الانضباط الذاتي معناه السيطرة على النفس وقوة الإرادة على معارضة الرغبات، وهي مهارة تستخدم فيها استراتيجيات الفعل وليس رد الفعل أي أن تعمل ملتزمًا بخطة ورؤية واضحة قائمًا أنت بالمبادرة على الفعل، وتعتبر أم المهارات فمن دونها لن تُجيد أي مهارة، بالانضباط الذاتي أنت ترفض المتع المؤقتة مقابل شيء أفضل لك ولمستقبلك قد يترتب عليها نقلة في حياتك وحياة أسرتك وحياة أطفالك فيما بعد، وهذا يظهر جليًّا في حياة الناجحين، ليؤكد بأن الانضباط الذاتي ليس مجرد مهارة، فوراء كل رجل ناجح وامرأة ناجحة انضباط ذاتي.
ويذكر الدكتور “فهد معيقل العلي” وهو أول من أجرى الأبحاث في موضوع الانضباط الذاتي من المملكة العربية السعودية بهدف معرفة طرق وأساليب تعزيز حالة الانضباط الذاتي بأن هنالك أربع مقومات للانضباط الذاتي حسب الدراسة التي أجراها على الموظفين في الأجهزة الحكومية.
المقومات الأربعة للانضباط الذاتي
1. تحديد الأهداف
تحديد أهدافك يولد الحافز لديك، ووضع خطة عمل لتحقيق الهدف خطوة بخطوة سيجعلك تشعر بالسعادة عند كل خطوة تحققها وبهذا تحقق الانضباط الذاتي الذي يجعلك تواصل العمل على تحقيق أهدافك.
2. السيطرة على النفس
بحيث يكون لديك القدرة على التحكم بعواطفك وأفكارك وأنشطتك وتوجيه كل ذلك إلى تحقيق هدفك وتعتبر هذه اللبنة الأولى والأساس.
3. الحافز
وهو الحماس الداخلي يعتبر المحرك لك لبذل المزيد من الجهد وتحقيق الإنجاز المطلوب وبهذا تقاوم المشتتات ويكون تركيزك موجَّهًا.
4- المثابرة
مهما كانت التحديات والصعوبات تستمر في التركيز على الهدف، وتثابر حتى وإن فشلت تحاول بلا استسلام إلى أن تصل لهدفك.
الانضباط الذاتي قدرة الفرد على فعل الأشياء بغض النظر عن حالته النفسية، ويوضح “العلي” أن هنالك عوامل تؤثر على الانضباط الذاتي وهي:
البيئة
البيئة المحيطة بك سواء في البيت أو في الخارج والظروف الاجتماعية من أسلوب تربية أو وضع مادي وثقافي وفي العمل أسلوب الإدارة.
القيم
تؤثر القيم على الانضباط الذاتي فمثلًا: العمل الجاد بمسئولية شخصية تُعدّ قيمة من قيم العمل. وغياب القيم الدالة على الانضباط الذاتي تعد مؤشرًا على الانغماس الذاتي والضعف الأخلاقي، فالقيم هي أكبر داعم للانضباط.
الاتجاهات
الاتجاهات تحدد مدى أهمية الانضباط الذاتي لديك فإذا كان الاتجاه اتجاه إقدام ورضا كانت القيم التي تصحبك وترتبط بك قيما إيجابية، أما إذا كان اتجاه إحجام ونفور وعدم قبول كانت القيمة سلبية.
الدوافع والحوافز
الدوافع لها دور مهم في التأثير على الانضباط الذاتي فهي تعمل على توجيه سلوكك لتحقيق أهدافك وهي مؤثر داخلي، وتنبع من الذات الإنسانية لتحقيق إشباع حاجة معينة، وتختلف من شخص إلى آخر، أما الحوافز فهي مؤثر خارجي لإثارة دافعيتك وتحريك سلوكك الذاتي لإشباع حاجات معينة، وتكون الحوافز خارجية مادية مثل: ترقية أو مكافأة، ومنها معنوية مثل: مشاركتك في اتخاذ قرار، ويوجد حوافز سلبية مثل الخوف من العقاب والتهديد وهو ما أظهرت نتائج البحث العلمي عدم استحسان الرقابة التقليدية واستبدال ذلك بالثقة والتعزيز الإيجابي.
وحتى تحقق الانضباط الذاتي تحتاج أن تتعرف على أمور تساعدك في تحقيق ذلك بإيجاز هنالك (5) أمور ستساعدك حتما وهي:
- اعرف نفسك
- ابتعد عن المغريات من حولك
- حدد الأهداف
- ضع خطة لتنفيذها
- وتابع ما تفعله
تحديات بطلها الانضباط الذاتي
الانضباط الذاتي ومستجدات التعليم
هنالك توجه للتعليم الذاتي في هذا العصر أكثر من أي وقت مضى، اعتدنا فيه أن نتعلم من خلال المدرسة أو أي مكان آخر، المشكلة التي نواجهها ليست في التعليم الذاتي ولكن في فقدان مهارة الانضباط الذاتي، فكيف سنتعلم ذاتيًّا و كيف سنحقق أهدافنا الشخصية من دون أن يكون هنالك متابعة خارجية، خاصةً وإن لكل شخص سمة ونمطا معينا.
الانضباط الذاتي والبقاء في الحلبة
اليأس والإحباط عند مواجهة أي مشكلة من الممكن أن تجعلك تقف وتترك اللعبة إلا إذا قهرت شيطانك وفهمت أن هنالك عقبات طبيعية فلا تستغرب وكن مستعدًا.. لا ترضَ بالجلوس على الدكة، إذا طلبت من الله أن يحقق حلمك لا تتوقف عن السعي فاللّه يراك ويسمع قولك ويريد -عز وجل- أن يرى عملك، فثق بكرمه ولا تتوقف بسبب فشل أو صعوبة إنها لعبة الحياة، فقط كرر الجولة وحاول من جديد.
أيضًا ألقِ نظرةً على قصص الأنبياء وتعلم من صبرهم، كيف استمروا في رسالتهم بالرغم من كل شيء، فكل عقبة تواجهك تأكد أنها لن تعيقك، إذا أراد الله لك تحقيق رغبتك فستكون فقط اصبر.
العقبات هي اختبارات لقوة رغبتك، وصدقك فيما تريد
الانضباط الذاتي والموظف المطلوب
لا يقتصر الانضباط الذاتي على الشخص في حياته وتعليمه فقط بل تحرص منظمات العمل أيضًا على هذه المهارة لما تواجهه من ضعف في الانضباط لدى العاملين مما يؤخر الإنجازات ويؤثر في الأداء الإيجابي، لذلك الموظف المطلوب والمرغوب فيه هو الملتزم.
ما العوائد من الانضباط الذاتي؟
من فوائد الانضباط الذاتي كما أوضح “العلي” أنك سوف تحب نفسك وتحترمها وسيزداد تقديرك لذاتك وثقتك بنفسك وستشعر بنشوة الإنجاز كل هذا سيحسن من صورتك أمام نفسك. أيضًا ستكون لديك الخبرة والمهارة في مقاومة الشهوات والأشياء التي لا تعود عليك بالفائدة فشعور المسئولية يتطور من خلال الانضباط، وكذلك يكون الالتزام صفة لديك تميزك.
وأخيرًا، الانضباط الذاتي مهارة تحتاج إلى تدريب، فالسيطرة على النفس التي هي “كالطفل إن تهمله شب على حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم” لا يكون بين عشية وضحاها، ولقد ذكر “العلي” في بحثه أسلوبًا فعالا لتطوير الانضباط الذاتي يعتمد على رفض إشباع الرغبات غير الضرورية وغير المهمة وعن طريق هذا الرفض المستمر لها تصبح أقوى كما تقوى عضلات الجسم من خلال الرياضة المستمرة.
إليك أيضا
مقال هام للغاية حول مفهوم الانضباط الذاتي وكيف يمكننا تطبيقه في الحياة
link https://ziid.net/?p=46611