[من رؤيتي الخاصة] ماذا لو كان العالم بدون دين وقوانين؟
فهم أهمية الدين في حياتنا تساعدنا في العيش والتخيل ويوسع مداركنا فقد وجد لمصلحتنا ولتربية نفوسنا كي نتمكن من أداء رسالتنا
add تابِعني remove_red_eye 38,355
كثيرًا ما تدور الاسئلة في رأسي، واليوم وجاءني سؤال شغلني يقول ماذا سوف يحدث إذا لم يوجد دين وقوانين وأيهما أهم؟ كيف سوف يكون العالم؟ وهذا أخذني لطرح أسئلة مشابهة مثل ما أهمية الدين في حياتنا؟ وماذا لو لم يوجد قوانين تنظم المجتمع وترشد الفرد للصواب؟ هذا ما سوف نناقشه الآن.
شكل الحياة بدون دين وقوانين
سوف نعيش معًا تجربة فكرية عن شكل الحياة مع غياب التشريعات الخاصة وقانون تعمل لصالح الفرد على المدى البعيد والقريب، وماذا لو اختفى النهج الديني الفكري السليم لسلامة الروح؟ ماذا لو لم يوجد حلال وحرام؟ ماذا لو لم يوجد قانون ينظم الخطأ والصواب؟ وبمجرد تخيلي للإجابة وجدت فوضى مجتمعية وفكرية على جميع المستويات، بمجرد النظر على مر العصور باختلاف المجتمعات في حال حدوث فوضى في الحروب والثورات يتصرف الناس بفوضى وينتشر القتل والعنف والسرقة وتحدث فوضى مجتمعية لا تحتمل من ضياع الحقوق، ومن يمتنع منعته الفضيلة التي اكتسبها من أي معنى أخلاقي إنساني أو معتقد يؤمن به.
وهنا يرفض السؤال نفسه يقول وكيف نجحت المجتمعات التي لا يحكمها الدين في التعايش والتطور؟
بنظرة سريعة وجدت أنها تعيش وفق قوانين العادات المجتمعية التي أتفق المجتمع ضمنيًا على تطبيقها ومع الوقت والسعي للتطور وجدت الدساتير التي تفرض القوانين فتنظم حياة المجتمع وتكون قابلة للتعديل بشكل مستمر كلما مر الوقت واكتشفوا ضرر بعض النصوص فيقومون بمحاولة وضع نصوص بديلة أفضل، ومن رؤيتي الخاصة أن الأجيال السابقة هي التي دفعت الثمن عندما تحول اليوم العادي لوقت مستهلك لتجربة كل الاحتمالات لاختبار مدى صحة أو خطأ كل شيء في حياتها ودفعوا طاقة مستنزفة للتعامل مع سيل أفكار لا ينتهي لإيجاد طريقة تسهل الحياة مثل الفلاسفة القدماء.
ومع ذلك تجد أن عادات المجتمع دون السند لمصدر صحتها تكون محل الخطأ والتجريب في الشخص ذاته ولكن الأثر لا يرى في المدى القصير ورصده علم الاجتماع في موضوعات مختلفة مثل دورة حياة المجتمعات.
ولكن اقتصار المجتمعات حياتها وفق القوانين والعادات دون الدين وصل بكثير من أفرادها لما يسمى بأزمة فقد المعنى، وهو يعني أن يشعر الشخص بعد حياة قد تكون مليئة بالمتع بشعور أن لا فائدة من حياته وكذلك مع وجود نقص لكثير من التفاصيل المرشدة في علاقته بنفسه وسلامه الداخلي وحياته وتخطيطها، ولملء هذا الفراغ توجد الاهتمام بالعلوم الإنسانية كالفلسفة وعلم النفس وبعد ذلك ظهرت التنمية البشرية كمزيج بينهم وبعلوم الإدارة لترشد الأشخاص وتساعدهم في عيش حياة متوازنة منظمة أكثر، ولكن على الرغم من أن هذا التطور ظهرت نتائجه الإيجابية فإنه يظل محتوى من اجتهاد إنساني بحت يخطئ ويصيب.
وهنا نستنتج مدى الحاجة لقوانين لا يشوبها الخطأ وليست مجال للتجريب فتطرقت في البحث للفرق بين الدين والقوانين والعادات ووجدت أن: “الدين السماوي تعليمات ربانية للحياة الأرضية وما بعدها ومنزه عن أي خطأ، فهي من خالق الإنسان الأعلم بالأصلح له وتوجهه ليسير وفق هدف وغاية لحياة الإنسان وكذلك تعمل على الارتقاء الروحي، والقوانين والعادات تعليمات إنسانية تنظيمية للحياة الأرضية فقط وتقع محل التجربة والخطأ والصواب العادات والقوانين تنظم علاقتنا بالآخر فقط أما الدين ينظم علاقتنا بالله وبأنفسنا وبالآخر بدرجة أعمق بكثير”
غياب الدين والعالم الغربي
كان للكنيسة سيطرة كبيرة قبل القرن العشرين، ومع زيادة استغلالهم لنفوذ الدين بصورة مؤذية بدأت الناس تنفر وتنادي بفصل سيطرة الدين عن الحياة اليومية، ولكن لم يكن هذا حل مناسب لأن الانفصال عن الدين بشكل تام جعل حياتهم تسير بالاعتماد على قوانين تحكم الدولة بشكل تنظيمي سطحي لا توجه الناس ودوافعهم، وجعل تعاملهم مع الحياة كمن يريد أن يصل لمكان اسمه الحياة المتزنة المستقرة في كل الجوانب، ولا يملك خريطة فيضل الطريق ولا يدرك ذلك إلا عند وصوله لطريق مظلم وعِر، فيصيبه التعب ولكنه يعود ليبدأ طريق جديد ويراقب ويسأل كل من جرب طريقًا مختلفًا ليساعده وربما يجرب لنهاية حياته دون الوصول للوجه الصحيحة بل يصل لما يشابهها ومع الوقت يكتشف أنها لم تكن الوجه الصحيحة فيعود ويجرب إلى ما لا نهاية.
وعلى الرغم من الصورة السعيدة التي سُوِّقت عن العالم الغربي إلا أنهم يعانون في جوانب الاتزان كالجوانب الأسرية والاجتماعية والروحية، وبإمعان النظر في بنية المجتمع مع عدم وجود دين أو معتقد يحث على التراحم وأهمية الأسرة والترابط، ومع زيادة قيمة المصلحة الشخصية والعمل الذي أصبح فوق كل شيء، تجد التفكك المجتمعي بسبب حدوث التفسخ في الأسرة وتأثيره العميق على الحالة النفسية في وعيهم الجمعي سلبًا، وبالنظر في الشوارع الخلفية ليلًا تجد المشردين أطفال وآباء وأمهات لا تجد من يحتضنهم، وقد شاهدت هذا في برنامج خواطر للإعلامي أحمد الشقيري يمكنك مشاهدتها بنفسك اسمها لبنة المجتمع.
وكذلك إذا نظرت لحالات الانتحار المنتشرة في أكثر العواصم الأمريكية نشرًا لكل أشكال الفواحش التي لا يوجد أي محظورات، والتي يستمتعون بها لدرجة أنه تجد من أدمن على الخمر والنساء والقمار وترك أهله بحثًا عن متعة فيجد أن حياته خاوية بائسة لا معني لها، ويصل لمرحلة أنه لا يوجد المزيد يفعله من متع فينتحر، وللاستزادة يمكن الاطلاع على عنوان السعادة والدين الذي تناولته سابقًا بالضغط الآن على رابط مقال هل يشتري المال السعادة؟
وغيرها من المشكلات التي تؤثر على استقرار المجتمع، ومع وجود روح الإنسانية أصبح من يريد أن يسمو بروحه بعيدًا عن الدين يتبنى دين الإنسانية وظهرت منظمات مجتمعية كمنظمة حقوق الإنسان تعبر عنه وتحمل قيم الإنسانية وتنادي بالعطف والتراحم والحياة الكريمة ونبذ العنف، وهذا لا يعني أن الدول المتدينة تعيش في جنة الأرض لأن تدافع الخير والشر سنة من سنن الحياة، وكذلك لقلة تطبيق الدين بالطريقة الصحيحة.
الكون والقوانين
وبالنظر في عمل الكون ذاته نجد أنه يسير وفق قوانين ومواعيد منظمة فالشمس تشرق وغرب في مواعيد محددة فتنتظم معها دورة الحياة وغيرها من قوانين دورة الحياة على الأرض، ولما خلق الله الإنسان وأسكنه الأرض كان من الطبيعي أن يجعل حياته تسير وفق نظام واضح بالتوافق مع الطبيعة البشرية فيتمكن من أداء رسالته على الأرض التي هي عبادة الله وتعمير الأرض، وبذلك قدم الله له قوانين شاملة، تنظم الحياة في كل أدق تفاصيلها.
لماذا نحتاج الدين؟
لتقريب الصورة بشكل مُبسط نتخيل أن لدينا جهازًا جديدًا تم اختراعه واختفى مُخترعه قبل أن يضع دليل الاستخدام، وبدء الناس في تجربته بالطبع سوف يصعب الحفاظ على هذا الجهاز سليمًا، وسوف تحدث الأخطاء التي سوف تُضعِف الجهاز وربما يتوقف عن العمل من أول المحاولات، هنا يطرح السؤال نفسه ألا يكون من الأفضل لو كان أخبرنا الصانع بكيفية استخدامه الصحيحة؟ فنضمن أفضل نتيجة منه، هذا التصور حاولت به تقريب الصورة لعلاقة الإنسان بالدين، فلقد خلقنا الله وهو يعلم أنفسنا وفطرتها.
فهو الأعلم بكيفية تنظيم حياة هذا الإنسان الذي خلقة ليؤدي دور محدد والذي هو العبادة والتعمير، وما كان الله ليخلقنا ويتركنا دون أن يعلمنا الطريقة الصحيحة للقيام بهذا الدور في أدق التفاصيل، فالدين لم يترك شيء للإنسان وإلا نظمه وشرع فيه. فيصبح الدين بمثابة دليل الاستخدام الخاص بالإنسان وعلاقته بالله ونفسه والآخرين والكون، ويصبح كل شخص يملك الخريطة والنظام والمرجعية والرسالة والغاية في حياته ورب يتوكل عليه ويطمئن لتوليه تدبير أموره، ويعرف كيف يصل له ويكون دور الإنسان هو جهاد نفسه وأهوائها ليُحسن التقدم في حياته ويكون من الفائزين في الدنيا والآخرة.
وفي النهاية.. أريد أن أقول أن لكل فرد منا فرصة للعيش في تناغم مع الحياة ويسكن روحك السلام بتعلم الدين القويم بدون تحيزات للأهواء الشخصية أو أخذ الآراء المتعسفة التي تشوه معنى الدين، وتجعل من الدين وسيلة لتضيق الحياة وندخل نفس الكرّة فننفر من الدين، ويصبح من المقبول عند التحكيم في الأمور الحياتية الهامة قول عبارة “وبعيدًا عن الدين” بكل بساطة وكأن الدين يتعارض مع التيسير، هذا إن دل على شيء دل على سوء فهمنا لدور الدين في حياتنا وكذلك عدم القدرة على تطبيقه بالشكل الصحيح دون تعسف، فالدين وجد لمصلحتنا ولتربية نفوسنا كي نتمكن من أداء رسالتنا في الأرض دون أن نضل أو نشقى.
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 38,355
تجربة خيالية .. ماذا لو كان العالم بدون دين أو قانون؟
link https://ziid.net/?p=92719