الوعي الذاتي مفتاحك لحياة هادئة

يتطلب منك الكثير من الشجاعة لتبحر في رحلة اكتشاف نفسك عن قرب والتعرف عليها بشكل مختلف. إنك لن  تستطيع أن تحكم على نفسك قبل أن تغوص في أعماقها وتبحر في عواصفها، وتبلغ أحلك نقطة في قاع روحك لتكتشف أن ثمة قيعان أخرى ستجدها وثمة نقاط أحلك ستصل إليها خلال الوقت والتجارب. والهدف من هذه الرحلة الشاقة أن تصل بنفسك إلى بر السلام النفسي كلما فقدته ومن رأيي أن السلام النفسي ستصله فقط بالتعرف على نفسك واكتشاف أعماقٍ في روحك لم تكن تدرك وجودها.
سمة من سمات النضج أن تراقب نفسك، تصرفاتك وردود أفعالك، تواجه نفسك بالعيوب قبل المميزات -دون أن تقلل من شأن نفسك- إنك لن تستطيع أن تعالج مشكلة قبل أن تدرك وجودها، وحتى تدرك مشاكل نفسك يجب أن تنظر إليها عن قرب لتتضح الرؤية.

صفات يجب أن تتحلى بها لتصبح شخصًا واعيًا لنفسك

الشجاعة: التعرف على نفسك رحلة مستمرة طالما حييت، قرار فهم نفسك قرار شجاع يتطلب منك استمرارية المعرفة والتعلم واكتشاف نفسك في كل الأوقات وتحت كل الظروف. وتقبل النتائج التي ستكتشفها لتعالجها.
الصراحة: يجب أن تكون واضحًا وصادقًا مع نفسك شجاعًا مقدامًا على مواجهة نفسك بنقاطها الضعيفة.
الثقة بالنفس والإنسانية: أنت بشر، لست كاملًا، تمتلك عيوبًا ومميزات، كن رحيمًا بنفسك ولا تجلدها إذا اكتشفت عيوبًا جديدة، وثق تمامًا بنفسك إذا ما وصلت إلى مرحلة المعرفة، فالتغيير حتمًا قادم.

كيف يغير الوعي حياتك؟

وعيك بنفسك هو بوابة تفتحها لنفسك لتحيا حياةً آمنة مليئة بالسلام النفسي والرضا والطمأنينة والنجاح. الوعي بالذات يحول تفكيرك وانشغالك بما يحدث حولك لما يحدث داخلك؛ وهذا يوفر الكثير من الوقت والطاقة التي تبذلها لإصلاح غيرك وتوجهها لإصلاح نفسك وبالتالي إصلاح حياتك. وللوعي الذاتي ليس فقط تأثير على حياتك ونجاحاتك الفردية بل أيضًا هو المفتاح لعلاقات سوية مع الآخرين.

الوعي الذاتي وعلاقتك بنفسك

الوعي ليس رفاهية، بل واجب تؤديه لنفسك لتنجو بها من الحيرة التي تراودك عن  هويتك، طباعك، قدراتك، وحقيقة مشاعرك وفهمك للأمور. الوعي يزيد من التحكم بانفعلاتك لأنك واعٍ لسبب، وأصل ذلك الانفعال، متخذًا قرارات حكيمة مبنية على أسس صحية وليس على انفعالٍ لحظيٍّ. وعيك بنفسك سينقذك من مشاكل الوجع والفقد ستتعلم كيف تضع يدك على المشكلة لتحلها، وعندما تكتشف سبب ضعفك وخوفك  ستتمكن من الاعتناء بنفسك بأكثر الطرق لطفًا ورحمة، ستصبح على دراية كاملة بما تحتاجه نفسك سواء الراحة الكاملة وتدليل نفسك أو الحزم في التعامل بإلزام نفسك بجدولٍ صارم لتنجز مهامك التي تكاسلت عنها.

الوعي بالذات يجعلك تنظر إلى نفسك نظرة مختلفة، نظرةً أساسها شخص واعٍ لنفسه وتصرفاته، نظرة رضا وتقدير عن كل الرحلة التي سافرتها عبر الأوقات وخلال الأزمات.

الوعي الذاتي وعلاقتك مع الآخرين

كلنا بلا استثناء نسعى دومًا لعلاقاتٍ صحية ناجحة؛ ولن ننجح في إقامة علاقة سوية دون أن تكون واضحًا مع نفسك محدَّدًا في احتياجاتك النفسية، المعنوية، والمادية من العلاقة. وأعتقد أن الوعي الذاتي واحترام الذات صورتان لعملة واحدة فلن تكون واعيًا لنفسك دون أن تحترمها وبالتالي محترمًا لرغباتك فارضًا لاحترام الناس لك واحترامهم لحدودك واحتياجاتك دون التقليل من شأنها؛ ومن رأيي أيضًا أن فرض احترام الآخرين لك من أهم سمات الشخص القوي الذي ينتهي به المطاف لعلاقات ناجحة.

وعيك بنفسك يحميك من العلاقات غير السوية، فأنت مع البحث والاستنتاج والتحليل أصبحت تفهم متى تكون أنت المشكلة ومتى تأتي المشكلة من غيرك، ومتى تنسحب إذا انغرست في علاقة لا تشبهك ولا تحترم احتياجاتك ورغباتك. فأنت الآن أصبحت واثقًا من نفسك واثقًا من قدرتك على العطاء متقبلًا لصفاتك السيئة ساعيًا لتغييرها فبالتالي لن تقبل بعلاقة لا تليق بك وطرف لا يحترم ذكاءك ولا يتماشى مع أسلوب حياتك.
الوعي بالذات يعزز ثقتك بنفسك ويقوى قدرتك على حماية نفسك من التشوه المجتمعيّ أو أن يوهمك كائنًا مَن يكون بصفات وخصال لا تشبهك فأنت على دراية كاملة بنفسك ولا تنتظر تقييم الآخرين فيك.

في نهاية المطاف أنت القائد الأول والأخير لنفسك والمتحكم فيها وقرارك الذي ستأخذه اليوم ربما سيؤثر على حياتك،  فلتأخذ قراراتك بناءً على وعي كامل بنقاط قوتك وضعفك واحتياجاتك النفسية والمعنوية.

إليك أيضًا

• تسع طرق لتحقيق الوعي الذاتي
• ماهو الوعي الذاتي؟وكيف تزيد من نجاحك في الحياة ؟
• لماذا أنا شغوفة بالتطوير الذاتي؟