الفلسفة.. الخُطوات الأولى(1)

ما هي الفلسفة؟
هناك العديد من تعريفات الفلسفة. ليس من المستبعد تمامًا أن السؤال بصيغة (ما هي…؟) ليس أفضل طريقة للتعامل مع تعريف الفلسفة. هناك العديد من الأسئلة الهامة الأخرى لتحديد ووصف الفلسفة. من هم الفلاسفة؟ ماذا يفعل الفلاسفة؟ كيف يصبح المرء فيلسوفًا؟ كيف وأين ومتى تحدث الفلسفة؟ “المعرفة الفلسفية ليست من أجل الاستخدام، إنها ليست مفيدة، وليست أداة” -أرسطو.

الفلسفة عملية متجدِّدة

“الفيلسوفُ مبتدئ دائمًا، مما يعني أن الفلسفة نفسها يجب ألا تأخذ نفسها كأمر مسلم به، بقدر ما تمكنت من قول شيء حقيقي، إنها تجربة متجددة باستمرار في صنع بدايتها.” -موريس ميرلو بونتي-. يؤكد علماء الظاهرة والفلاسفة الوجوديون بشكل خاص على الممارسة التحضيرية للفلسفة بشكل دائم، فهي تحافظ الفلسفة على اتصال مستمر ببدايتها. إنها كما يقول عنها الفيلسوف (كارل جاسبرز)، واصفًا نفسه: “تتطلب الفلسفة تفكيرًا مختلفًا، تفكيرًا، مع العلم، يذكرني، يوقظني، يجلبني إلى نفسي ويحوِّلني، يضغط الفلاسفة بشكل عكسي على النقطة التي يصبح فيها التفكير تجربة الواقع نفسه”. 

[ماذا لو كان راتبك بلا عمل؟ العالم الوظيفي بمنظور جديد كليًا]

ما هو دور الفلسفة؟

إن وظيفة الفلسفة هي مساعدتنا على الاستجابة بشكل فعّال للقضايا الاجتماعية والسياسية، مثل تلك التي تنطوي على العرق أو الجنس أو عدم المساواة، أو تعميق جاذبية ثقافتنا أو مساعدتنا على تحقيق الحياة المدروسة. ولكن ألا تستطيع الفلسفة أن تقوم بكل هذه الوظائف وأن تكون بحثًا عن الحقيقة حول الأسئلة الكبرى.

جميع البشر بطبيعتهم يرغبون في الفهم. ويبدو أن العلم ليس كل ما نريد أن نفهمه. أسئلة مختلفة نوعًا ما عن أسئلة العلم تملأ كتب الفلسفة” -أرسطو

تريد الفلسفة أن تعرف ما إذا كانت هناك حقائق حول كيفية الأشياء، وهل يجب أن تكون هناك حقائق علمية حول كيف تسير الأمور، وما هي وكيف يتم اكتشافها؟ وفي هذه الحالة، ماذا نقول عن الأخلاق؟ تبحث الفلسفة عن الأجوبة بطريقة غير مألوفة.

كيف نتعامل مع الفلسفة؟

على عكس أسلافنا، لا نعتقد أن العالم لا يتجاوز عمره بضعة آلاف من السنين. ولا نعتبر نهاية الأيام أقرب من البداية. نحن البشر لسنا جيدين في جعل فهمنا اليومي والمعيشي لمكان البشر في عالم يتصف بهذه الحقائق الزمنية. مجرد قول “الملايين” حيث قبل أن نقول “الآلاف” لا يعني أننا نفكر في الملايين. إنّ وجهة النظر التقليدية، كل من العلم والفلسفة تقترب من حدود ما يمكن القيام به، وذلك من حيث الكم والفعل تحقق، والفلسفة هي وراء ذلك بكثير.

لماذا يتوجب عليك أن تكون لطيفًا مع الأشخاص الذين تكرههم؟! [عن رواية الطريق]
وهكذا يبدو أننا نتعامل مع الفلسفة. يبدو أن القلق من تقدم الفلسفية من جانب ممارسيها ينبع من الافتراض بأنه إذا كنا سنقوم بكسر الأسئلة الكبيرة الموكلة إلينا، فإننا قد فعلنا ذلك الآن أو سنقترب.

كيف نفهم الفلسفة؟ القراءة هي الحل

دراسة الأعمال الفلسفية هي عملية تكرارية وتفسيرية. سيتعين عليك قراءة وإعادة قراءة الأعمال الفلسفية، على أمل الحصول على المزيد قليلًا مع كل قراءة. القراءة ليست مجرد نقل سلبي للمعلومات من المفكر إلى رأسك. سواء أدركت ذلك أم لا، فأنت تتفاعل بنشاط مع المفكرين الذين تقرؤهم والأفكار والحجج التي يقترحونها عليك. وعندما تقرأ المزيد وتواصل تعليمك في الفلسفة، تبدأ في فهم كيفية ارتباط مختلف المفكرين والحركات والمواضيع والأفكار مع بعضهم البعض. وهذا بدوره يوفر لك فهمًا أكثر صلابة لما تقرأه.

[التوستماسترز: منظمة صناعة المتميزين في العالم]

هل الفلسفة حقاً معقَّدة؟

يعبر عدد غير قليل من الناس عن مخاوفهم فيما إذا كانوا مستعدين بالفعل لمهمة قراءة وفهم النصوص الفلسفية الكلاسيكية أو المعاصرة. بعد كل شيء، تتمتع الفلسفة بسمعة كونها صعبة وعميقة ومجردة وصعبة، بالمقارنة مع العديد من مجالات الدراسة الأخرى – وهي محقة في ذلك. يمكننا أن نضيف إلى ذلك حقيقة أن معظم الفلسفة حتى القرن العشرين مكتوبة بلغات أخرى غير الإنجليزية، ويمكن للمرء أن يشعر بالقلق أيضًا بشأن ما إذا كانت الترجمات تحقق العدالة للنصوص الأصلية.

يصبح مفهومًا تمامًا بعد ذلك أن القارئ المحتمل للفلسفة يمكن أن يعتقد أنه سيكون من الأفضل ألا يذهب إلى النصوص الأولية مباشرة، ولكن فقط بعد أن يكون لديه الانضباط وبعض الأفكار الرئيسية المقدمة من أمهات الكتب الفلسفيّة. تابع قراءة المقال