من المرأة التي حاربت الإمبراطورية الرومانية؟

لم تكن زنوبيا تحلم فقط بأن تكون ملكة لتدمر، ولكنها كانت تحلم بأن تكون إمبراطورة لروما، فتشبهت بالقياصرة في كل مظاهر حكمها

الاء سعيد حسن

تابِعني 14,432

لا تفضيل

94 قارئ

المحتوى

مَنْ زنوبيا؟
زنوبيا تصبح ملكة تدمر
توتر العلاقات بين زنوبيا والإمبراطورية الرومانية
نهاية زنوبيا
إليك أيضًا

سيطرت الإمبراطورية الرومانية عندما كانت القوة العظمي في العالم على معظم بلدان العالم، لتصبح هذه البلدان ولايات تابعة للإمبراطورية الرومانية المترامية الأطراف، وكانت تعين على كل بلد من هذه البلاد الولاة، على أن يكونوا تابعين لروما، وكانت مملكة تدمر ضمن هذه البلدان التابعة لروما، فقام الإمبراطور الروماني بتعين رجل يدعى أذينة على تدمر، وكان مخلصًا للرومان.

بل وعندما حاول الفرس انتزاع ممتلكات الإمبراطورية الرومانية في الشرق قام أذينة ملك تدمر بالتصدي للفرس، واستعاد المملكة الشرقية لصالح روما، فكافأه الإمبراطور الروماني وأعطاه لقب رئيس الشرق، أي أن أذينة أصبح وكيل الإمبراطورية الرومانية في الشرق، ولكن ما الذي عكر صفو العلاقات بين تدمر والإمبراطورية الرومانية؟ ومن المرأة التدمرية التي حاربت الإمبراطورية الرومانية؟ وكيف كانت نهاية هذه المرأة؟

مَنْ زنوبيا؟

ولدت زنوبيا وتربت في تدمر بالقرب من دمشق عاصمة سوريا، وكانت زنوبيا امرأة ذكية وشجاعة، سافرت إلى مصر ودرست تاريخ البطالمة والرومان هناك، وتأثرت كثيرًا بكليوباترا أثناء تواجدها في مصر، فاتخذتها مثلها الأعلى فتطلعت للتدخل في شئون السياسة والملك، وكانت تحلم بأن تكون ملكة متوجة، وكانت الفرصة قريبة منها، فهي زوجة أذينة وكيل الرومان في الشرق، فكانت تشاركه في حكم تدمر، وتوجه من خلاله دفة الحكم إلى حيث تشاء.

لم تكن زنوبيا تحلم فقط بأن تكون ملكة لتدمر، ولكنها كانت تحلم بأن تكون إمبراطورة لروما، فتشبهت بالقياصرة في كل مظاهر حكمها، كما كانت تعد أولادها ليكونوا أباطرة على روما، فعلمتهم لغة الرومان، وتاريخهم، وحضارتهم.

زنوبيا تصبح ملكة تدمر

بعد اغتيال أذينة، أصبح ابنه وهب اللات خليفته على حكم تدمر، ولكنه كان صغيرًا، لذلك تم تعيين أمه زنوبيا لتكون وصية عليه، وقد اعترفت روما بوهب اللات وأمه، فانفردت زنوبيا بالحكم وكان أول شيء فعلته زنوبيا هو القبض على الذين اغتالوا زوجها أذينة، ونفذت فيهم حكم الإعدام، وأخذت توطد أقدامها في حكم تدمر، فازدهرت تدمر في عهدها ازدهارًا كبيرًا، وأصبحت أقوى وأهم الممالك في الشرق، ولما كانت زنوبيا تحلم بأن تكون إمبراطورة على روما فأخذت في التوسع، فضمت كثيرًا من البلاد لمملكتها، مما جعل الإمبراطور الروماني أورليانوس في بداية الأمر يتفاوض معها من أجل وقف زحف جيوش تدمر مقابل منح زنوبيا عددًا من الألقاب والامتيازات الملكية، فوافقت زنوبيا وهدأت العلاقات بين الطرفين بعض الوقت.

توتر العلاقات بين زنوبيا والإمبراطورية الرومانية

ظلت أحلام زنوبيا تراودها في السيطرة على ممتلكات الإمبراطورية الرومانية، فغزت مصر، وحكمها ابنها وهب اللات واتخذت لنفسها لقب الملكة، ولابنها لقب الملك، وضربت نقودًا باسم ابنها فقط ولم تضع صورة الإمبراطور الروماني أو صورته على العملة مع ابنها، ناوية بذلك الاستقلال عن الإمبراطورية الرومانية، ثم توجهت بعد ذلك إلى آسيا الصغرى فاستولت عليها، لذلك قرر الإمبراطور الروماني محاربة زنوبيا والقضاء عليها، حيث إنها أصبحت تمثل خطرًا كبيرًا على الإمبراطورية الرومانية.

نهاية زنوبيا

عندما دارت الحرب بين جيش الإمبراطور الروماني أورليانوس، وجيش تدمر بقيادة زنوبيا، تعرض جيش تدمر لعدد من الهزائم المتلاحقة دفعتهم للانسحاب إلى تدمر، وقد تبعهم أورليانوس بجيشه، ففرض الحصار على تدمر، ولكن أهل تدمر دافعوا عن بلادهم ببسالة، ولكنهم لم يصمدوا كثيرًا أمام الجيش الروماني، وقد عرض أورليانوس على زنوبيا أن تستسلم وتسلم المدينة على أن تخرج بسلام، ولا يمسها سوء، ولكن زنوبيا أصرت على استكمال القتال، إلى أن استطاع الجيش الروماني دخول المدينة.

ووقعت زنوبيا في الأسر، وقام الإمبراطور باصطحابها معه إلى روما مقيدة بالسلاسل، فبعدما كانت زنوبيا قريبة من دخول روما في موكب النصر بعد اتساع حركة فتوحاتها، نجدها الآن تدخل روما أسيرة ذليلة في موكب الإمبراطور الذي انتصر على مملكة تدمر، ويبدو أن الإمبراطور لم يأمر بقتل زنوبيا كما أمر بقتل عدد من كبار دولتها، لأنه كان يقصد إذلالها باتخاذها أسيرة إلى روما، لتلقى مصيرًا قريبًا من مصير كليوباترا، ولكن كليوباترا رفضت أن تدخل روما أسيرة، ففضلت الانتحار على أن تحقق للرومان رغبتهم في كسر وإذلال ملكة مصر.

وقد بقيت زنوبيا بقية حياتها في روما وقد ماتت هناك في ظروف غامضة لا يعرف عنها أحد. أما تدمر فقد ثارت ضد الإمبراطورية مما دفع أورليانوس إلى الرجوع مرة أخرى إلى تدمر، فدمر المدينة وقضى عليها بشكل نهائي.

وعلى الرغم من أن الإمبراطور الروماني قد استطاع القضاء على زنوبيا وملكها إلا أنه لم يستطيع القضاء على سيرتها حتى الآن، فلا زال اسم زنوبيا يتردد في القصص الشعبية، كما سطرت زنوبيا اسمها في صفحات التاريخ كملكه قوية حكمت أهم وأقوى مملكة في الوقت الذي كانت تعيش فيه، وحاربت الإمبراطورية الرومانية، وكانت تمثل مصدر قلق لأباطرتها، حتى تمكن أورليانوس من القضاء عليها.