كيف يقتلنا كبت المشاعر؟
كَبْت المشاعر وكتمها بداخلك لن يؤدي إلى تحسن الأمور أو التخفيف مما تشعر به، على العكس سيجعلك أكثر ضعفًا وأقرب إلى الانهيار
كَبْت المشاعر وكتمها بداخلك لن يؤدي إلى تحسن الأمور أو التخفيف مما تشعر به، على العكس سيجعلك أكثر ضعفًا وأقرب إلى الانهيار
add تابِعني remove_red_eye 65,322
يصور لنا الفيلم الكارتوني (inside out) عقل الطفلة (رايلي) وما الذي يدور بداخله أو كيف تتكون استجابات رَدّ الفعل من خلال تصوير ظريف لأهم خمس مشاعر وهم (البهجة- الحزن- الخوف- الغضب- التقزز).
يبدأ الفيلم بقَصّ حكاية (رايلي) منذ والدتها، وميلاد المشاعر واحدة تلو الأخر، فتبدأ (جوي) أو شعور البهجة، ثم الحزن، والحوف، والغضب والتقزز، تسير الأمور بشكل مُسْتَتِّبْ حتى تصل (رايلي) لسن الحادية عشرة وهنا تنتقل عائلتها إلى بلدة أخرى.
إن ما حدث هنا هو تغيير كبير ومفاجئ الطفلة غير قادرة على استيعابه، لأنه حدث بين يوم وليلة لم يتم تمهيد الأمر، بأي صورة لها، لكن بهجة تقرر أن تتولى زمام الأمور، وأن تظل الطفلة متفائلة وسعيدة، على الرغم من كل ذلك، حيث تمنع حزن من الانتقال على موقع القيادة ولو لمرَّة، الأمر الذي يؤدي لفساد الأمر، يساعد جوي في رحلتها أيضًا عائلة الفتاة التي تقول لها أمها إنها سعيدة بأن ابنتها قادرة على التكيف ولم تتذمر، أي: لم تَقُمْ بأيّ استجابة سلبية، الأمر الذي يجعل عقل الفتاة متمثلًا في جوي يفهم أنَّ بقاءها سعيدة هو الهدف المطلوب، وأن الحزن يفسد الأمور.
المشاعر السلبية ليست سيئة دائما!
هذا بالضبط ما يحدث لنا دائمًا حينما نفكر في أن ننكر مشاعرنا السلبية أو نقوم بكبتها لئلا نظهر متذمِّرِينَ، أو ضعفاء، أو حتى ظنًا منا بأننا سنستدعي السعادة رغمًا عن أنفها حالما نتمسك بالتفاؤل، وهو ما لم يحدث ولن يحدث إطلاقًا، فإنَّ كبت المشاعر ما هو إلا ظلم آخر لأنفسنا وطريقة تحميل زائدة، أنه أمر قاتل بحق، إذا مارسناه على المدى الطويل.
هذا هو السؤال الذي سيتبادر إلى ذهنك حينما تقرأ تلك العبارة (كبت المشاعر) فكيف تعرف أنك تكبت مشاعرك، ولكن قبل ذلك ما هي المشاعر التي تقوم بكبتها أو إنكارها، بالطبع هي تلك المشاعر السلبية فيستحيل أن تجد أحدًا يكبت مشاعر السعادة، بل ستراه يوزعها على جميع الناس، ويشاركهم إياها. أما ما نقوم بكبته فهو دائمًا المشاعر السلبية مثل: (الإحباط، الحزن الغضب، خيبة الأمل) وكل ما يمتد إلى تلك المشاعر بصِلَةٍ كالخوف مثلًا، تخاف أن تُظْهِر الخوف لألّا يقال إنك جبان.
الأمر بسيط جدًا، هل تعبر عن مشاعرك؟ بمعنى هل تبكي حينما تحزن؟ ترفع صوتك قليلًا عندما تغضب أو تقوم بالردّ على من يغضبك مثلًا لا تصمت وتُطْرِق برأسك ناحية الأرض؟ تشارك أحدًا أنك خائف من ذلك الأمر ولا تستطيع المضي قُدُمًا فيه؟ أم أنك تخفي كل ذلك وتمضي؟ هل تفضي إلى شريك بألمك أو بخيبتك؛ لأنه قام بتصرف ما أزعجك أم أنك تصمت مخافة أن يغضب؟ هل كل ما تشعر به تُعَبِّر عنه أم أنك ترتدى قناعًا على وجهك من الصلابة الزائفة (لتظل ذلك المتحمّل القويّ الذي لا يكسره شيء)، هل تفضي لنفسك أصلًا بتلك المشاعر، أم أنك تشعر بالخزي والخجل، حينما تذكر لنفسك أنك ضعيف أو خائف؟
تلك هي السلوكيات التي توصف بكبت المشاعر، إذا كنت ممن يفعلونها فتوَقَّفْ عن فعلها الآن!
هناك علامات أخرى واضحة لكبت المشاعر، مثل اضطرابات النوم، أو اضطرابات الشهية، وقد رَبَط بعض العلماء بين فكرة كبت المشاعر وانخفاض كفاءة الجهاز المناعي، فنصاب بالمرض أسرع ونتعافى ببطء.
العنف وأزمة السيطرة الأبوية: كيف تتعافى من الإساءة الأبوية؟
في حوار قصير مع د/ عمر عادل، أخصائي الطب النفسي حول مشكلة كبت المشاعر قمت بسؤاله عن أنواع كبت المشاعر ونتائجه:
أوَّلًا: كبت المشاعر عن أنفسنا، ومن أضراره أننا لن نطلب المساعدة، فلن نتمكن من أخذ راحة لالتقاط الأنفاس وإعادة ترتيب الحسابات، فلن أتمكن من معرفة سبب الحزن أو الغضب، فبناءً عليه لن أتعامل مع مشاعري بشكل ناضج، مما يؤدي إلى الاكتئاب والحزن ومضاعفة المأساة.
ثانيًا: كبت المشاعر عن الآخرين، حينما نكتم الحزن أو الغضب عن الآخرين كمثال إذا ضايقني أحدهم ولم أخبره بسبب غضبي، أظن بذلك أن الأمر قد انتهى وحُسِمَ، لكنه لم ينتهِ بَعْدُ فقد يخرج في صورة (العدوان السلبي) فقد ترفع صوتك عليه أثناء الحديث أو تسخر منه.
– يرى فرويد أن كبت المشاعر من الممكن أن يظهر في أعراض جسمانية، وفيما بعد ظهرت عدة دراسات تفيد أن كبت المشاعر من الممكن أن يؤدي إلى قولون عصبي، أو صداع أو حتى أعراض أمراض القلب، كما أنه يسبب الكثير من الأعراض النفسية مثل الاكتئاب والقلق أو الوساوس القهري، أو زيادة الضغوط، والأعراض النفس جسمانية مثل ارتفاع ضغط الدم.
– التعامل مع المشاعر بأسلوب سَوِيّ، وهو التعبير عنها أو التنفيس عنها بأساليب سوية، أو بطرق صحية لا تؤدي إلى المشكلات أو يكون من تلك الأعمال التي تتنافى مع مبادئنا وقيمنا العميقة.
كما ذَكَرَ د/ عمر-قَبْلُ- أَنَّ كبت المشاعر لا تتوقف نتائجه علينا فقط بل تمتد لعلاقاتنا الاجتماعية، فقد يسبب ذلك إحداث سوء تفاهم بيننا وبين شركاء الحياة، أو بين مديرينا في العمل أو زملائنا، أو حتى بيننا وبين الأب والأم، لذلك يجب علينا ألا نؤجل المصارحة بما شعرنا به حيال الأمور التي دارت بيننا، يجب ألا تبيت تلك المشكلات، وتَذَكَّروا دائمًا أن لا مشكلة من أن نشارك الآخرين ما نشعر به، وأن نطلب المساعدة حينما يقتضى الأمر، ففي النهاية نحن بَشَرٌ، يجب أن نسقط ونحزن، ونصمد، ونسعد، لا حياة ناجحة على طول الخط، لا حياة بلا عقبات، لم تَحُلّ مشكلات (رايلي) إلا حينما تدخلت حزن في الأمر.
add تابِعني remove_red_eye 65,322
زد
زد
اختيارات
معلومات
تواصل
الإبلاغ عن مشكلة جميع الحقوق محفوظة لزد 2014 - 2025 ©
أهلاً ومهلاً!
10 مقالات ستكون كافية لإدهاشك، وبعدها ستحتاج للتسجيل للاستمتاع بتجربة فريدة مع زد مجاناً!
المنزل والأسرة
المال والأعمال
الصحة واللياقة
العلوم والتعليم
الفنون والترفيه
أعمال الإنترنت
السفر والسياحة
الحاسوب والاتصالات
مملكة المطبخ
التسوق والمتاجر
العمل الخيري
الموضة والأزياء
التفضيل
لا تكن مجرد قارئ! close
كن قارئ زد واحصل على محتوى مخصص لك ولاهتماماتك عبر التسجيل مجاناً.
إذا كنت من أولئك الناس الذين يكبتون حزنهم وغضبهم ومشاعرهم فهذا الموضوع يخصك.
link https://ziid.net/?p=58506