للجميلات فقط!! نعم تواجه الجميلات المشكلات أيضًا
قم يا رجل فأمسك عليك زوجك، فليس على الحب تبنى البيوت.
add تابِعني remove_red_eye 464
يقول الأستاذ عبد المنعم الجداوي إنه أحصى خمس زيجات لملكات جمال في القاهرة والإسكندرية، فشلن من ست، ووضعت المحاكم اللحن الختامي في قصص زواجهن، وإنه ذهب بهذه الحصيلة إلى الدكتور عادل صادق، أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس آنذاك، وطلب منه الجواب العلمي لسوء حظ الجميلات في الزواج، فأجابه الدكتور بقوله:
إن الجمال الذي يتجاوز الحد يفقد الأنثى توازنها النفسي، كما أن كثرة المعجبين الذين يطرون جمالها، ويلاحقونها بعبارات الإعجاب، أينما كانت وحيثما حلت، والغواني يغرهن الثناء، كل ذلك يجعلها حتى لو كانت تتزوج من مليونير له جمال نجوم السينما، تراه غير جدير بها أو كفء لفاتنة الدنيا، وحسناء الزمان. ومن هذا المنطلق، وقد يحدث ذلك دون قصد منها، تبدأ في الإساءة إلى زوجها، في الوقت الذي يكون هو فيه قد ملَّ هذا الجمال، الذي تحول إلى مصدر إذلال له، وكان يريده مصدرًا للمتعة والاستمتاع، وهكذا يقدم على طلاقها دون أي شعور بالندم!
من أسباب الطلاق
هكذا افتتح الجداوي كتابه “الجميلات يذهبن إلى المحكمة”، الذي عرض فيه مجموعة من قضايا الطلاق والنفقة، اختارها عشوائيا، دون أن يزعم أنها جمعت كل أنواع أسباب الطلاق، وكان قد ذكر منها: تدخل الأهل والأقرباء، العامل الاقتصادي وعمل المرأة خارج البيت والطمع في راتبها، الفارق العمري بين الزوجين والشك من أحدهما تجاه الآخر، الخيانة، والتعدد.
حب البيت يضمن بقاءه
لكنه يرى أن الأسباب التي عرضها أصحاب القضايا من أزواج وزوجات كلها أو معظمها لا تستحق أن يهدم البيت من أجلها. لأن أكبر المشاكل التي تعترض سبيل الزواج يمكن أن تحل بين الزوجين، إذا كانت رغبتهما خالصة في الحل السلمي، وذلك لا يتأتى إلا بحب البيت الذي يضمهما، واستعدادهما للتضحية في سبيله، ولا يكفي حب أحدهما للآخر، فالحب المادي بمفهومه الحسي والجنسي ليس هو الحب الذي يضمن بقاء البيت، بل حب البيت هو الضامن.
موقف سيدنا عمر
ويستشهد المؤلف لذلك بموقف سيدنا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- مع رجل قال له: يا أمير المؤمنين، أريد أن أطلق زوجتي أم أولادي، لأنني اكتشفت أنني لم أعد أحمل لها حبًّا!! وسكت الفاروق طويلًا، ثم صب كل نظراته على الرجل وقال له: أليست مربية لأولادك؟ غسالة لثيابك؟ طاهية لطعامك؟ حافظة لغيابك وأسرارك؟ قال الرجل: نعم يا أمير المؤمنين. فقال له عمر: قم يا رجل فأمسك عليك زوجك، فليس على الحب تُبنى البيوت.
تحيز المؤلف للجميلات
فهو يرى دائمًا أن الرجال هم الذين يملكون إرادة الفراق، أما الزوجات فكثيرًا ما يتشبثن بحطام البيت (ص12)، “والحقيقة أن الرجل أكثر جرأة في هذا المجال من المرأة” (ص84). لكنه ينصفهم بقوله: “ولست أدين كل الآباء الذين قضى حظهم التعس أن يكونوا طرفًا في قضية النفقة، فهم يعطون ولكن الأمهات يرفضن إلا الذهاب للمحكمة كنوع من الانتقام والتشفي” (ص81).
صدر الكتاب قبل حوالي ثلث قرن من الزمان، وبالتحديد عام 1988م عن دار الهلال بالقاهرة، وقد عرضت له قديمًا في إحدى الصحف، فيما أذكر، ثم فقدت المقالة. وهو ذو حجم صغير في 178 صفحة.
من وحي الكتاب
وإنما ذكرني به اليوم حوار جرى بيني وبين قريبة لي تم التطرق فيه إلى “أم جميلة” التي هجرت زوجها إلى بيت صديقتها “جليلة” المطلقة، وظلت تذمه أمامها صباح مساء، وادَّعت أنه طلقها عدة مرات، وذهبت إلى المحكمة تشكوه وأعانها في ذلك صديقات أخريات تبرعن لها بالمال وبتوكيل محام للدفاع عنها أو الحصول على ورقة الطلاق. بينما زوجها يأبى تسريحها، ويسعى إلى الصلح، ويحذرها من صويحباتها دون جدوى.
وبعد ثلاثة أشهر تغير الأمر مئة وثمانين درجة، إذ بدأت فجأة تمدحه وتذم نفسها الأمارة، نادمة على معاملتها له بقسوة ودون احترام، وبدأت تميل إلى الصلح وتسعى إليه. فتعجبت مضيفتها “جليلة” من سلوكها الجديد، لكنها عللت ذلك باحتمال أن تكون قد شفيت من سحر أو عين أصابتها، حيث كانت تداوم على تلاوة القرآن وسورة البقرة بالذات كل يوم طوال تلك الأشهر. وفي رأي محاورتي أن ذلك كله إنما هو حيلة لجأت إليها لتأديب زوجها.
ولم أقتنع بهذا الرأي، لأن الذي يلجأ إلى الحيلة من كان في موقف ضعف، وهذه كانت قوية بما يكفي لأن يعاملها زوجها معاملة حسنة، ويخطب ودها ويسعى للصلح معها، ولو من أجل خاطر الأولاد والبيت، فكيف تؤدب من هو مؤدب معها أصلًا؟!
– أهي جميلة؟
– لماذا تسأل؟ هل تفكر في الزواج منها؟
– كلا، إنما تذكرت كتابًا قرأته قديمًا… يقول فيه المؤلف إن الجميلات يغرهن جمالهن فيسعين إلى معاملة أزواجهن بوصفهم لا يستحقون ذلك الجمال.
– إن الناس في نظري كلهم جميل، أليس الله خلقهم في أحسن تقويم؟!
– بلى، ولكني أتحدث عن المقاييس السائدة عن الجمال، ولعل (أم جميلة) إذا كانت جميلة بحسب هذه المقاييس، فقد تكون على شاكلة الجميلات الوارد ذكرهن في الكتاب المذكور.
– هي لجأت إلى عملية تجميل، ولكنها لم تصبح أجمل من السابق، كما تقول صاحبتها “جليلة” التي تعرفها من سنين عديدة.
– إن اللجوء إلى عملية تجميل قد يكون دليل نقص أو شعور بالنقص، وهذا يرجح أن سوء معاملتها لزوجها إنما كان بسبب رفيقات السوء أو اللاتي يجهلن حقيقتها، أو بسبب مرض نفسي/ عصبي ألمَّ بها، وبذلك تضاف أسباب أخرى للجوء الجميلات إلى المحكمة غير التي وردت في الكتاب، أو تعزز هذه الأسباب إن كانت وردت فيه.
ولم تنته القصة الغامضة، ولا الحوار حولها، وإنما هي إشارات إلى ما جعلني أعود إلى كتاب قديم وضع على رف الذكريات. وحين عدت إليه، في موقعه المعروف مع أمثاله في الحجم، وجدت نصف ورقة كتبتُ فيها:
شعور المغرورة بجمالها
“ويكتفي المؤلف بهذا الجواب.. ولكن ما هو شعور الجميلة المغرورة بعد طلاقها؟ ربما تبدأ رحلة طويلة من الندم قد لا تنتهي، وقد تلوكها الألسنة فتكره نفسها وتشقى بجمالها الفتان، وتصرخ قائلة كما عبر عنها الشاعر المهجري إيليا أبو ماضي:
“وقالت الحسناء يا خالقي، وهبتني الحسن فأشقيتني
وجهي سنيّ مشرق إنما، مَرْعى عيون الخلق وجهي السني
حظي فيه حظ ورد الربى، من عطره الفواح والسوسنِ
كم ريبة دبت إلى مضجعي، مع الجمال الرائع الممكنِ
إن عشقت نفسي فويل لها، والويل لي إن رجل يحبني
السم والشوك وجمر الغضا، أهون من كاشحة الألسنِ
كم تقتفيني نظرات الخنا، ويلي من خائنة الأعينِ
لم يبق في روحي من موضع، يا رب لم يخدش ولم يطعن”.
أواه، ألهذا الحد يشقي الجمال صاحبه، كما يشقي الآخرين؟!!”.
انتهى ما في الورقة النصفية، التي تنتمي إلى صفحة “أنا والقراءة” من صفحات ذكرياتي. وكل شخص له ذكريات مع كتاب ما أو عدة كتب قرأها في ماضي سنوات حياته.
تصبحون على حب وجمال وسلام.
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 464
عرض لكتاب شيق عن الجميلات اللواتي يذهبن إلى المحكمة، وحوار من وحيه على الهامش
link https://ziid.net/?p=96435