الحضارة الشعورية: ما هي؟ وكيف نعود إليها؟
الإنسانية الشعورية هي العلم الوحيد الذي لم يستحدثه البشر حتى الآن بحجة كيف نعلم الإنسان أن يكون إنسانًا
الإنسانية الشعورية هي العلم الوحيد الذي لم يستحدثه البشر حتى الآن بحجة كيف نعلم الإنسان أن يكون إنسانًا
add تابِعني remove_red_eye 32,821
منذ (125) عامًا تقريبا استحدث البشر علم الأنثروبولوجي لدراسة البشر وسلوكهم، ولفهم تطور المجتمعات بداية من العصور القديمة وحتى العصور الحديثة، فانقسم الأنثروبولوجي لــ(4) فروع،(3) فروع منها تناقش تأثر الإنسان بالعوامل الخارجية وتأثيره فيها، وهي: (الأنثروبولوجيا اللغوية، والثقافية، والاجتماعية) والفرع الأخير يختص بدراسة التطور البيولوجي الذي طرأ على الجنس البشري، وهو فرع الأنثروبولوجيا الحيوية.
لكن وعلى الرغم من أهمية هذا العلم الحديث إلا أنه ينقصه علم آخر يناقش التغيرات السلبية التي طرأت علي البشرية وأحدثت فجوة وخللًا في مراكز الحس والشعور لدي البشر، لا أستطيع تخيل كيف استطاع العلماء استحداث علم النفس وعلم الاجتماع جنبًا إلي جنب، وعجزوا عن دراسة انعدام الإنسانية ضمن فروع علم الإنسان (الأنثروبولوجي)!
هي فن التعامل مع البشر بالسمات الإنسانية الفطرية، هي الحقبة التي سيعيش فيها بنو البشر مجردين من أنفسهم الأمارة بالسوء، أغلب البشر يعتقدون أن السبب الرئيس وراء تصرفاتهم البشعة تجاه الآخرين نابعة من وساوس الشيطان لهم أو ناتجة عن تصرفات البشر إليهم (كردّة فعل) فيتعللون بالظروف تارة وبمعاملة الناس السيئة تجاههم تارة أخرى، وبما أن الإنسان بطبعه يعشق التماس الأعذار لنفسه لتبرير تصرفاته الخاطئة التي يرتكبها في حق الآخرين وفي حق نفسه، فمن البديهي أن يظل على هذا المنوال طالما هناك مسكنات واهية لضميره خلقها هو من العدم.
السؤال هنا، ما ضرورة أخذ جرعة إنسانية بين الحين والآخر، وكيف نكتشف أننا مصابون بمرض انعدام الإنسانية؟
أي علم لا بد أن يكتشف مشكلة تتوجب الحل ومن ثم يطرح الإشكالية وفرضيات العلم، ثم يتوغل في سبر أغواره، فإذا حالفنا الحظ وجدنا الحل والعلاج، خلاف ذلك، سنستمر في رحلة البحث والاستكشاف، هنا سنتحدث عن الفرضيات التي ربما تلخص المشكلة منذ ظهورها، وصولاً لطرق الوقاية منها مستقبلًا.
وهي الفترة التي تبدأ بتعرف الطفل على العالم الخارجي دون توجيه أسري سليم، فيبدأ في مشاهدة أي محتوى تلفزيوني، ويتصرف وفقًا له، يتحدث مثل من يظهرون على الشاشة ويتصرف كما يتصرفون، وبالمثل مع ألعاب الإنترنت، خاصة ألعاب العنف والقتل، لا يكون الإنسان نتاج تجاربه دائمًا مع الأسف، التجارب هنا تأتي في المرحلة الأخيرة بعد مرحلة المعاصرة، وفيها يكون الإنسان قد تشبع بالفعل بما شاهد وسمع.
تظهر تلك الفترة حينما يكتشف المحيطون بالشخص تغييرات سلبية كثيرة على سلوكه، كأن يقطع فجأة الصلاة، أو يبدأ في إهمال واجباته، وغالبًا ما تقترن تلك الفترة بفترة المراهقة، والتي يفسرها علماء النفس بفترة التمرد أو حب الاستقلالية، لكنها في الواقع فترة يترجم فيها المراهق كل السلبيات اللاإنسانية التي تعلمها في الماضي، مرددًا أنا لم أعد صغيرًا، سأقرر حياتي وأحدد الصواب والخطأ بنفسي، وللأسف تلك هي فترة تفشي المرض.
نحن كبشر لن نعترف بسهولة أننا مصابون بانعدام الإنسانية، بل على العكس سيعتبر الكثيرون تلك النظرية ضربًا من ضروب العبث، دعونا نعترف أن أي شيء جديد سيلقى انتقادات كثيرة قبل أن يتمّ الاعتراف به.
فأنا على سبيل المثال أعاني في أغلب الأحيان من انعدام الإنسانية، كنت في صغري أتأثر من دموع المرضى وصياحهم في المستشفى وهم يتألمون وأدعو لهم بالشفاء، لا زلت أتأثر، لكنني بدلت دعواتي لهم، وأمسيت أدعو “الحمد لله الذي عافني مما ابتلى به غيري وفضلني علي كثير ممن خلق تفضيلًا” أصبحت للأسف أنانية، وتلك أخطر أعراض انعدام الإنسانية.
علاج هذا المرض لن يجده البشر في العقاقير ولا جلسات التأمل، العلاج الوحيد لهذا المرض هو ورقة وقلم وحصاد يومي، ومسجل صوت.
* الخطوة الأولى غرفة فارغة وفتح مسجل الصوت، ثم دردشة عميقة مع الذات ماذا فعلت خلال اليوم، هل ظلمت أو ظُلمت؟ هل كذبت؟ هل أسأت للآخرين؟ .. إلخ
ثم الاستماع للدردشة وكتابة الملاحظات الايجابية والسلبية.
*والخطوة الأخيرة هي كتابة روشتة العلاج، لكن احذر .. أصعب خطوة في العلاج هي عدم الاستمرارية في تلقي الدواء، لهذا أطلقت عليها فترة الانسحاب، أنا لن أطلب منك أن تصبح إنسانًا جديدًا، كل ما أطلبه هو تخطي فترة الانسحاب والتصالح مع نفسك ومعرفتها جيدًا علي الأقل.
بعد شهر من تدوين ملاحظات سجلاتك الصوتية، حاول أن تستخلص قيمًا جديدة كل شهر وتعيش بتلك القيم، سجّلها في ورقة وضعّها في محفظة نقودك أو اكتبها على لوحة الملاحظات في عملك، اقنع نفسك أنك ستتغير من أجل نفسك، من أجل كلمة “أنا فعلت ما بوسعي” امحُ كلمة ندم من حياتك، وكن على يقين أنك لن تعاني من عقدة الذنب أو تأنيب الضمير أبدًا ما حييت؛ لأنك ببساطة فعلت ما يتوجب عليك فعله ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها.
الهدف الوحيد من تلك النظرية التي استحدثتها هو أن يعود الإنسان لفهم تلك المصطلحات بمعناها الصحيح: الاحترام، تقدير الذات، الرحمة، التماس الأعذار للآخرين، حسن الظن بالناس، شجاعة الاعتذار … إلخ .
مرحباً!
اكتملت 10 مقالات، ويبدو أن الفرصة قد حانت لنكون أصدقاء! عليك التسجيل وعلينا توفير تجربة قراءة فريدة.
add تابِعني remove_red_eye 32,821
زد
زد
اختيارات
معلومات
تواصل
الإبلاغ عن مشكلة جميع الحقوق محفوظة لزد 2014 - 2025 ©
مرحباً!
اكتملت 10 مقالات، ويبدو أن الفرصة قد حانت لنكون أصدقاء! عليك التسجيل وعلينا توفير تجربة قراءة فريدة.
المنزل والأسرة
المال والأعمال
الصحة واللياقة
العلوم والتعليم
الفنون والترفيه
أعمال الإنترنت
السفر والسياحة
الحاسوب والاتصالات
مملكة المطبخ
التسوق والمتاجر
العمل الخيري
الموضة والأزياء
التفضيل
لا تكن مجرد قارئ! close
كن قارئ زد واحصل على محتوى مخصص لك ولاهتماماتك عبر التسجيل مجاناً.
مقال مثير للجدل حول الحضارة الشعورية
link https://ziid.net/?p=44505