يذكر نيل باسريشا في كتابه (معادلة السعادة) أن نموذج السعادة الذي درسناه جميعًا منذ نعومة أظفارنا هو نموذج خاطئ (100%)، فنحن نعتقد أننا إذا عملنا بشكل جادّ لتحقيق أهدافنا وطموحاتنا ثم حصدنا النجاحات العظيمة حينها فقط سنشعر بالسعادة ولكن الواقع لا يسير بهذا الشكل، فبمجرد ما يبدأ الفرد بتبني هذه العقلية يعلق في دوامة الركض خلف أهدافه.
فقد يعمل في وظيفة ممتازة ويحقق نجاحات عظيمة ولكن بدلًا من أن يصل لهدفه الأساسي وهو الشعور بالسعادة يقوم بوضع أهداف جديدة فلماذا يكتفي بمنصب المدير بينما يستطيع أن يصل لمنصب نائب الرئيس؟ وكيف يمكنه الاكتفاء بمنزل واحد وهو يستطيع أن يشتري منزلًا آخر؟ وهكذا يستمر عالقًا في هذه الدوامة طوال عمره ولا يصل للسعادة التي يحلم بها.
والمشكلة الأساسية هي في نموذج السعادة الخاطئ الذي أنتج هذا السلوك، فطالما أنك تظن أن السعادة هي الهدف الذي يجب أن تنجح لأجله فإنك لن تصل إليها لأن السعادة هي الطريق وليست الهدف النهائي، يطرح نيل سؤال في مقدمة الفصل الأول من كتابه وهو: ماذا سيحصل عندما تنزع تعبير (كن سعيدًا) من نهاية المخطط وتضعه في بدايته؟
عندها سيبدو بهذا الشكل: كن سعيدًا ←وظيفة ممتازة ←نجاح كبير. سيتغير كل شيء، فإذا بدأت بالشعور بالسعادة سوف يتحسن مزاجك اليومي وسيبدو منظرك الخارجي بشكل أفضل وستشعر بالرغبة والحماسة لتتواصل مع الآخرين وتهتم بصحتك وحينها سترتفع إنتاجيتك ومعدلات إنجازك للأعمال المهمة، وما الذي سيحدث عندما تنجز الأعمال المهمة؟ سوف تحقق نجاحات عظيمة.
والسؤال البديهي الذي ستطرحه بعد قراءتك لهذه السطور هو :
كيف أشعر بالسعادة الآن؟
بعد قراءته لمئات الدراسات والتي نوقش كثير منها في المجلات وفي خُطب المؤتمرات وتقارير البحوث يقترح نيل باسريشا سبعة طرق أساسية لتدريب عقلك على الشعور بالسعادة:
الطريقة الأولى: ممارسة رياضة المشي ثلاثة مرات بالأسبوع
مارس رياضة المشي السريع لمدة نصف ساعة (3) مرات بالأسبوع، حيث يذكر باحثون في جامعة بنسلفانيا في مجلة (Journal of sport and exercise psychology) أنه كلما ازداد النشاط البدني للأشخاص ازدادت لديهم مشاعر السعادة والحماس.
الطريقة الثانية: استرجاع أحداث تجربة سعيدة لمدة عشرين دقيقة
اكتب عن أيّ تجربة سعيدة حصلت لك بالماضي لمدة 20 دقيقة، السر بهذه الطريقة أن الكتابة ستجعلك تعيش أحداث تلك التجربة مرة أخرى وستشعر بنفس المشاعر الجميلة التي شعرت بها حينها.
الطريقة الثالثة: تصرفات لطيفة عشوائية
اللطف مع الآخرين سيمنحك ضعف السعادة التي قد تشعر بها نتيجة ممارسة أي سلوك آخر، تذْكُر الكاتبة سونيا لايوبومرسكي في كتابها (The How of Happiness) عن تجربة أجرتها مع طلاب بجامعة ستانفورد طلبت من مجموعة منهم ممارسة خمسة تصرفات لطيفة خلال أسبوع، وقد شعر هؤلاء الطلاب بسعادة أكثر من مجموعة الإختبار .
الطريقة الرابعة: الانعزال التام عن العمل
ليس الإنجاز وحده القادر على منحك السعادة فقد تتفاجأ عندما تعلم أن الانعزال التام عن أجواء العمل وضغوطاته في وقت إجازتك سيجعلك سعيدًا، جرّب أن تُغلق هاتفك في أيام عطلة نهاية الأسبوع وأن تعتزل المتابعة المستمرة لبريدك الإلكتروني وستكتشف الأثر الذي ستحدثه هذه الطريقة على نشاطك وسعادتك.
الطريقة الخامسة: اكتشف العمل الذي يمكنك الاسترسال في أدائه
النصائح التقليدية عن الشغف قد لا تمنحك مؤشرًا واضحًا عن نوع العمل المناسب لك فعبارة (اعمل ما تحب) ستوقعك في حيرة أكبر، بينما هناك مؤشر أفضل لمعرفة المجال المناسب لك وهو (شعور التدفق The flow) الذي لن تصل إليه حتى تمارس العمل المناسب لك لأنك حينها ستندمج في أدائه وسيغيب إحساسك بالوقت وهو يمضي واندماجك بالعمل يعني أنك تواجه تحديًّا لكن بذات الوقت تستخدم قدراتك ومهاراتك للحد الأقصى مما يولد لديك مشاعر غامرة بالبهجة والرضا الداخلي.
الطريقة السادسة: تأمل لمدة دقيقتين
للتأمل قدرة فائقة على تدريب عقلك على الشعور بالسعادة وصفتها الدراسات بأنها سوف تعيد ربط توصيلات دماغك بصورة دائمة لرفع مستوى الشعور بالسعادة، وهذه العبارة ليست مبالغة بل هي حقيقية توصل لها فريق بحثي من مستشفى (Massachusetts General Hospital) بعد فحصهم لصور مسح لأدمغة أشخاص شاركوا في دورة للتأمل الواعي، وتبين بعد انتهاء الدورة أن أجزاء الدماغ المرتبطة بالشفقة والحنو والوعي بالذات لديهم قد نَمَتْ، بينما قلّت الأجزاء المرتبطة بالإجهاد النفسي.
الطريقة السابعة: سجل 5 أشياء تمتنّ لها
ممارسة الشكر والامتنان هي التدريب المثالي لتعليم عقلك ملاحظة الخير والجمال في صغائر الأمور، قم بكتابة كل ما أسعدك في مفكرة وينُصح أن تكون هذه الأشياء قد حدثت لك خلال ال(24) ساعة الماضية لأنك بهذه الطريقة ستدرب عقلك على ملاحظة الأحداث السارة التي تمر بها خلال يومك.
أخيرًا: يؤكد الكاتب أنك مثلما تعلمت قيادة السيارة فبإمكانك أن تتعلم كيف تكون سعيدًا.
إليك أيضًا
مقال يساعدك لتصل إلى السعادة دون الحاجة إلى الركض في دوائر مفرغة
link https://ziid.net/?p=63705