البحث عن المفقود: كيف نتعايش مع إحساس الفقد في زمن الكورونا
هناك العديد من الأجزاء المفقودة في حياتنا ومن وقت إلى آخر يبدأ رأس الخيط في الظهور لنشاهد أنه أوصلنا إلى بداية السعي لحل لغز جديد.
add تابِعني remove_red_eye 165
في كل يوم يكتشف الإنسان أشياء جديدة ودروسًا يتعلم بها وينتفع منها، قد نكون في حاجة إلى تذكيرٍ مَا بأن الوقت ثمين وغالٍ، ويأتي وقت نصادف عن طريقه مقالًا ما يحمل بين حروفه درسًا عظيمًا عن الوقت، فننتصر على شعورنا بالعجز وعدم القدرة على البحث عن مصدر حقيقي يساعدنا في سَدِّ هذه الثغرة، وبعده نقول: هذا ما نبحث عنه.
كم مرة مررنا بهذه اللحظات؟
في الحقيقة البحث عن المفقود قد يكون شعورًا بالأمان، ويجده الإنسان في لحظة عابرة يستمع بها إلى آية تتغلغل إلى روحه ويشعر بأن الجزء المفقود قد وُجِد حقًّا، والغريب أنَّ الآية تناسب الوقت والحالة والحاجة الماسة للقلب، وتسدّ الثغرة التي كانت فيها الروح تائهة، البحث عن المفقود قد نسعى له في كل يوم ولا نجده ولا حتى دليل على وجوده، وفي الحقيقة نشاهد الكثير أمامنا ولا نشعر بأن هذا هو المناسب، إلى أن تأتي لحظة يمتلئ الكوب الخاص بنا والذي كنا نتعطش طويلًا للماء الذي فيه ولشعور الارتواء، ونجد الجزء الذي بحثنا عنهُ طويلًا، ونسدّ بذلك ثغرة جديدة.
الغريب في هذا الأمر أننا كلنا نعيش ضِمْنَ أشياء نبحث عنها، وبعد وقت يرزقنا الله سبحانه الشيءَ الذي نريده ويَسُدُّ الثغرة التي كنا نشاهدها بحسرةٍ ولا قوة لنا لسدها، ولطف الله هو الدليل، والخريطة الواضحة للوصول لكل هذا.
قد نفقد شخصًا أو قلبًا أو وجودَ أحدهم، ويرزقنا الله الأنس به وبقُرْبِه وبعدها لا نبحث عن أي شيء، ولكن فقط نسير وكأننا لدينا ما يكفينا من الأشخاص، وحين يأتي وقت مناسب نجد أننا وجدنا الأشخاص المناسبين لنا ووجدنا الكثير من المفقود مِنَّا بهم، وقد كان لهم وجود خاص، وشعورنا الطاغي في تلك اللحظة كيف كنا نعتقد بأن هؤلاء الأشخاص مناسِبُون لنا بينما قد وجدنا الاختلاف الكامل في غيرهم، حيث كان الذي فيهم مثل هالة خَيْرٍ تُحِيط بك وتلتف لتعطيك وتصل إليك وتجعلك مثلهم تمامًا، وتبدأ في اختيار الخير وتبتعد عن شرٍّ قد أَوْصَلك إليه من كنت تعتقد بأنهم هم المناسِبُون. وسُدَّتْ ثغرة جديدة.
الأشياء معقدة وليست مثلما تبدو
الثغرات في حياتنا كثيرة، الأشياء معقدة وليست مثلما تبدو، ولكُلّ منّا عيوب يأتيها وقت مناسب ليُعدِّل ما فيها أو يزيلها، وكل هذه تحتاج إلى الوقت المناسب والقدر الذي يجعلها تختفي أو تتغير إلى الأبد، كل يوم جديد يضيف لنا معرفة جديدة للوصول إلى سدِّ ثغرة، وقد نمتلئ مع الوقت بثغرات ولكن ستُسَدّ مع الوقت، هذه هي الحياة ولا وجود للكمال أو البقاء لنَفْسٍ بدون أيّ جانب جيِّد وسيِّئ، أو تجاهل بأن كل العيوب التي فينا لا وجود لها.
في الحقيقة الثغرة الأعظم هي عدم تقبل الشيء غير القابل للتغيير، وعدم الرغبة بأن تتأقلم مع وجود أشياء كتبها الله لنا وفيها نعيش، هنا ستكون حقيقة حياتنا مُرَّة، ولن نصل إلى أن نعيش الحياة الفعلية، وبالتركيز على العيوب التي تحتاج منّا إلى تغيير، ونشاهد تلك التي كانت قَدَرًا ونصيبًا لنا ونتحسر ولا نرضى بوجودها فينا، وهنا يستمر الإنسان بالعيش ضمن حياة لا يعجبه فيها الذي هو فيه ولا يحب الحقيقة التي هو عليها، ويستمر في عدم التركيز على الأهم وتستمر الثغرات العديدة في أن تكبر وتصبح حُفَرًا، ويبدأ غيرها في الظهور إلى أن يصل الإنسان إلى نظرة سلبية لكل ما فيه ولا يرضى.
- صناعة الضحك من أهم أسباب السعادة بالحياة
- السعادة في الثقافات المختلفة: ما الذي يجعل الناس سعداء حول العالم؟
- لمن يبحثون عن السعادة ..إليكم شيفرة السعادة كما أتخيلها
ولا يبحث عن حلول لا لهذا ولا لهذا، البحث عن المفقود في الحياة يحتاج إلى الكثير من المحاولات، وإلى الكثير من التجارب المختلفة وإلى الكثير من تهذيب النفس وتخليص ما فيها من شوائب، وإلى سَعْيٍ مُستَمرٍّ للوصول إلى الذي يجب فعله. وهنا السرُّ كله، البحث عن شيء يمكننا حقًّا أن نجدهُ وتَرْك الذي لا حَلّ لهُ ولا وجود لشيء ليسُدّ ما فيه، وبالرضا تسد أيضا ثغرة النقص وكل ما يمتلئ به الإنسان من فَقْدٍ لشعور أن الذي فيه يكفي.
لحظة لمراجعة الذات
كل هذا يحتاج إلى التوقف.. والبحث عن طُرُق نَجِدُ بها ما فقدنا، وإلى طرق نجعل الذي فينا من الجيد والمميز يميل إلى الثبات وعدم التغيير، وإلى التركيز على الأهمِّ قبل المُهِمّ، لكل مِنَّا ثغرات عديدة ومختلفة ولكل منا عُمْرٌ ووقت محدود إما نَسُدَّ ما يمكننا سَدُّهُ ونحافظ على جدران حياتنا من كل المؤثرات، أو نُساهِمُ في سقوط كل شيء فوقنا ونعيش في حياة مليئة بالثغرات التي قمنا بفعلها بأنفسنا وتجاهلها إلى أن بدأت بالظهور في النهاية.
كلنا لدينا خيار في أن نحيا الحياة التي تكون مليئة بالاجتهاد الشخصي مهما كانت العوائق والظروف، وكلنا لدينا القدرة على أن نصلح ونزيل الكثير من العيوب، ولكن لكل قلب إرادة، وكُلّ قلب إما له وإما عليه، ونسأل الله أن يجعلنا من الصنف الذي يعيش ليحيا ويبحث عن الحياة في كل لحظة كانت تلمح له بأنها ستقتل شيئا ما فيه، وأن نكون قادرين على التجاوز وسد الثغرات والحفاظ على كل الذي يميزنا عن غيرنا ويجعلنا مختلفين.
add تابِعني remove_red_eye 165
مقال يجيبك عن الشيء المفقود،الشيء الذي تبحث عنه دائمًا
link https://ziid.net/?p=58632