ثقافة الفرح في الأوقات الصعبة: بالله عليكم.. ابتهجوا بالعيد!
إلى أولئك الذين يملؤون الفضاء الواسع بكاءً وعويلًا وحزنًا وندمًا على انتهاء شهر رمضان المعظم..افرحوا وابتهجوا بالعيد وانسوا الألم
add تابِعني remove_red_eye 6,133
إلى أولئك الذين يملؤون الفضاء الواسع بكاءً وعويلًا وحزنًا وندمًا على انتهاء شهر رمضان المعظم وانقضاء أيامه ولياليه دون التعمق في حكمة الباري سبحانه في انقضاء الأعمار وتعاقب الليل والنهار، بل وكذلك يغفلون عن حكمة عظيمة لله تعالى في بثّ الفرح والسرور على قلوب عباده لاسِيَّما حين ينتهون من عبادة من أعظم العبادات وشهر من أجَلّ الشهور وليلة هي خير من ألف شهر.
إنَّ النظر إلى جانب واحدٍ في الدنيا يُشوِّش التفكير ويُكِّدر الخاطر ويمنع الحياة الحقيقية التي تناسب الإنسان بأصل خِلْقته وتُرضي الرحمن بأوامره.
إن الإفطار قبل صلاة العيد حتميٌّ وله حكمة فقبله بساعتين كان أذان الفجر الذي كان المسلم يمتنع عنده عن الأكل والشرب، أما الآن فهو يفطر حتمًا كذلك، فليست العبرة بالأيام والليالي بل العبرة بمراد الله تعالى والاستسلام لأوامره ونواهيه مع الأخذ في الاعتبار الحكمة البالغة لله -تعالى- فيما يصلح عباده الذين خلقهم وهو يعرفهم وهو اللطيف الخبير.
فقه أوامر الله الكونية والشرعية
إن الفرد منا مُطالَبٌ بأن يطوف مع أحكام الربّ -تعالى- وأحوال الدنيا حالًا بحال وحكمًا بحكم، فالبارحة صوم واليوم إفطار، البارحة صلاة وذكر وقرآن وزكاة فطر واليوم مع كل هذا فرح وسرور وتوسعة على الأهل والأطفال وأكل وشرب وتراحم وتَزَاوُر ولو عن بُعْدٍ لدواعي السلامة من تداعيات الإصابة بفيروس كورونا. قُلْ بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا… وهذا من الأوامر فالفرح والسعادة بإتمام العبادة من أعظم أعمال القلوب التي تدخل السرور على النفس، فَلِمَ لا يقول المسلم الحمد لله أنا سعيد فرح مسرور أن الله تعالى أعانني على صيام شهر رمضان وقيامه وقراءة ما تيسر من القرآن وعمل الخيرات وزكاة الفطر فقدَّرني الله تعالى ويسَّر لي وهيَّأ لي ووفقني؟
قد يحزن المسلم على فوات زمان خيرٍ وأيام بِرٍّ وهو شعور مقبولٌ إلى حدٍّ ما، وإنما يزيله ويضعفه النظر إلى حكمة الله تعالى وأنها سنة الله في الكون، وكذلك فرحه يطغى بأن مَلَكَ زمام أمره واستطاع أن يتغير إلى الأحسن وأن يظهر لنفسه الجلد والصبر والمثابرة، فالحالة لها وجهان: الأول، الحزن على فوات الخيرات والبركات. والثانية، الفرح بالإنجازات. فَالْبَسْ لِكُلِّ حَادِثَةٍ لُبُوسَهَا * إِمَّا نَعِيمُها وَإِمَا بُوسُهَا
فلا ينبغي الورع الزائف والتكلُّف البارد وملء الدنيا ضجيجًا وصخبًا لتعميم الحزن وإغراق منصات التواصل بالندم والبكاء والعويل. فلو صرف هؤلاء بعض جهدهم لتوجيه الناس إلى الفرح بيوم العيد والتوقف عن جلب الحزن والكآبة على النفس بتذكر الموتى والتوافد على القبور ولبس السواد وإعلان الحداد يوم الفرح والسرور لكان هذا أنفع لهم ولنا وللمجتمعات العطشة للتوجيه المتفائل والإرشاد المبهج
[لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ]
لم يكن من هدي الرسول -صلى الله عليه وسلم- والصحابة معه ومن بعده هذا الحزن والندم والبكاء على فوات رمضان فإنما تتنتهي عندهم عبادة لتبدأ بعدها أخرى، وهذا الفهم العميق لهذا القرن الخيري العملاق الذين فهموا عن الله تعالى مراده فلم ينظروا إلى العبادات بعين الكآبة بل نظروا بفرحٍ وإقبالٍ ومحبة ورضًا، فالواحد منهم يعلم أن صلاته ونسكه ومحياه ومماته لله رب العالمين، وهو منسجم ومتناغم مع نفسه وحياته تمامًا
إنه يوم العيد يوم الفرح والسرور، وهو يوم الجائزة وهو يوم عطاء الكريم سبحانه وتعالى يُنْعِم على عباده بالجزاء وهو غني عنهم كما أنعم عليهم بالتوفيق والسداد للعبادة، وإن كانت قليلةً، في هذا الشهر المبارك. فإن كنت بدأت الحزن فتوقف واضبط هذا الشعور وقل الحمد لله على حكمته ورحمته فلعلَّ لو استمر رمضان طول العام لما أطاقه الناس ولا تحملوا الصيام والقيام، وسيدنا عبد الله بن عمرو بن العاص خير دليل على هذا.
ثم ابدأ بالفرح والسرور والنشاط والحيوية في استقبال شوّال بإدخال السعادة على أهل بيتك ومن حولك من الأهل والعيال والأقارب والجيران، فيُستحبّ التطيب ولبس الجديد وإظهار الشعيرة بالتكبير حتى صلاة العيد. إنه يوم جميل فيه مكافأة على ما قدمنا، وفيه شكر على إعانتنا، وفيه أمل أن تمرَّ علينا السنوات ونحن نرفل في ثوب الصحة والعافية ونصوم رمضان ونقومه.
إن النفس لتتشوق إلى الفرح والسرور في أوقات الحزن والألم والكآبة التي يعيشها العالم الآن، فلنكن مفاتيح الفرح والأُنْس وليس مفاتيح الحزن والاكتئاب والألم. افرحوا، وكل عام وأنتم بخير.
add تابِعني remove_red_eye 6,133
مقال ملهم حول ثقافة الفرح وضرورة الاحتفال بالعيد
link https://ziid.net/?p=56865