كيف غيرت الصلاة على وقتها حياتي بما لم أتوقع!

عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: (سَأَلْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أيُّ العَمَلِ أحَبُّ إلى اللَّهِ؟ قالَ: الصَّلاةُ علَى وقْتِها، قالَ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: ثُمَّ برُّ الوالِدَيْنِ قالَ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: الجِهادُ في سَبيلِ اللَّهِ) رواه البخاري.

إن فضل الصلاة على وقتها فضل كبير فهي من أحب الأعمال إلى الله، ما دفعني للالتزام بها أول مرة هو درس ديني لأحد الدعاة على فديو، كان ذلك أول قرار ولولا كرم الله وفضله ما ثبت القرار، إنني سعيدة لأولئك الأشخاص الذين ينشرون الخير، وحقاً قد تكون كلمة في ذات مجلس تحدث فيك أثراً يغير حياتك كلياً ويمتد سنين.

إن المؤمن في علاقته مع ربه يكون في زيادة ونقصان، وكلما صلحت أعماله وقلت ذنوبه أبصر نوراً أكثر فأكثر، وأدرك حكاية الهداية، إن الحياة مع الله هي حياة أخرى تغير غاية الإنسان وتدفعه على الصبر على البلاء والشكر عند النعمة.

4 أمور في حياتي تغيرت بسبب أداء الصلاة على وقتها

1- ستعرف حقاً ماذا يعني أن الصلاة كتاب موقوت

عندما تصلي الصلاة كل مرة في زمن ما ضمن وقتها المباح لا تستشعر فكرة الإيقات هذه، فقد وجدت ارتباطي بالزمن وأدركت إيقات أوقات المؤمن للصلة بالله، ستجد انضباط الزمن وإحكامه.

2- رأيت عطاءً بعدها لم أره قبلها

عندما كان القرار أول مرة عزمت أنني مهما كنت مشغولة ومهما كان لدي ذنوب سأنوي هذا العمل خالصاً لله، والتزمت سنة كاملة، بعد هذه السنة كان هناك عطاء من القرب إلى الله وإجابة الدعاء لم أر في حياتي مثلهما قط، ثلاثة شهور بعدها لا أتذكر دعاء دعوته ضمنها إلا أجيب، من أبسط دعاء لأكثرها صعوبة، إلى الحد الذي بت فيه أستغرب ممن يقول أن هناك دعاء يتأخر أو لا يجاب.

3- رأيت عطاء الفهم الجديد للقرآن الكريم

وهذا من عطاء هذه السنة العظيمة، فبعدها لأول مرة أقرأ القرآن بطريقة جديدة تماماً، هي طريقة الفهم الموضوعي للقرآن الكريم، إن سورة القرآن ليست بلا موضوع محدد وإن انتظام خطاب معين فيها ذو مغزى واحد يخدم هدف السورة وحتى لو كانت السورة طويلة، ستصبح تقرأ السورة الطويلة بمجلس واحد مع استمرار تذكرك لمعاني أول الآيات مع آخرها، حيث يتشكل في ذهنك الموضوع من أوله لآخره.

إذا قرأت القرآن بطريقة الفهم الموضوعي، حيث ستقرأ بالسور وليس بالأجزاء، وستقرأ بسلسلة الموضوع الذي يمضي في السورة، بعدها ستجد للقرآن طعماً آخر، ستصبح ترى القرآن مفهوماً وستصبح تراه في كل مكان في حياتك وأنه يمس أدق تفصيلة فيها. كتبت عن هذا في مقالي: 5 طرائق جديدة لحفظ القرآن الكريم من تجربتي أنصحك بشدة قراءته.

لقد بقيت سنوات طويلة لا أعرف كيف يلمس القرآن حياتي، ولماذا تبدو قضية الإيمان والتوحيد هي القضية الأم فيه، وأنا مؤمنة ولست كافرة فكيف تلمس هذه الآيات حياتي. أبحث عن أسئلة من مثل ما الذي ينقصه الغرب بعد عزه الظاهر وكيف يحب دعاتنا نشر الإسلام فيه، ستجد العمق لقوة ديننا الإسلام، صدقني أنت لا تعرف كم هذا الإسلام متين للغاية، وكم هو حق.

أجيب عن أسئلة من مثل كيف أستفيد من آيات حجة بني إسرائيل أن إبراهيم ما كان يهودياً ولا نصرانياً مثلاً، وكيف أقرؤها، يخطئ الكثيرون بالفهم السطحي أنهم بني إسرائيل أشرار كانوا يكذبون وكان القرآن يبين كذبهم، هذا سطحي مقارنة بعمق الصراع الذي كان يرسمه القرآن، ستعرف لماذا سيكون القرآن كافياً وسيلخص أهم ما يختلج في هذه النفس البشرية من خير وشر ويعالجه.

توجد الكثير من الآيات التي تمر عليها دون أن تعرف معناها، وتحيلها لأسلوب القرآن أو تأخذك نزعة الاهتمام بالتجويد عن المعنى، صدقني القرآن يتحدث إليك بلغتك وبطريقتك، قد نبدو أحياناً وكأننا صنعنا للقرآن قالباً غريباً يهتم كثيراً بتجويده ولا يهتم بالغاية التي أنزل لأجلها. ستجد طريقك أخيراً لتسمع القرآن كما سمعه العرب لأول مرة، وحينها ستشعر بآياته.

4- ستمهد طريقك إلى “أرحنا بها يا بلال”:

يجد الكثيرون الصلاة ثقلاً عليهم لأدائها، وهذا يمر به كل مؤمن، ولكن يوماً بعد يوم، وإيماناً بعد إيمان تتقوى علاقتك بالصلاة وأمنها. إن العبادات لم توجد لكي تكون مريحة لك، عليك أن تعلم ذلك، إنها مجاهدة للنفس، لكي تحقق غاية فيك بعدها. وأجد الصلاة فائدة وكأنها انعكاس لآلاف الأعمال الدنيوية التي تقوم بها في الحياة وأنت تكرهها لقطعها راحتك ولكنك يجب أن تلتزم بها لتحقيق مكسب ما، فمثلاً أنت تضطر لقطع وقت نومك والاستيقاظ بكاراً للذهاب إلى عملك لكسب الرزق.

ستسير في درب إتقانك إلى صلاتك، ولا أجد إلا ما أسمعه دائماً من دعاتنا أنه كلما قوي إيمانك تعمقت صلاتك وعرفت طريقاً للخشوع فيها والأمن. إن الصلاة على وقتها تزيد عدد الصلوات التي تخشع وتشعر بالقرب فيها، والتي تزيد فيك الراحة.

في الختام، إن هذا الدين دين عظيم، وإن أي سنة ستضيفها إلى حياتك وتقرر المداومة عليها ستغير حياتك تغييراً جذرياً، ستهتدي أقرب للصبر حين محنتك والرضا بعمق في كل أمرك وتهدى عطاءاتٍ لم تتوقعها قط.