رحلتي مع القرآن.. وأجمل ما حدث لي
رحلة مليئة بالنور الذي ملأ قلبي وعقلي، فالقرآن بحرٌ من العلم الذي لا نهاية له. علمني الكثير وجعل حياتي أفضل كثيرًا
add تابِعني remove_red_eye 16,671
وأنا صغيرة كل مرة أبدأ فيها بحفظ القرآن لا أكمله، فكنت أحفظه نتيجة ما يُقال لي:
احفظيه لتزيدي من حسناتك وتكونين شفيعة لأهلك يوم الدين.
لا أنكر أنها فوائد عظيمة وجيدة لكنها لم تكن تُشبعني من الداخل، فكان هناك شيء ناقص دومًا، فلم أكن أريد أن أحفظ القرآن كالجميع ولنفس السبب، حيث كنت أومن أننا مختلفون؛ فلكل منا سببه الخاص في قدومه على حفظ القرآن.
وظللت أنتقل من مسجد إلى آخر ولا أكمل أيضًا، حتى قررت أن أتدبر آياته وألا أتركه أبدًا. وبدأت رحلة التدبر التي أنارت قلبي وعقلي بآياته والتي أشعر من خلالها بأن الله يُحدثني، ثم بعدها وجدت على صفحة صديقتي بوست لمعهد تحفيظ القرآن، فشعرت داخلي بصوت يُحركني ويقول لي هيا ألم يحن الوقت بعد؟! فتحدثت معها وقررنا في النهاية أنها من ستحفظني لبُعد مكان المعهد عني.
وقفة مع النفس: لماذا أريد الحفظ؟
وكانت الإجابة لأنني أحبه وأُريد الاستمتاع بصحبته، أريده أن يكون صديقي الدائم الملازم لي (الملاذ الآمن الذي لن يتركني).
أريد الاستمرار على الالتزام به، فماذا أفعل؟
تذكرت حينها حديث الرسول (صلى الله عليه وسلم) عندما سُئل أيُّ الأعمال أحبُّ إلى الله؟ قال: (أَدْوَمُها وإنْ قَلّ) فقرّرت حينها أنْ أبدأ بحفظ صفحة واحدة لمرة واحدة في الأسبوع.
ولكن بأي سورةٍ أبدأ؟
فاستمعت إلى صوت قلبي بأكثر السور المحببة إلى قلبي وهي سورة طه.
وعن أجمل ما حدث لي في رحلتي مع القرآن:
1. البداية
عندما بدأت بترديد آياته لحفظها شعرت حينها بحالة من الهدوء والأمان وصفاء الذهن والتركيز وكأن جبلًا من الهموم المليء بالصراعات داخلي انزاح عن جسدي بالكامل. أهي حالة من الحضور والسكون أم ماذا؟ وفي كل مرة أردّد بها الآيه أثناء المراجعة أو التسميع أكتشف معنى جديدًا يلمس قلبي، فيكون إدراكًا جديدًا للعقل يجعلني أرتبط به ويزيدني عشقًا.
2. تصحيح وتعديل نطق اللغة العربية
فكان هناك شيء مختلف عن التدبر بالكامل وهو النطق بالتوجيد والتشكيل، ففي التدبر كنت أقرأه بطريقة عادية، ولكن في الحفظ شعرتُ بأنني طفلة تتعلم القراءة من جديد. ويا له من شعور. فنطق خاطئ قادرٌ على تغيير المعنى بالكامل، ما أدى إلى زيادة تركيزي وتحسين النطق ومراعاة مخارج الحروف لدي.
3. آياتٌ استوقفتني من عظمة الرحمن
(رسائله وآياته التي لمست قلبي فاطمئن بها عقلي)
(أ) بدايةً بسورة طه
– فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَىٰ (67) قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الْأَعْلَىٰ (68)
آياتٌ استوقفتني .. لمست فيها إحساس الإطمئنان، شعرت وكأن الله يطبطب على موسى ويطمئنه.
– فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44)
ورحمته وسعت كل شيء، فبرغم ما فعله فرعون، قال رب العالمين لموسى وهارون تلك الآية. فأيّ ربٍّ هذا الذي بذلك الجمال والوسع والرحمة. آياتٌ زادتني عشقًا بالله.
– كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى (81)
كان أمر الله حقا، فتنبهت لذلك عندما آكل أكثر من طاقتي، أجد نفسي حينها غير قادرة على التنفس ولا الكلام وتزداد عصبيتي لكل من أتعامل معه وقتها. أعلم أن تلك الآية لها تفسير آخر في بعض الكتب، لكني أدركها بمعنى آخر يشبهني قريب لنفسي، وكأنها رسالة لي لأنتبه، فذلك البحر من العلم لا نهاية له، كلّ يدركه حسب درجة وعيه.
– فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى (130)
نعمة وخير وجمال التسبيح فلا يقول الله أمرًا إلا وكان خيرًا لنا. (حفظ وجمال، تيسير واتصال)، تسبيحٌ بالقلب والعقل بالحضور والسكون وليس بترديد اللسان فقط.
– وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى (131
حدث موقف عجيب لم أكن أتخيله وأنا أردد تلك الآية لحفظها، فكان هناك زائدة جلدية تحت عيني وقالت لي الدكتور إنها تحتاج لجهاز معين لإزالتها، فأجّلت الأمر وقتها، وإذ بي أجد نفسي أشعر بحكة في ذلك المكان وأنا أُردد تلك الآية، فوضعت يدي عليها وإذا بي أرى أنها أُزيلت تمامًا دون أي آلة.
ذهلت ولم أصدق وظللت أنظر للمرآه أكثر من مرة وأنظر لتلك الآية، ومن وقتها وتلك الآية حفرت في عقلي، وأصبحت ذكرى جميلة مرتبطة بذلك الموقف. أعلم أن ما حدث لي ليس له علاقة بتفسير الآية ولكنه كان خيرًا عظيمًا بالنسبة لي. أدركتُ حينها أن آياتِ الرحمن شفاءٌ للخارج كما بالداخل. سورة لم ينته جمال آياتها بعدُ وأعلم أن في كل مرة أراجعها ستلمني آية وأستوقف عندها، فكل سورة وكل آيةٍ بحرٌ من العلم لا نهاية له.
(ب) سورة النور
– إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5)
مهما فعلنا ومهما أخطأنا نجد الله يحتوينا برحمته ومغفرته بعيدًا عن حُكم الناس وقسوتهم علينا، فتلك الآية التي جعلتني أختار تلك السورة بعد سورة طه. (أتبعُ قلبي في اختيار السور)
– .. وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (22)
أيّ جمال ورقّة يتحدث بها الله عن التسامح، آيةٌ تجعلني أبحث عن كيفية التسامح إذا كنت غير قادرةٍ عليه، فكلام الرحمن لصفاء القلب يستحق الاجتهاد والبحث.
– يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24)
آيةٌ استوقفتني لعظمتها، جعلتني أنتبه لأدق التفاصيل لما أفعل أو أقول.
بتلك الآيات لا أشعر أني وحيدة. الله يعلم ما بداخلي؛ فيطمئن قلبي وأكون مُحبة لمناجاته كُل ليلة.
– لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (38)
وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان، أن نُحسن في كل عمل نقوم به ونستمتع بتفاصيله تاركين النتيجة لله، ونحن على يقين أنه سيزيدنا من فضله.
– .. وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ (40)
حقيقة فعندما أبتعد عن الرحمن وأنشغل بأمور الدنيا فقط. أشعر بأن مخزون الطاقة الذي شحنته من الله يستنفذ؛ فأشعر حينها بأن هناك شيء ناقص دومًا، وأجدُ طريقي مظلمًا وأستسلم سريعًا للعقبات. هناك الخير الكثير والدروس والرسائل في سورة النور التي لا تنتهي، ولكني في منتصف السورة ولم أنته منها بعد، وأعلم أن الخير الكثير ينتظرني..
أعلم أني مازلت في بداية الرحلة فلم أحفظ إلا سورة طه ونصف سورة النور بعدّ، ولكني لا أركز على النهاية بل أستمتع بطريقي ففي طريق الوصول وصول.
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 16,671
رحلة مليئة بالنور تساعدنا على فهم أثر القرآن في حياتنا
link https://ziid.net/?p=64137