هل نسعى للكمال لملء نقص بداخلنا فحسب؟
لماذا يسعى الإنسان دائمًا لتعذيب نفسه بما فوق طاقته؟ خلقنا الله ليكمل بعضنا بعضًا ولنعيش لنكتشف من نحن وكيف نحب أنفسنا ونعمل لها.
add تابِعني remove_red_eye 9,131
عندما بدأت تنضج، هل فكرت أنك تريد أن تكون كـ”توم كروز”؟ هل فكرتِ أن تكوني كـ”هيفاء وهبي”؟ كم مرة وأنت طالب قد فكرت أنك تريد أن تصبح كالضابط فلان أو الجار فلان؟ أنت تكبر، تنظر حولك، تنبهر، ولكن ما الذي يحدث بعد الانبهار؟
لقد عانيت أوقات كثيرة من التنمر، فمن منا لم يعاني من التنمر يومًا؟ لأن أنفك ليس صغيرًا؟ لأنك لست طويلًا، لأنكِ لست بقوام محدد؟
التنمر يمكن أن يكون ذاتيًا أيضًا. يُمكنك أن تتنمر أنت على ذاتك، بأن تقول أتمنى أن أكون كفلان ذي الشعر الناعم، وليس كشعري الخشن! أو أن تقولي أنتِ أريد أن أصبح كفلانة جارتنا لديها هذا الهاتف الغالي.
نتعرض أحيانًا لأصوات داخلية مؤذية تعود تلك الأصوات لعدة أسباب سنذكرها لاحقًا، ولكننا في النهاية ننظر لنتائج تلك الأصوات، فهي لا ترضى بل تسعى للكمال المزيف. نريد مالًا وجمالًا وأوسم شركاء في الحياة بلا غلطة وبلا واقع أصلًا.
نحن كبشر، في الكثير من الأوقات، نسعى لأوهام ونضيع عمرنا عليها. تلك الأوهام نستيقظ منها متأخرًا، بعد أن نفقد كل ذرة لحب الذات أو الاحترام لنا ولغيرنا. تزداد مساحة الكره بداخلنا لكل شيء.. نحن والآخرون بل والحياة.
فما الأسباب التي تجعلنا نسعى للكمال؟ ما هو السبب الذي يجعلنا ناقصين جدًّا ولا ندري؟ سأقول لك بعض الأسباب التي تظل واضحة ولكنها لا تعالج ولا تنهي تلك الدوامة التي لا تنتهي ولا تقف إلا والإنسان تارك لكل ذرة للإنسانية بداخله.
#1: معايير الجمال المزيفة
نرى النجوم رجالًا ونساء وهم يخرجون في صورة منمطة، حيث الشفاه الممتلئة، والقوام الممشوق والشكل المُوحد، الفك البارز لدي الرجال والعضلات البارزة. تلك المعايير التي لم تتم تلقائيًّا بل تمت تحت مشرط الطبيب أو جهاز الليزر الغالي الثمن، فيشعر الشباب من الجنسين أن هذا طبيعي و يجب الوصول إليه ،فيزداد النقصان وتزداد رغباتنا لكي نصل لما وصل له الآخرون حتى لو عن طريق الزيف.
#2:السوشيال ميديا
الـ”تيك توك” و الـ”إنستجرام”، تلك المنصات التي تعتمد على أن يظهر الشباب والفتيات بأبهى حُلة، كأنهم ليسوا من هذا الكوكب، لا مسام واسعة، لا بطن بارز، لا فك طبيعي غير بارز، لا أسنان بها عيب واحد.. تلك المعايير التي أصبح الجميع مجنون بها، ثم تدرك في نهاية المطاف أنها صور ومقاطع مُعدلة. تلك المقاطع والصور التي ينتهي عندها الكثير من حب بعض الناس لأنفسهم أو تقديرهم لذاتهم.
#3: نسعى لإبهار الآخرين
أنت كإنسان يجب أن تقبل نفسك، حتى لو لم تكن راض عنها، فيمكنك أن تقوم بتحسينها وتطويرها، لكنك أبدًا لا يجب ألا تقبلها. هناك بعض الأشخاص التي تقبلك في حياتها بشروط، مثل أن تقبلك حبيبتك إن ذهبت للنادي الرياضي، أو أن تصبح مؤثرًا على السوشيال ميديا، ويمكن أن يقبلكِ صديقك بعد أن تفقدين القليل من الوزن أو أن تقومي بتنسيق ملابسك بطريقة معينة مثل شخصية مشهورة أو شخصية يحبها هو.
تلك الشخصيات من المستحيل إرضاؤها، لأنهم لا يقبلون إلا بأوهام في عقولهم، حتى إنهم لن يُرضوا عن أنفسهم، فهم يريدون أن يضعوا الناس على منصة ثم يتحكمون بهم بخيوط كالماريونت ابتعد عزيزي القارئ عمن يريد تعديلك، عمن يريد حذف ما يميزك، فأنت لست باربي نغير لها ملابسها ثم نغير لها شعرها ونختار لها صوتًا ولون عين كالألعاب.
أنت شخص ودم وروح وكيان، لا تطلب من أحد أن يتقبلك، ولا تسمح لأحد يغيرك.. أنت جميل وكامل بطريقتك الخاصة.
#4: ملء نقص بداخلنا
بعض الأشخاص يكون لديهم شعورًا بالنقص، عقدة ما تعرضوا لها أو أثرت فيهم. مثل أن يشعروا أن الجسد المثالي سيعوضهم عن نقص الحنان وسيجلب لهم الاهتمام، أو أن يقوموا بشراء الكثير من الأشياء الغالية ليعوضوا فقرهم في الماضي أو حتى أن يلفتوا الأنظار. النقص داخل البشر من أكبر المشاكل التي يجب حلها، والتي لا يدري معظم الناس أنهم يعانون منه.
ولحل ذلك، يجب على الانسان أن يراقب نفسه، أن يسأل لماذا أريد أن أشتري هذا الهاتف ذا الـ(22000) جنيهًا؟ هل بسبب احتياجي له؟ أم لأن سعره معروف؟ أم لأمشي بين الناس فرحًا به؟ ولماذا أفعل ذلك؟ يجب عليك التفكير في تصرفاتك التي يظل معناها تافهًا على السطح ولكنه في الأعماق مهم وخطير.
تلك كانت بعض الأسباب التي تُوصل الإنسان للبحث عن وهم لن يجده. دائمًا ما نحتاج لمن يُربت على أكتافنا ويحبنا ويدعمنا، دائمًا ما نحتاج يدًا من الخارج أن تقبلنا وتعيننا وتتعامل معنا على أساس أننا ملوك وملكات، فلماذا لا نعامل أنفسنا بما نستحق حتى يأتي من يقبلنا كما نحن؟ يحبنا ويحتوينا كما نحن ويعاملنا بما نستحق ولا يبخس من قدرنا.
عيوبنا ليست عيوبًا كما هو متعارف عليه، بل هي صفات وزوايا فمن ستختار؟ تختار نفسك؟ أم تختار أن تكرهها وتُعدل فيها بما لا يُحسنها بل سيشوهها، ثم سيأتي شخص آخر ليكمل الأذى الذي بدأته أصواتك الداخلية التي تقارنك بشخصيات أخرى لا ترضى عن نفسها؟
للساعين خلف المثالية، إليكم هذه المقالات:
add تابِعني remove_red_eye 9,131
مقال مهم يوضّح كيف يمكن للسعي خلف الكمال أن يُدمر إنسانيتنا
link https://ziid.net/?p=70764