معركة واترلو: هزيمة تختم رحلة نابليون العسكرية
نابليون بونابرت، واحد من أشهر القادة في التاريخ، عُرف بحنكته العسكرية، وذكائه السياسي منذ صغره
add تابِعني remove_red_eye 13,690
نابليون بونابرت، واحد من أشهر القادة في التاريخ، عُرف بحنكته العسكرية، وذكائه السياسي منذ صغره، فقد استطاع قبل تخطي الثلاثين من عمره أن يشن الحملة الفرنسية على دولة كبيرة مثل مصر، يحكمها العثمانيون والمماليك والإنجليز. لكن لم يصمد الفرنسيون في مصر كثيرًا ورحلوا عنها بعد مرور ثلاث سنوات فقط، لكن لم ييأس نابليون وصعد على العرش الفرنسي في عام 1804م، بعدما استولى على الحكومة في عام 1799م، واستطاع كتابة انتصاراته الكثيرة من خلال سلسلة من الحروب التي ساعدته في توسيع مملكته في أوروبا الوسطى والغربية.
تتابعت انتصارات نابليون حتى معركة واترلو في بلجيكا في (18) يونيو عام 1815م، وكانت بمثابة الهزيمة الساحقة التي ختمت تاريخ نابليون العسكري الذي استطاع غزو دول أوروبا في أوائل القرن التاسع عشر. وانتهى عهده في فرنسا، لكن التاريخ لم ينسه يومًا. لنتعرف سويًّا على قصة المعركة.
نابليون على كرسي الحكم الفرنسي
ولد نابليون في جزيرة كورسيكا، وهي جزيرة تقع على البحر الأبيض المتوسط في عام 1769م، ودخل صفوف الجيش الفرنسي وأثبت جدارته وترقى بسرعة كبيرة وأثبت كفاءته كقائد جريء وذكي. حصل نابليون على لقب القنصل الأول وأصبح أبرز الشخصيات السياسية البارزة في فرنسا بعد انقلاب عام 1799م.
عام 1804م، أصبح نابليون هو الحاكم الفعلي لفرنسا وأقام حفلًا كبيرًا للاحتفال بهذه المناسبة. أثناء حكم نابليون، دخلت فرنسا في مجموعة كبيرة من المعارك ضد تحالفات مختلفة من الدول الأوروبية، وتوسعت الإمبراطورية الفرنسية واستولت على معظم أوروبا الوسطى والغربية.
معركة لايبزج
عام 1812م، غزا نابليون روسيا، لكن النصر لم يكن حليفه في هذه المرة، مما اضطره إلى الانسحاب والتراجع وعانى من خسائر فادحة. بينما كان انشغال نابليون بغزو روسيا، استغلت الدول المعادية له الموقف وقاد الإسبان والبرتغاليون بمساعدة بريطانيا حربًا ضد قوات نابليون من شبه جزيرة أيبيريا في حرب شبه الجزيرة.
عام 1813م حدثت حرب لايبزج، وهي معروفة باسم حرب الأمم، وفيها هُزم نابليون وجيشه على يد قوات التحالف التي ضمت النمسا وبروسيا وروسيا والسويد. ولم يجد نابليون حلًّا سوى العودة إلى فرنسا ولكن كانت المفاجأة هي استيلاء قوات التحالف على باريس في مارس عام 1814م.
تنازل نابليون عن الحكم ثم عودته من جديد
في يوم (6) أبريل عام 1814م، وبعد استيلاء الحلفاء على باريس، اضطر نابليون –كان وقتها في منتصف الأربعينات– إلى التنازل عن العرش الفرنسي، وبذلك بموجب اتفاقية فونتينبلو، ثم نُفي إلى إلبا، وهي عبارة عن جزيرة واقعة على ساحل البحر الأبيض المتوسط قبالة سواحل إيطاليا.
في يوم (26) فبراير عام 1815م، استطاع نابليون الهروب من إلبا، وأبحر حتى وصل إلى البر الرئيسي الفرنسي مع مجموعة من حلفائه يبلغ عددهم حوالي (1000) شخص، وفي (20) مارس من نفس العام وصل أخيرًا إلى العاصمة باريس حيث استقبلته الجماهير الفرنسية بابتهاج، فقد كان نابليون يحظى بشعبية كبيرة في فرنسا. وهنا شعر الملك الجديد لويس الثامن عشر بالخطر فما كان منه إلا أن يهرب. وبدأ نابليون في التحضير إلى ما يعرف بحملة المائة يوم.
نابليون وبلجيكا
بعدما استطاع نابليون تثبيت حكمه من جديد في فرنسا، بدأ التحالف ضده من جديد، فهو عدو لهم جميعًا. فطن نابليون لتخطيط الحلفاء (النمسا وبريطانيا وبروسيا وروسيا)، وبدأ في استعدادات الحرب من جديد وطور جيشًا جديدًا، وخطط لشن الهجوم، واستطاع هزيمة جيوش الحلفاء واحدًا تلو، حتى اتفقوا على شن هجوم واحد ضده. في يونيو عام 1815م، اتجه نابليون وجيشه إلى بلجيكا، حيث كانت القوات البريطانية والبروسية تُخيّم هناك، وفي يوم (16) يونيو، استطاع نابليون هزيمة البروسيين ولكن ليس بشكلٍ كاملٍ.
معركة واترلو وخطأ نابليون الفادح
في يوم (18) يونيو من نفس العام، قاد نابليون جيشه الذي تألف من حوالي (72) ألف جندي ضد الجيش البريطاني وهو يبلغ (68) ألف جندي، وقد اتخذ موقعه في جنوب بروكسل بالقرب من قرية تسمى واترلو. كان الجيش البريطاني مزيجًا من القوات البلجيكية والهولندية والألمانية تحت قيادة آرثر ويلزلي، دوق ولنغتون، وقد اشتُهر ويلزلي بقتاله ضد الفرنسيين في حرب شبه الجزيرة.
في هذا الوقت ارتكب نابليون خطًأ فادحًا، فقد انتظر حتى منتصف النهار ليعطي الجنود الأمر بالهجوم، واتخذ رأيه بناءً على ما خلفته عاصفة الليلة الماضية، التي تركت الأرض رطبة، ورأى نابليون أنه من الأفضل أن ينتظروا حتى تجف الأرض قليلًا، وفي تلك الأثناء، أنضم إلى جيش العدو ما يزيد عن (30) ألف جندي من البروسيين، مما أضعف قوة جيش نابليون الذي شن هجومًا قويًّا قبل وصول العدد الزائد من الجنود للعدو. وهذا اضطر نابليون لإعطاء الأمر بالتراجع في حالة من الفوضى.
وأشارت التقديرات إلى أنّ الخسائر كانت كبيرة للغاية في الجيش الفرنسي، فقد بلغ عدد الضحايا من القتلى والجرحى والأسرى ما يزيد عن (33) ألفًا، بينما بلغ عدد الضحايا البريطانيين والبروسيين ما يزيد عن (22) ألفًا. أي أنّ خسائر العدو كانت أقل من الفرنسيين. وهناك بعض الأقوال حول سوء صحة نابليون خلال الحملة البلجيكية، وهذا ما دفعه لارتكاب أخطاء تكتيكية وتصرفه بشكل غير حاسم وعدم تعيينه لقادة مناسبين.
وبذلك ختمت هذه المعركة تاريخ نابليون العسكري الذي هز أرجاء أوروبا وزرع في قلوب حكامها الذعر. حتى إنهم لم يستطيعوا التغلب عليه إلا مجتمعين، وورد أنّ نابليون قد قُهر بسبب هذه الهزيمة، حتى إنه ابتعد عن ساحة المعركة وهو يبكي.
السنوات الأخيرة من حياة نابليون
في يوم (22) يونيو عام 1815م، تنازل نابليون عن الحكم للمرة الثانية والأخيرة، ونُفي إلى جزيرة هيلانة، وهي تقع تحت الحكم البريطاني في جنوب المحيط الأطلسي، وتوفي فيها في يوم (5) مايو عام 1821، عن عمر يناهز 51 عامًا، ويرجع سبب وفاته إلى إصابته بمرض سرطان المعدة. دُفن نابليون بالجزيرة، وفي عام 1840م، نُقلت رفاته إلى فرنسا ودُفن في سرداب في باريس.
إليك أيضا
add تابِعني remove_red_eye 13,690
نابليون القائد العسكري القوي ومعركة تنتهي بخيبة أمل بسبب أخطاء فادحة، ماذا تعرف عن معركة واترلو؟
link https://ziid.net/?p=75945