الأقدار لا تُدلّل أحدًا
إن الأقدار لا تدلل أحدًا، فلكل منا قدره حلوًا كان أو مُرًّا، علينا أن نرضى به ونتعايش معه
add تابِعني remove_red_eye 375
هل حاولتَ من قبل أن تَدُسّ قلبكَ بعيدًا؟ نعم تَدُسهُ بعيدًا عن كل مَن حولك وبشكلٍ خاص أولئك الذين كنت تقدم لهم قلبك على طبقٍ من ذهب، ربما من كثرة ما شكوت من كثرة الندبات في قلبك جعل منك شخصًا تتمنى لو أنك لم تكن تحمل قلبًا من الأساس، ربما يا عزيزي، ولكن لا مفرّ من حمل تلك المضغة البغيضة التي لا تلبث أن تترك بداخلك نقطة سوداء جراء ما تفعله للآخرين، ولكن هل يستحقون ذلك؟
على كل حال، ما ذنب قلوبنا اللينة الغبية التي لم تحسن اختيار أصحابها، ربما لأنها لم تكن تملك رفاهية الاختيار من الأساس.
الأقدار لا تدلّل أحدًا
يقول الرافعي -رحمه الله-: “إن الأقدار لا تدلل أحدًا” فلكل منا قدَره حلوًا كان أو مُرًّا، علينا أن نرضى به ونتعايش معه لأننا إن لم نفعل ذلك لنكوننّ من ذوي القلوب الشقية التي لم تحظَ بشيء في الدنيا ولا حتى في الآخرة، وإننا إن تحدثنا عن البؤس والشقاء لنجد أن أشقى أهل الدنيا يوم القيامة عندما يُغمس في الجنة يقول لم أذق بؤسًا قط، ربنا يكون هو أنا أو أنت؛ لذا علينا أن نرحب بأقدارنا بقلوب راضية وألا نندم على معروف، فقد تلقينا وعودًا كثيرة من رب العباد كمكافأة على هذه الأشياء اللطيفة، وعلينا أيضًا أن نتقبل قلوبنا نقية كانت أو خبيثة وأن نحاول معها إلى أن نصل للقلب الأعظم الذي قال عنه رب العالمين القلب السليم لا ضغائن فيه، قلب نظيف لم تلوثه مخلفات الحياة، أبيض مثل ثوب طفل صغير، بل هو الطفل الصغير الذي علينا أن نحافظ عليه دومًا بفطرته السليمة.
كن لنفسك كل شيء
لذا، كن لنفسك كل شيء فلن يبقى لك أحد سوى نفسك أيها العزيز، وذلك لأن قلوبنا من اسمها جُبِلت على التقلب دومًا من حالٍ إلى حال وذلك يجعلك متسائلًا كيف أحمي قلبي الضعيف وسط كل هذه القلوب السيئة المتوحشة، وهنا تتعامل مع نفسك على أنك كل ما تملك وأنك كنزك الوحيد في هذا العالم الموحش؛ لذلك فأنت تحاول وتحاول بشتى الطرق أن تدلل نفسك وتحميها دومًا منها ومن جحيم الآخرين، فهُم -كما قال أحد الأدباء- الجحيم بعينه، وهذا ربما هو عين الصواب.
الأنانية تكون مفيدة في بعض الأحيان وضارة في أحيان أخرى، وذلك يكون وفقًا لاستخدامك الخاص، فالبعض يكون أنانيًّا بالفطرة لا يحب أحدًا ولا يحبه أحد، وهذا يخلق منه وحشًا نرجسيًّا كبيرًا، أما الطائفة الأخرى فتتربى على مفهوم احتقار الذات وتمجيد الآخرين، وهذا ما يجعل منها شخصيات مشوهة تخاف أن تواجه الآخرين وتخضع وتستسلم لهم بشتى الطرق المتاحة وغير المتاحة، هم يرون أنفسهم دومًا تابعين للآخرين لذلك أوّل خطوة في طريق التغيير هي التقبل والحب، ولكن ما الحب؟
دائمًا لا نعلم من أين تكون بداية الحب، أو متى بدأ؟
نحن نستفيق على إقامة الصلاة في القلب، لكن متى أذّن المؤذن لها؟ لا ندري. فقط نستجيب للإقامة، ثم نؤديها من دون أن ندري عدد ركعاتها، لا نعلم حتى القبلة أين تقع؛ فقط نتبع نبضات القلب، قلوبنا محاطة بسياج محصن تسعى لرصد أيّ اعتداء خارجي وذلك لحماية القلب طبعًا من أن يلوثه مَن حوله من البشر، والحب هو ذاك الاقتحام البغيض الذي يفتت كل قلاع وحصون القلب دون سابق إنذار محاصرًا القلب كأسير مطيع ينفذ كل تعليماته، والقلوب لا تعترف بالأسوار، ذلك القلب الذي يقبع خلف الضلوع لا تمنعه من الفرار، ولا يملك العقل لجام القلب ولا سلطة عليه إذا قرر الهروب، لكن هل يقرر القلب بالفعل الهروب؟ هل يلقي عاقل نفسه في خضم الحروب؟ ومَن قال: إن القلب عاقل أصلًا؟ إنه أصل الجنون، الإنسان يصاب بالجنون عندما يقطع لجام العقل وينفلت من بين الضلوع.
وفي النهاية تنظر إلى نفسك في المرأة فتجد شخصًا آخر يعيش بداخلك، عليك تقبل هذا الشخص والتعليم معه، والأجمل من ذلك لو حاولت أن تحبه فهذا سيجعل منك شخصًا متصالحًا مع نفسك ومع كل العبث الذي يدور حولك، فالحب هو الطريق الأمثل لعلاج كل عراقيل الحياة، وحب النفس هو حب مبني على التقبل والتسامح، أنا أحب نفسي أي إنني أسامحها دومًا مهما فعلت معي مهما تعثرت وأخطأت، وهذا هو في رأيي أسمى معاني الحب فلن يبقى لك سوى نفسك فاعتنِ بها جيدًا.
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 375
مقال نفسي فلسفي عن طبيعة النفس البشرية وعنفوانها وما تقاسيه القلوب من آلام
link https://ziid.net/?p=80577