تلخيص كتاب “أيها الولد” للإمام أبو حامد الغزالي (ج2)
تجارب الآخرين ونصائحهم من أهم الخبرات التي تعطينا دفعة في الحياة وتعلمنا الصحيح والخاطئ وتوفر علينا الوقت والجهد والكثير من الألم
add تابِعني remove_red_eye 5,233
استكمالًا لنصائح الإمام “أبو حامد الغزالي” في كتابه (أيها الولد) استمتعوا بالنصائح القيمة
أيها الولد
ولدي، اعلم أن الهمة في الروح والهزيمة في النفس والموت للبدن، فالموتى ينتظرونك هناك في القبور فإياك أن تذهب إليهم بغير زاد، وعن أحوال التفكر في الآخرة لا تتوقف دومًا، فقد رُوِيَ عن أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- أنه قال” “إنما الأجساد أقفاص طيور أو إسطبل للدواب” فانظر من أيّ الأنواع أنت، وعن أحوال التفكر في الآخرة يُروى أن “الحسن البصري” أُعطِيَ شربة ماء باردة فلما شربها سقط مغشيًّا عليه، فلما سُئل عن السبب قال: تذكرت استغاثة أهل النار بأهل الجنة (أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ) فيقول أهل الجنة لأهل النار: (إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ) فتذكرت ذلك فلم أحتمل.
أيها الولد
أعلم يا ولدي أنه لو كان العلم بدون عمل هو المطلوب وهو الهدف لكان نداء الله في كل يوم (هل من تائب؟ هل من مستغفر؟ هل من سائل؟) بلا فائدة.
ليكن لك من ليلك نصيب فهو عهد الصحابة والصالحين الذين كانوا قليلًا من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون، وقد قال الله لنبيه وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ[سورة ق آية رقم: 40]، وقال أيضاً في فضل صلاة الليل وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا[سورة الإسراء آية رقم: 79] فقد ربط الخالق -تبارك وتعالى- بين التهجد بالليل وبين المقام المحمود، ومن أقوال الصالحين في فضل الصلاة والاستغفار بالليل قول سُفيان الثوري: إن لله ريحًا تحمل أصوات الاستغفار إلى الملك الجبار. ورُوِيَ أن لقمان الحكيم قال لابنه: يا بُني لا يكن الديك أكيس منك يُنادي للناس في الأسحار وأنت نائم.
أيها الولد
اعلم يا ولدي أن خلاصة العلم في أنْ تَعلم أنَّ الطاعة هي الالتزام بالشارع الحكيم في العبادة والأوامر والنواهي، واعلم أن شكل العبادة لو كان صحيحًا ولكن دون طاعة للشارع فهي مردودة مثل” لو صليت في ثوب مغصوب أو لو صمت يوم العيدين أو في أيام التشريق، فهنا يكون شكل العبادة صحيحًا رغم أنها ليست صحيحة ولا مقبولة.
كذلك يا ولدي يجب أن يكون قولك مُطابقًا لفعلك متفقًا مع الشرع لا اختلاف بينهم، اعلم يا ولدي أن اللسان المطلق والقلب المُطلق المملوء بالشهوات علامة من علامات الشقاوة فلا تكن كذلك، واعلم يا ولدي أن الإيمان مثل الطعام لا يُمكن وصفه بالقول كمرارة المُر وحلاوة الحلو كلها لا تأتي إلا بالمذاق، والإيمان مراتب، ومن ذَاقَ عَلِمَ ومَنْ عَلِمَ رغب ومن رغب عمل.
يا ولدي إنَّ على المؤمن أن يسلك أربعة مسالك: أولها اعتقاد صحيح خالٍ من البدعة، وثانيها: توبة نصوح ينوي ألا يعود إلى ذنب أبدًا، وثالثها: استرضاء الخصوم حتى لا يكون لأحد عندك منهم حق، والرابع: معرفة من العلوم الشرعية بالقدر الذي تستطيع به أن تؤدي العبادات، اعلم يا ولدي أن قليل العلم يُفيد مع كثير العمل وكثير العلم لا يُفيد مع قليل العمل.
أيها الولد
اعلم يا ولدي أنك في حاجة إلى مربٍّ يُخرج منك حظ الشيطان ويزرع فيك كل الخيرات، اعلم يا ولدي أنَّ المربي مثل الفلاح يقتلع النباتات الغريبة حتى تنمو نباتاته وثماره فكذلك الشيخ مع تلاميذه، اعلم يا ولدي أن كل شيخ هو خليفة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا كان عازفًا عن الدنيا مقبلًا على الآخرة لا يُحب الجاه ولا السلطان، يتعامل بالصبر والحلم والأناة وكل الصفات الحميدة ترى في وجه نور الحق ووضاءة العلم.
اعلم يا ولدي أن العبودية التزام الشرع، والرضا بالقضاء والقدر، وتفضيل رضا الله عن رضا النفس وما سواها، أما التوكل فهو إتقان العمل وترك الأمر لله فما كان لك فهو لك وما لم يُكتب لك فهو ليس لك، أما الإخلاص فأن تكون كل الأعمال منصرفة لوجه الله تعالى، فاعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك، اعلم أن الرياء ينبع من تعظيم الخلق وعلاج ذلك أن تعلم أن الخلق تحت قدرة الله، وهم تحت مشيئته.
أيها الولد
لا تتعجل بالسؤال في مجالس العلم فقد قال الله تعالى وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ[سورة الحجرات الآية رقم:5]، وقال تعالى فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا[سورة الكهف آية رقم:77]، وأن الله تعالى ذمَّ كثرة السؤال فقال يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآَنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ[سورة المائدة آية رقم:101]، فالتمهل في طلب العلم والصبر كله خير.
أيها الولد
أعلم يا ولدي أن العلم لا يكون إلا بترك أربعة أشياء، ألّا تُناظر أحدًا في مسائلة لأن المناظرة فيها آفات كثيرة، أقلها: الرياء والحسد والكِبر وحب الغلبة للرأي، ولا تنجو من ذلك إلا إذا أحببت أن يُظهر الله الحق على لسان غيرك، وثانيها: أن تُحب البحث عن الحق في الخلاء، واعلم يا ولدي أن الجاهل مريض والعالم طبيب فعلى العالم أن يتحمل الجاهل فبعض المرضى يقبل العلاج والبعض لا يقبل.
أما الأمر الثاني الذي يجب أن تتركه فهو حُب الوعظ إلا أن تعمل بما تقول فقد كَبُرَ مقتًا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون؛ فإذا اُبتليت وكُنت واعظًا فإياك وحب الجاه وقول الناس عنك أنك واعظ، واذكر دائمًا أنك بالله فقط ولن تكون بغيره، الأمر الثالث الذي يجب أن تتركه: هو مخالطة الأمراء والسلاطين، فإن مخالطة الأمراء لا تخلو من مدحهم ومَنْ مدح ظالمًا أو دعا له فقد أحب أن يُعصى الله في أرضه. الأمر الرابع من الأشياء التي يجب تركها: هي عدم قبول عطايا الأمراء وإن علمت أنها حلال لأن الطمع فيما في يد الأمراء يُفسد الدين.
وهناك أربعة أشياء يجب أن تفعلها، أولها: أن تُعامل الله كما يُعامل العبد سيده، واعلم أن الله يعلم خائنة الأعين وما تُخفي الصدور، والثانية: أن تُعامل الناس بما تُحب أن يُعاملوك به، والثالث: أن تعلم أن عُمرك قصير فلا تتعلم إلا ما يُفيد وابعد عمّا يُفسد هذا العلم أو يُضيع العمر، والأخيرة: أن تنشغل بمراقبة القلب ولا تجعل للشيطان منه نصيبا.
أيها الولد
لو قيل لك أن السلطان سيأتي لبيتك خلال أسبوع فماذا ستفعل من اليوم، سوف تُصلح ثوبك ودارك ما استطعت، فاعلم أن الله معك وهو لا ينظر إلى صورتك ولا إلى شكلك ولكن ينظر إلى قلبك؛ وليكن نصيبك من الدنيا الكفاف، ولا تنسَ الدعاء فهو دأب الصالحين.
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 5,233
استكمالا لتلخيص كتاب "أيها الولد" للغزالي
link https://ziid.net/?p=49494