجح أفلامها، وعقب نجاحها فيه أنتجت الفيلم الخاص بها (loves of three queens) لكنه فشل فيلمها هذا فشلًا ذريعًا، وحينها خسرت جميع أموالها.
5 سيدات أثّرن في نظرة العالم للمرأة
تكريم متأخر
بعد ذلك ارتبطت بأحد رجال الأعمال ولكن سرعان ما تدهور الزواج مرة أخرى، أصبحت حياتها تتسم بالعبثية والحزن، شاركت في أعمال دون مستواها، وخضعت لعمليات التجميل في سن الأربعين، قال عنها طبيبها إنها مبتكرة حتى في ذلك المجال، ثم بعد ذلك تراجع كل شيء أصبحت تقوم بعمليات التجميل من إجل إصلاح العمليات الفائتة، الناس حكموا عليه من خلال وجهها فقط وتناسوا أن العمر أقوى من الجميع، أدينت في سرقة من متجر وحينها تمت تبرأتها لأنها وصفت الأمر بسوء التفاهم ودفع ثمن البضائع، قال الناس إنه نوع من الاضطراب العقلي، وتحدثت عن هذا الأمر ابنتها في الفيلم الوثائقي (bombshell) قائلة: إن الإنسان يلجأ إلى تفريغ الضغط بعدة طرق.
لم تتلقَ “هيدي لامار” مقابلًا ماديًّا لبراءة اختراعها، ولكنها تلقت رسالة من قبل (رومولد سيبور مارتشوك) الذي صمَّم طافية السونار أول تطبيق لتقنية التردد القافز. كما حصلت على جائزة مؤسسة الجبهة الإلكترونية للرواد عام (1997م) وتوفيت بعدها في مطلع عام (2000م).
كانت فكرة قفز الترددات طفرة في عالم الاتصالات وتعد الأساس الذي ترتب عليه تقنية البلوتوث، والواي فاي، ونظام تحديد الموقع (GPS) أرادت “لامار” كتابة قصة حياتها ليعرف الناس حياتها الأخرى، التي ليست هي هوليوود فحسب، لكنها لم تتمكن من ذلك وكم تألمت لأن الناس لم يروا فيها سوى وجهًا جميلًا.
add تابِعني remove_red_eye 61,969
مقال مثير حول حياة هيدي لامار التي لا يعرفها إلا القليلون
link https://ziid.net/?p=55232