[سلسلة] من تجربتي الذاتية: كيف تُنمي علاقتك الروحية وتتصالح مع نفسك ومع الآخرين
السلام الداخلي هو أهم مناعة في جسم الإنسان؛ فهو الوحيد القادر علي محاربة الهموم والأحزان
add تابِعني remove_red_eye 29,637
لن أتطرق لأي نصائح دينية، ولن أتكلم عن ديانة بحد ذاتها؛ اليوم أنا سأتحدث معكم عن علاقتنا الروحية مع خالقنا، وعلاقتنا مع أنفسنا ومع الآخرين. وهنا سأخبركم عن جوانب حياتي الخمسة؛ فحينما شرعت في متابعة كتب التنمية البشرية تعرفت على الجوانب الخمس الموجودة في حياتنا وهي (الروح، الجسد، العقل، المجتمع، الأمور العملية والحياة الاقتصادية)، وقتها فهمت كيف تعيش حياة متوازنة من خلال الحفاظ على التوازن بين جوانب الحياة، إذن دعوني أخبركم عن أكثر سنة حظيت فيها بالسلام الداخلي، وهي عام (2015م)؛ ففي تلك السنة بالتحديد كانت حياتي تسير بسلاسة في كل الجوانب التي ذكرتها، دعوني أحدثكم قليلًا عن كيف حققت السلام الداخلي.
1- الجانب الروحي
وهو بيت القصيد في مقالتي معكم اليوم؛ في بداية عام (2015م) كنت قد انتهجت أسلوبًا جديدًا لحياتي، وهو أن أخصص وقتًا للشكوى بعد كل صلاة فجر أو قبلها، كنت أدعو وأشتكي من كل شيء حتى من نفسي أتذكر أني كنت أشرح كل سلبيات يومي وأنا على سجادة الصلاة ومن قابلت ومن أحببت ومن ظلمت.. إلخ، وفي النهاية كنت أشعر كما لو أني فتحت صفحة جديدة تمامًا مع الحياة ومع نفسي ومع الآخرين، وكل شهر كنت أنتظر القمر بدرًا لرؤيته والتحدث معه عن أي مشكلة عاطفية أو اجتماعية واجهتها طيلة فترة اختفائه.
وكنت مواظبة على حفظ (5) آيات كل يوم من سورة معينة، كنت أبدأ بها الركعة الأولى في كل صلاة، وفي شهر رمضان الذي جاء في عام (2015م) كنت دائمًا ما أذهب لصلاة التهجد والفجر في الجامع بجوار منزلي مع أمي وباقي أقاربي لحين شروق الشمس وبعدها كنت أذهب لعملي، بالنسبة لي كان الجانب الروحي هو حصة اليوجا التي كانت تصفي ذهني وتجدد روحي وتطهر قلبي.
2- الجانب البدني
أخبرتكم من قبل أني لم أشارك في أي نشاط رياضي من قبل؛ لكن صحتي وقتها كانت أفضل بكثير من أي وقت مضى في حياتي؛ ففي تلك الأثناء كنت أذهب لمنزلي سيرًا على الأقدام مع أصدقائي، كنت أصعد السلالم بدلًا من ركوب المصعد، كنت أتجول في شوارع وميادين مصر من أجل الحصول على قصص إنسانية وإخبارية، النشاط في حد ذاته كان من شأنه تحسين صحتي النفسية، والتأثير بالإيجاب على صحتي البدنية.
3- الجانب العقلي
مقولة العقل السليم في الجسم السليم مقولة صحيحة (100%)، أنا عن نفسي جربت صحة تلك المقولة أكثر من مرة؛ فبعد إصابتي بأي إعياء وتركي للكتابة لأسبوع أو حتى يومين أجد نفسي فجأة أستغرق وقتًا أطول في الكتابة أو الترجمة؛ فالخبر الذي كنت أترجمة في نصف ساعة لم أستطع إنهاءه في ساعة ونصف؛ لهذا السبب قررت الاهتمام بصحتي قبل الشروع في تنمية عقلي، وبعد ذلك بدأت في شراء ألعاب العقل والذكاء واشتريت مزيدًا من الكتب وحجزت محاضرات على الإنترنت عن تعلم اللغات والعلوم الجديدة، بمعني أوضح ساعدت عقلي على التطور بعد تركي للجامعة، وحتى الآن مكتبتي لا تخلو من دفاتر المحاضرات والكشاكيل وأدوات الدراسة.
4- المجتمع (العلاقات مع البشر)
بالنسبة لي كلما كانت علاقاتنا مع الآخرين واضحة وفي أطر معينة، كلما كانت حياتنا أسهل، تخيلوا معي أن حياتنا عبارة عن شقة بها (5) غرف، غرفة للنوم، وغرفة للضيوف، وغرفة خاصة بالأهل، وغرفة خاصة بالأصدقاء، وغرفة لا يدخلها أحد سوى أنفسنا فقط، طبعًا كل غرفة -وفقًا لمسمياتها-لا يجب أن يدخلها سوى أشخاص معينين فقط؛ لكن مشكلة البشر أجمعين أنهم يعطون مفاتيح كل الغرف لأي شخص مقرب منهم، فنجد الضيوف وإذا بهم تاركون غرفتهم، وجالسون في غرفة الأصدقاء، أو مثلًا ترك كل مفاتيح الغرف مع شريك حياتنا حتى الغرفة المخصصة لأنفسنا فقط، فيبدأ في التعود على ذلك ويتحول حبه فجأة لحبّ امتلاك، والحقيقة أن الخطأ الوحيد الذي اقترفناه هو عدم تنظيم حياتنا ووضع كل شخص في المكان الذي يستحقه.
5- الحياة العملية (الجانب المالي)
بالنسبة لي المال لا يعني شيء سوى التجول في المكتبات وشراء الكتب والأقلام ودفاتر الملاحظات، أو الذهاب للصيدلية وإفراغها من المعقمات وأي شيء برائحة البامبو، الحياة من وجهة نظري لا تتعلق كثيرًا بالأموال؛ لكن مؤخرًا اعتبرت المال وسيلة مهمة لمساعدة أيّ شخص يحتاجني، أو مساعدة نفسي حينما وقعت فريسة لأحد الأطباء الذين يعشقون كتابة كل أنواع التحاليل والأشعة في روشتة دوائي، خلاف كل هذا لا أنظر للمال على أنه غاية، هو فقط بالنسبة لي “كماليات” أو وسيلة للاستقلال المادي عوضًا عن الاعتماد على والدي.
في الختام
إليك عزيزي القارئ (5) نصائح لإتقان كل جانب من جوانب حياتنا؛ فالجانب الروحي لا يتطلب منك سوى الوصول للنفس المطمئنة وهذا لا يتسنى إلا بمد جسور التواصل بينك وبين ربك، أما بالنسبة للجانب الصحي (صحة البدن والصحة النفسية) فتلك مرتبطة بالقيام بما تحب، افعل أي شيء تحبه وتأكد أنك ستبدع فيه وستحصن صحتك النفسية، وبالنسبة للعقل فكل ما تحتاجه هو متابعة سلسلة كتب عن التحقيقات أو حل الألغاز، أما جانب العلاقات فيكفي أن تحتفظ بكل مفاتيح الغرف معك وتعطي أي شخص في حياتك مفتاح غرفته المخصصة له فقط.
أما نصيحة الجانب المالي فهي ألا تتخذ المال على أنه غاية تسعى وراءها تاركًا خلفك كل غالٍ ونفيس؛ لكن اعتبره وسيلة لمساعدة الآخرين وتحقيق أهدافك الإستراتيجية، وتأكد عزيزي القارئ أن السلام الداخلي يأتي فقط حينما تركز كل طاقتك على حياتك الخاصة؛ فلا تضيع حياتك في مراقبة الآخرين؛ لآن وقتك الثمين نعمة وهبها الله لك لاستغلالها من أجل الاهتمام بكل كل جوانب حياتك؛ فالعمل عبادة، ولبدنك عليك حق، و”اقرأ” هي أول كلمة في القرآن الكريم، والتعارف أساسه تقوى الله؛ لذا إذا قررت عزيزي القارئ أن تبدأ حياة متوازنة ابحث في حياتك عن تلك الجوانب وأعطِ لكل جانب حقه.
إليك أيضًا:
add تابِعني remove_red_eye 29,637
مقال ملهم حول السلام الداخلي والتصالح مع النفس
link https://ziid.net/?p=72670