كيف نجد السعادة في كل يوم؟
يُقال إن السعادة لا تأتي إلا بعد مشقة طويلة، تختلف الآراء ويبقى السؤال واحد: كيف نجد السعادة في كل يوم؟
add تابِعني remove_red_eye 180
remove_red_eye 167 قارئ
هذه الدنيا الفانية ليست بكاملة، وما جدوى الجنة ونعيمها إن كانت هذه الدنيا سعادة كاملة متكاملة؟ نحن البشر تخدعنا رغبتنا في السعادة والكمال وتسرق منا لحظات السعادة الحقيقية البسيطة كتواجدك مع أحباءك أو تمتعك بهواء منعش وأنت تتجول في مدينتك التي تحسبها رتيبة، رغبتنا في الوصول إلى السعادة توهمنا بأننا تعيسون حاليًا فنصدق ذلك ولا نعير اهتمامًا لأبسط الأمور التي ترسم بسمة على شفاهنا.
هل الكمال هو السعادة؟
نحن البشر ناقصون بالفطرة وهذا ليس بعيب بل نعمة عظيمة تجعلنا نشعر بالخفة، مثلًا ليس جميعنا لدينا نفس المواصفات والمهارات لذلك نجد في الدنيا وظائف وأعمال وأدوار مختلفة وهذا يخفف عبء الحياة، فندرك أن بإمكاننا الاعتماد على الآخر لأداء مهمة ما، كأن يطلب المهندس المساعدة الصحية من الطبيب ويطلب الطبيب من المهندس إتمام وتجهيز مخطط لمنزله أو استثماره، أو أن يطلب الطالب العلم من الأستاذ وينتفع الأستاذ من تدريسه وعلمه بشكل مادي ومعنوي.
لذلك الكمال ليس السعادة، ما الممتع في قيامك بكل الأدوار في المجتمع؟ أن كانت العلاقات الاجتماعية هي السعادة كيف تكون هناك علاقات من أساسه دون أن يكون هناك احتياج، أن كان الجميع مكتفين بأنفسهم ما الداعي لأبناء آدم جميعهم؟ بل ما الداعي لحواء زوج آدم؟ إن كان آدم قادرًا على كل شيء وحده لما استخلفه الله وأمره بتعمير الأرض وجعل له حواء مسكنًا وونيسًا؟
الكمال ليس السعادة والسعي نحو الكمال كالركض وراء سراب حتمي. قد نصل لمرحلة نظن فيها أننا عندما نصل للكمال المادي أو المعنوي نملك الدنيا وما فيها ونسعد سعادة أبدية، رغم من جمال وسحر هذه التخيلات إلا أن الحقيقة أن السعادة الناتجة من تحقيق الأهداف لا يمكن الوصول إليها دون العديد من المعوقات والتحديات والحرائق التي تنشب باستمرار داخل أنفسنا نتيجة لكل تلك الأفكار والتضحية والكلمات التي تمر في حياتنا جميعًا مهما اختلفت مسمياتها مضمونها واحد وهدفها موحد أن نستشعر لذة المغامرة والوصول.
السعادة اللحظية والأبدية
بناء على الكلام أعلاه يبدو أن السعادة ليست متوفرة حاليًا وصعبة المنال، ولكن هل بالفعل السعادة الغامرة لا تأتي إلا بعد المجهود الخارق والتحديات القاسية للوصول للغاية؟
إن نظرنا جيدًا وتأملنا في قصصنا وقصص الآخرين من محيطنا أو خارجه سنرى أن السعادة التي تأتي بعد تعب مؤقتة وغير دائمة كمنتج غالي وكميته محدودة، تلك السعادة غالبًا تكون نتيجة للفرحة التي يشعر بها الفرد فور وصوله لغاية ما وبعد إنجاز مهمة كانت صعبة عليه أو ربما على مجتمعه بأكمله، للأسف فور انتهاء لذة الفوز والانتصار يعود الفرد لحالة الرتابة وربما انعدام القيمة في حال لم يجد تحد وغاية جديدة. إذن متى تنتهي هذه الدائرة؟
لن تنتهي، باختصار شديد لن تنتهي إلا بنهاية حياة الفرد شخصيًّا لينتقل بعد ذلك للأبدية وهناك في الآخرة يجد الفرد السعادة الحقيقية أو ما عاذ الله الحزن الأبدي، ببساطة دار الدنيا دار فناء، دار نهاية، تنتهي حياة الفرد نعم ولكن أيضًا وهو حي يرزق تنتهي أشياء كثيرة حوله، تنتهي معاناته وتنتهي سعادته وتنتهي معاناته لنبدأ سعادة جديدة وتلك السعادة تنتهي أيضًا حتى يحدث المتوقع وتنتهي رحلة الفرد في تلك الدائرة وينطلق في خط مستقيم لا نهاية له. هذه الدائرة الدنيوية أوجدها الله عز وجل خالق الكون لتكون بمثابة تحديات وامتحانات ومتع أيضًا، قد تكون اختبارات عصيبة أو نعم عظيمة.
الآن كيف نجد السعادة في كل يوم؟
التوازن، نعم التوازن بحد ذاته، أساس الحياة أساس علم الأحياء والفيزياء والكيمياء وعلم النفس والفلسفة والسياسة أساس كل شيء خلقنا لأجله أساس العبادة وأساس العمل، أساس الوجود بأكمله التوازن.
أن تتعلم كيف تعبد ربك بحب وخوف، وكيف تستمتع بحياتك دون أن تضيعها، أن تتناول ما تشتهيه من طعام وشراب ولا تكثر في الغير صحي منه، أن تكون مقربًا ومحبوبًا من الآخرين وألا تنس نفسك أيضًا، التوازن أن تطلب العلم وتغامر في سبيله وتخطأ وتتعلم من أخطائك وألا تقسو على نفسك، أن تعمل ما في وسعك لتوفير حياة كريمة لنفسك وعائلتك ولا تنس المحتاجين ثم تتوكل على خالقك اللطيف الخبير، أن تكون كريمًا ليس بخيلًا أو مسرفًا، التوازن هو أن تدرك أن كل شيء رزق ورزق الإنسان لا ينتهي إلا بموته بل لا ينتهي إنما تنتهي أشكاله المعروفة في عالم الشهادة لينتقل بعد ذلك لرزق أبدي.
إليك أيضًا
المزيد عن: تطوير الذات، حياة
تاريخ النشر: الأربعاء، 14 سبتمبر 2022
تفضيل لا تفضيل
add تابِعني remove_red_eye 180
موضوع المقال
هل تريد أن تعرف كيف نجد السعادة في كل يوم؟ .. إليك هذا المقال
link https://ziid.net/?p=103683