كيف أتجنب التأثيرات السلبية التي أخضع لها بشكل يومي؟
نعيش في عالم مفتوح، نأثر ونتأثر، ويبقى تحدي أن نتصدى للتأثيرات السلبية أمرًا بالغ الأهمية، لكن كيف يمكن فعل ذلك؟
add تابِعني remove_red_eye 3,358
كتبت مقالًا سابقًا حول قانون التأثير والتغيير في المجتمعات وأخبرتك أن هدفي من استعراض ذلك هو أن أجعلك تعي جيدًا قيمة تصرفاتك، وأن أدفعك إلى السعي إلى خلق عالم يناسب أفكارك للعيش فيه. لكن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح الآن: هو كيف أخلق هذا العالم لنفسي، وكيف أتجنب التأثيرات السلبية التي أخضع لها بشكل يومي؟ والإجابة عن هذا السؤال هو هدف هذين المقالين.
اخلق عالمًا بديلًا تعيش فيه كما تريد
في المقال السابق ركزت على فكرة كيف تؤثر انت في العالم، لكن لا يمكننا ان ننسى أنك أيضا تخضع لقانون التأثر، فما يحدث حولك حتما يؤثر فيك، وإن كان كل ما يحدث حولك سلبيًّا فحتمًا ستتسرب السلبية لك والتصدي منها هي مهمتك اليومية، وذلك بخلق عالم بديل داخلك تعيش فيه. أنا لا أدعوك لأن تعيش منفصلًا تمامًا عن العالم من حولك، أو أن تنطوي وتعيش في عزلة، لكن ما أتحدّث عنه هنا هو ألا تترك فراغًا داخلك حتى لا تأتي السلبية وتجد مكانًا لتتربع فيه.
أحط نفسك بالأفكار القيمة، الكتب العميقة وتابع الأشخاص المنتجين، هذا سيجعلك تعيش وسط مناخ من الأفكار الناضجة وأن تصير منتجًا بدورك لأن من يحيطون بك منتجون وترى نفسك أنك تعيش في عالم من الإنتاجية الدائمة.
من أين أبدأ لكي أخلق عالمي؟
ابدأ بحساباتك على مواقع التواصل الاجتماعي، احذف من قائمتك الصفحات التافهة والتي يكثر فيها السب والشتم وقلة احترام الآراء، وعوضها بصفحات قيمة يديرها أناس ناضجون، ويتناقش فيها أشخاص محترمون رغم اختلافات وجهات نظرهم.
لا تتوانى أبدًا في حذف أي صفحة أو مجموعة ترى أنها تؤثر عليك سلبًا، وخذ على سبيل المثال وهذه نقطة في غاية الأهمية: تنتشر بعض المجموعات و الصفحات التي تنشر إنجازات أشخاص و تظهرهم أنهم بشر خارقون، يكون في رأي صناع هذا المحتوى هو نشر إنجازات هؤلاء لدفع البقية إلى الإنجاز، المشكلة أن هذه السياسة ليست إيجابية كما يتصورها هؤلاء، فهذا قد يحبط الكثيرين، رؤية من هم في سنك أو أقل سنًّا منك بتلك الكمية من الإنجازات قد يسرّب لك إحساسًا بالإحباط وشعورًا بالدونية، ودعونا لا ننسى أن قانون النجاح يخضع دائمًا للفرص وضربات الحظ، خاصة إن كان النجاح في سنّ صغيرة.
وهناك نقطة أخرى وهي مهمة أيضًا، لا تقارن نفسك أبدًا بالآخرين، بل تشارك معهم حب الإنتاج، حب تحقيق الأهداف وصناعة الأمل، لكن لا تقارن نفسك بأي أحد، فما حققه البعض قد كلّفه سنوات وشهادات وأموال طائلة، ليس من العدل أن تقارن نفسك وأنت في بداية طريقك بشخص كان قد بدأ طريقه قبل سنوات عديدة قبلك.
الأمران ليسا متناقضان، أنا أخبرك أنه من حقك أن تحذف صفحة تحبطك حتى ولو كان مضمونها يبدو إيجابيا، فتأثيرها السلبي عليك، أنت في غنى عنه تمامًا وعوضه بما يساعدك، لكن مع ذلك عليك أن تعرف كيف تتعامل مع نجاح البعض الذين قد تلتقي بهم هنا وهناك. وعليك أن تدرب نفسك على فهم أهدافك وأن تضع لها خطة واقعية لتحقيقها، لا تخضع أهدافك لقوانين الآخرين، كل شخص مساره يختلف عن الآخر وكل واحد منا عليه أن يكتشف ما هي أهدافه ويسعى لتحقيقها بمنطقية وواقعية ما يعيشه.
ودعني أحكي لك حكاية ستجعلك تفهم هذا الأمر
غاري فيانيرتشوك، وهو مؤثر وصاحب كتب أكثر مبيعًا في الولايات المتحدّة، وصاحب شركة فينرإكس، وهو شخص على الرغم من إنجازاته الضخمة إلا أنه يمنح نصائح مذهلة في مجالات عديدة، وهدفه دائمًا كما يقول “إن أساعد الناس لتحقيق أحلامهم، وألا يضيعوا الكثير من الوقت كما حدث معي”، رغم انشغالاته فإن له الملايين من الفيديوهات التي تحوي استشارات لأشخاص من مختلف دول العالم من مختلف الأعمار.
لدى غاري صفحات رسمية ناطقة باللغة العربية وهي صفحات تتجدد باستمرار وتقوم بترجمة المحتوى الذي يسجله غاري باستمرار حول التأثير، التسويق وصناعة المحتوى والكثير من الأفكار الرائعة. يقول غاري في إحدى فيديوهاته: “عندما كنت في 26 من عمري كنت أعمل لدى والدي في المحل، ومن بين مهامي حمل صناديق المبيعات ووضعها في سيارات الزبائن.
كان يأتي للمحل زملائي من كنت أتشارك معهم فصول الدراسة، كانوا يمتلكون سيارات فارهة ويرتدون ملابس أنيقة، بينما كنت أنا أحمل صندوق مشترياتهم بيدي لأضعها في سياراتهم، ثم أتمنى لهم سَوْقًا آمنًا وأعود الى المحل، لكن ذلك الأمر لم يكن يزعجني كما قد يبدو لكم، لقد كنت أعرف أنني أعيش بالطريقة التي أريدها وأنني بذلك أسعى لتحقيق الحياة التي أحلم بها وأنني سأعيش أحلامي واقعًا إلا أن هذه المحطة مهمة في مسار نجاحي”.
اكتشف هدفك وخطط له بواقعية
إن حكاية غاري تجعلنا نفهم الكثير من الأشياء، غاري لم يقارن نفسه بزملائه الذي حققوا نجاحًا باهرًا ما إن تخرجوا من الجامعات، ذلك لم يجعل غاري يتخلى عن أحلامه ويتقوقع فهو لم يستطع الحصول على وظيفة كهؤلاء، غاري كان لديه نظرة واقعية ومنطقية لخطة حياته، ولم يحاول صعود السلالم بطريقة غير صحيحة، فقد فضل صعود سلم النجاح بكل روية وبرزانة حتى لا يكلفه ذلك سقوطًا حرًّا بسبب قلة التوازن.
تابع أشخاصًا مثل غاري، واقرأ كتبهم واقرأ الكتب التي يقرؤونها، شاهد ما يجعلك نسخة أفضل من نفسك، والأهم من كل هذا أن تدخل عجلة الإنتاج، فدخولك هذه العجلة تضمن لك الاستمرارية، لا تبقى جالسًا تبحث عن التأثير الإيجابي، تقوم بجمعه وكل مرة التقيت بسلبية هنا أو هناك تحاول استعمال تلك الإيجابية لتتصدى من تلك السلبية، لكن عجلة الإنتاج تجعلك تدخل ذلك العالم المنتج، وتصير بذلك جزءًا منه، وهذا بحدّ ذاته تصد قوي للسلبية.
أنت مسؤول على جزء كبير مما تتلقاه يوميًّا
ما عليك أن تعرفه، أنك حر في انتقاء جزء كبير مما تتلقاه بشكل يومي، فانتقه بشكل جيّد، وهو سيساعدك على التعامل مع باقي ما تتلقاه ولا تستطيع تغييره أو تتلقاه بشكل إجباري، كجيرانك وزملائك في العمل أو الكلية، أو حتى من تتشارك معهم وسائل النقل. ستجد نفسك بعد بعض التدريبات تحسن التصدي للغباء المنتشر.
لا تتحول لواعظٍ وتجبر الناس أن يعيشوا في عالمك
والجدير بالذكر هنا، هو أن التصدي لكمية السلبية هو ليس أن تحاول جعل الناس إيجابيين بشكل إجباري، بإغراقهم بالمواعظ والحكم، أو دخول نقاشات عقيمة تتعبك وترهقك نفسيًّا، تذكر ما أخبرتك به سابقًا، لا ترهق نفسك بالآخر، واصنع عالمك الخاص واستغل كل وقتك في ذلك، خلق عالم إيجابي نضّاح بالحياة سينعكس على الآخر بشكل حتمي، وستكون بذلك قد ساهمت في تغيير ولو جزء بسيط من العالم.
كيف أساهم بشكل مباشر في خلق تغيير من حولي؟
أنت تجيد أمرًا ما محتم، اصنع محتوى تدرب وتساعد الناس به في هذا الأمر، أنت بذلك قد ساهمت في تغيير العالم، وكل واحد ساعدته هو بدوره سيحاول المساعدة لأنه سيحترم مساعدتك له.. وهكذا تدور عجلة التغيير، وعجلة الحياة التي نسعى للوصول لها.. فأنت لن تجبر أحدًا على فعل أمر لا يريده، ومن يريد التعلم أو الاستفادة ستمنحه أنت الفرصة.
وهكذا تدور عجلة التأثر والتأثير.. وهكذا بإمكاننا أن نتغير.
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 3,358
إن كنت تبحث عن طريق لتجنب التأثيرات السلبية عليك.. إليك هذا المقال
link https://ziid.net/?p=84737