مشاعرك تقودك أم أنت قائدها؟ لنُبحر معًا ونتعرف على خبايا المشاعر
يقول عالم النفس "جوناثان أدلر": "تذكر أن أحد الأسباب الرئيسية لامتلاكنا مشاعر، هو مساعدتنا على تقييم خبراتنا".
add تابِعني remove_red_eye 43,507
كل يوم نعيشه تختبر فيه قلوبنا الكثير من المشاعر المختلفة، مهما كان يومك روتينيًّا وأفكارك مكررة ستظل مشاعرك متجددة متدفقة توجهك وتدعمك. فهناك من يعرف حقيقة مشاعره ومتى تغيرت انتبه وأدرك. وهناك من لا يعرف بماذا يشعر، فقط يجعل المشاعر تُحركه وتدفعه للتصرف بطريقة معينة دون أن يُدرك لما فعل ذلك. ذاك الشخص غير متواصل مع ذاته ومشاعره الداخلية، لا يعرف نفسه وكيف تكون ردة فعله عند كل شعور. متى يغضب؟ كيف يفرح؟ ما الذي يجعله حزينًا؟ هو تائه لا يعطي لمشاعره أهمية الفهم.
فكيف لا نعطي لمشاعرنا أهمية وهي جزء أساسي منّا يُحركنا ويُعطينا الدفع أو عدمه؟ مشاعرنا توجهنا لما نحب ولما نكره، وتعطينا الرسائل في الحياة طوال الوقت.
كيف نعرف حقيقة الشعور بين الأصوات والمشاعر الكثيرة داخلنا؟
الكثير من المشاعر متداخله، فقد يكون داخلك حزن وفي نفس الوقت غضب، قد تشعر بالفرح وأنت في الحقيقة تشعر بالامتنان. المشاعر متداخلة ومتشابكة ومترابطة للغاية، ولهذا عليك فهمها وفهم دواخل نفسك تدريجيًّا.
في البداية حاول أن تهدأ وتبتعد عن أصوات المحيطين بك، وحتى أن تصمت عن حديثك مع نفسك، فقط تنفس بعمق وأوقف أفكارك، ثم حاول أن تصف ما تشعر به دون أن تضع له اسمًا. صف ما يدور داخلك وعبّر عنه كما تريد؛ ابكِ، اكتب، ارقص، فقط استجب لرغبة روحك. ومن ثم ستتعرف على نفسك ومشاعرك بشكلٍ أعمق وأوضح مع الوقت.
المشاعر الإيجابية والمشاعر السلبية
بالطبع كلنا نحب المشاعر الإيجابية ونريد العيش معها طوال الوقت، ونكره المشاعر السلبية ونود لو لم تأتينا أبدًا. لكننا لا نكون مُنصفين عندما نُصنّف المشاعر إلى إيجابية وسلبية، لأنهم في الحقيقة ليسوا إلّا رُسلًا أتت برسالة تدفعنا وترشدنا. فمثلًا يقول لك الإحباط عليك أن تعمل أكثر، ويقول لك الخوف احذر وتمهل، ويقول لك الرضا أنت تستحق.
ولا توجد رسالة واحدة ثابتة للجميع يأتي بها الشعور، فلكل شخص رسالة فريد يحملها كل شعور، فقط عليك أن تفتح أبواب استقبالك للفهم.
عبّر عن مشاعرك
لكي تكون أكثر انفتاحًا وراحة لا تخجل من مشاعرك وعبّر عنها بالطريقة المناسبة لك؛ تحدث مع صديق مقرب أو مع مدربك النفسي أو حتى مع الورق، المهم أن تعبر عنها ولا تكتمها مهما كانت. الكثير منا يخجل من التعبير عن مشاعر الخوف أو الحب أو حتى شعوره بالرغبة الجنسية ظنًّا منه أن هذه المشاعر مرفوضة أو تعيبه وتقلل من شأنه، لكن في الحقيقة كلها مشاعر طبيعية إنسانية يشعر بها الجميع طوال الوقت، فلم تخجل أنت؟
مشاعر غير مُبررة
هناك مشاعر تُقذف في قلبك دون سابق إنذار، تُلخبط كيانك وتجعل خلاياك تستنفر ولا تدري من أين أتت. قد تكون أتت من شخص ما تحدثت معه وتأثرت به وبالتالي هي ليست مشاعرك أنت… بل هي مشاعر الشخص الآخر، فقط عليك أن تعي هذا لتذهب. وقد يكون حدث شيء طفيف لم يلفت انتباهك بقوة، فكان الشعلة التي أيقظت مشاعر مدفونة داخلك وأنت لا تدري عنها شيئًا، لكن تأكد أن ظهورها الآن يعني أنه قد آن آوان تحريرها.
مشاعر مخزنة منذ الصغر
عندما يحدث موقف وتستغرب ردة فعلك ومشاعر غضبك وحزنك رغم كونه موقفًا بسيطًا لا يستحق؛ فابحث داخلك عمّا استثاره الموقف من مشاعر. قد لا تتذكر لكنها على الأغلب مشاعر مدفونة داخلك منذ زمن قد يعود إلى طفولتك، وربما تخزنت في خلاياك وأنت جنين نتيجة موقف معين حدث لوالدتك. وفي مثل هذه الحالة وإذا كانت المشاعر قوية وتتكرر؛ فعليك الاستعانة بمدرب نفسي يُساعدك على تحريرها وتحرير طفلك الداخلي من سجن ما حدث.
هل المشاعر هي التي تُحركنا؟
هناك فرق بين التعبير والاعتراف والقبول وبين أن يدفعك الشعور إلى سلوك وفعل. هنا يتدخل العقل ليكون القائد لما يصح وما لا يصح. أن نعترف ونُقر بمشاعرنا لا يعني أبدًا أن نسمح لها بالقيادة.
متى يجب أن يتحول الشعور إلى سلوك وفعل؟
إذا أدركت أن وجودك في علاقة ما أو عمل يجعلك دائمًا تشعر بالسوء، أو حدث موقف من صديق سبب لك ضيقًا ومشاعر سيئة؛ فعليك المواجهة ومحاولة الحل. يمكنك البوح لصديقك بالموقف الذي أزعجك منه لكي لا يتكرر. وربما تكون مشاعر الضيق هي إشارة لإنهاء علاقة عاطفية تستنزفك، أو أنه آن آوان استقالتك من عملك الحالي. وقتها استفتي قلبك وعقلك معًا، واسأل مشاعرك عن الرسالة من وراء ما يحدث. ويمكنك أن تستشير أحدًا ذا خبرة أو أن تستخير الله وحتمًا سيهديك للأنسب.
كيف أتحرر من شعور ما يتكرر؟
عليك تسمية الشعور ومعرفة أسبابه وتحليلها ثم الأهم قبوله تدريجيًّا، لأن رفض شعور معين يعني أن تسمح له بالتجذر داخلك والتغلغل في قلبك وروحك أكثر. أن ترفض شعورًا يعني أنك لن تدرك رسالته، وبالتالي سيظل يتكرر مرارًا لأنه فقط رسول لن يذهب إلا عندما يُبلغك ما جاء لأجله؛ تأكد من ذلك.
القبول قد يكون صعبًا في البداية خاصةً مع وجود مشاعر قوية كالغضب أو الحزن العميق، لكن القبول يجعل أي شعور يهدأ شيئًا فشيئًا. ولا يعني ذلك أن تتصنع أو ألّا تتألم وتحزن، بالعكس تمامًا؛ عليك الشعور بكامل مشاعرك إلى أن تصل إلى ذروتها، ابكِ، اصرخ، اطلب المساعدة، وفي نفس الوقت من داخل قلبك كن متقبلًا ما تمر به وأنت واعٍ أنه سيمضي، هو فقط ضيف جاء لتطهيرك وتزكيتك وسيعود داخلك للاطمئنان والسكينة.
والآن دعنا نختبر أنفسنا بعدما تعرفنا على عمق وأهمية المشاعر التي نختبرها يوميًّا؛ اكتب في دفتر يومياتك عن شعورك الطاغي في اللحظة الحالية، صِفْه جيدًا ثم استخلص منه الدرس والرسالة.
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 43,507
المشاعر جزء لا يتجزأ منا ومن حياتنا فكيف نتعامل معها بطريقة إيجابية؟ هذا المقال يساعدك
link https://ziid.net/?p=86466