فن الكتابة … من الفنون الجميلة التي تغريك دائمًا بالمحاولة
الكتابة أمر مدهش وله تأثير في حياة الأشخاص ونجاحهم، ولا يحتاج إلا للتدريب المستمر، والفهم الجيد للغة، واكتساب بعض المهارات
add تابِعني remove_red_eye 1,052
الفن لا يختصر على الفنون البصرية كالتصوير، والنحت، والرسم التشكيلي، ولا يشمل حصره على الموسيقى، أو الأدب، أو المسرح، وإن كانت هذه الأعمال أكثر ارتباطًا من غيرها بكلمة الفن، ولكن عندما نتعرف أكثر على مصطلح الفن بشكل عام نجده يرتبط بمعاني الإتقان والإبداع والجمال، الذي يضيف على من يراه أو يسمعه شعورًا بالبهجة والفرح والسرور.
وقيل في تعريف الفن اصطلاحًا: هو مهارة شخصية يمتلكها الشخص بشكل محترف. الكتابة من المهارات المكتسبة، التي من خلالها يستطيع الشخص أن يتقنها بشكل يجعل كل من يقرأ أو يسمع يستمتع بالفن الذي يلمسه في الأسلوب السحري للكاتب، ويجد القارئ نفسه في انغماس كامل بمشاعره وأحاسيسه وفي راحة وسعادة، فما تلك المهارات التي تجعل من الكاتب فنانًا؟ وكيف تكتسبها أو حتى تتعرف عليها لتزداد معرفةً وفنًّا.
الكتابة أمرٌ هادئ وجميل، وهذا الهدوء يشعر به القارئ في نبض كلمات الكاتب، ويستطيع الكاتب بهدوء الأسلوب ونقاء الفكرة في إيصال أفكاره للقارئ وللعالم كله في مختلف أصقاع الأرض. إن الكتابة فعلًا أمر مدهش ومذهل، وقد يكون له تأثير في حياة الكاتب والقارئ وسببًا في نجاح الكثير ودلالتهم إلى الفهم الصحيح، أو يرشد البعض الى طرق لحل مشكلاتهم، أو تمنحهم صنعة جديدة، أو يتعلمون أسرار فن جديد في حياتهم، أو تغيير حياة آلاف من البشر.
هل تعتقد أن هذا الأمر صعب؟! إنه لا يحتاج إلا للتدريب المستمر، والفهم الجيد للغة، وبعض المهارات التي سنذكرها، ولست بحاجة إلى درجات علمية عليا ولا إلى مدرسة أو جامعة لتتعلمها، فالكتابة فن ومهارة، ويمكن اكتسابها من حياتك الشخصية. إن فن الكتابة تحتاجه حتى ولو كنت تكتب في تخصصات علمية، فإن لم تمتلك حس الكاتب وأسلوبه فلن تستطيع إيصال المعلومات للقارئ أو الطالب بشكل سريع وسهل. فهناك طرقًا وممارسات ومهارات تجعل منك كاتبًا فنانًا، نستطيع تلخيصها في خمس مهارات.
الفكر الإيجابي
حدث نفسك بإيجابيه كأنك تحدث أعز أصدقائك. نعم، أنت كاتب ولديك رسالة سامية تريد إيصالها ليعلمها الناس، أنت ملهم للآخرين وتعلمهم وتوصل أفكارك وخواطرك وآراءك النيرة الهادفة، وكما قال الكاتب الأمريكي ستيفن بريسفيلد: “يصبح الكاتب كاتبًا عندما يؤمن بقدرته”. لا تشكك في قدراتك بل بددها بالكتابة المستمرة والتي تشتت مخاوفك وتتغلب عليها، ولا تقارن نفسك بالآخرين، لكن لاحظ تحسن مستواك اليوم بمستواك بالأمس، فالانهزامية وضعف الإرادة من أشد أعداء النجاح.
لا أعني أن عليك القفز مباشرة إلى الكتابة قبل أن تنضج أفكارك ويتحسن مستواك، ولكن عليك أن تثق بنفسك حتى تصبح على تأهب واستعداد لخوض هذه التجربة الممتعة، ولا تتوقع الكمال في بداية مشوارك، فمن طالب نفسه بالكمال يعاني دائمًا من قلة الإنجاز، فلا تبالغ جدًّا في هذا الأمر، افعل كل ما بوسعك، وانقل رسالتك في كلمات تنبعث من مشاعرك التي تكمن في أعماقك، وسوف يلتمسها ويستشعرها القارئ.
القراءة المنتظمة
أستطيع أن أقول إن القراءة المنتظمة هي سر نجاح الكاتب، وهي أول خطوة تصنع منك كاتبًا، فكل كاتب قارئ وليس كل قارئ كاتب، فقد تقرأ بدون فهم أو بدون استيعاب مجرد قراءه للتسلية وبدون هدف، فهذه لن تصنع منك كاتبًا، الذي أريد أن تعرفه إن القراءة التي تجعل القارئ يفهم ويحلل ويستنتج من مدلولات الكلمات هي القراءة الصحيحة، التي تفيد القارئ وتجعله كاتبًا؛ لأنه سوف يرى أثر هذه القراءة في كتاباته، ويجد خفة للقلم في يده والكلمات تسعفه، وستثري حصيلته اللغوية بالمفردات والعبارات التي تعطي طابعًا متميزًا في الكتابة.
ومما يعين على القراءة الصحيحة تلخيص ما فهمته من الكتاب الذي قرأته، وربما تكتب نفس فكرة الكاتب لكن المهم أن تكتبها بأسلوبك، ويمكنك أن تضيف فكرة جديدة أو تعليقًا مناسبًا يثبت صحة الفكرة التي قرأتها، وانتبه عند القراءة إلى بناء الجمل واختيار الكلمات وتسلسل الفقرات وما تحتويه من أفكار، فسوف يساعدك كثيرًا هذا الأسلوب في فن الكتابة، وكما قيل في المثل: “فاقد الشيء لا يعطيه”. فكيف تصبح كاتبًا وتضيف شيئًا جديدًا للقراء إذا لم تكتسب أنت العلم مسبقًا!
وأُركز على كلمة “منتظمة” أي القراءة المستمرة فهي الجوهر، وعليك أن تقرأ قراءه مفيدة وصحيحة يوميًّا باستمرار ولو قدرًا يسيرًا، وهذا أفضل من أن تقرأ كثيرًا لكن بشكل متقطع، وكما قال رسولنا محمد –صلى الله عليه وسلم–: “أحب الأعمال الى الله أدومها وإن قل”.
تعلم أساسيات اللغة
عليك أن تتعلم أساسيات النحو والإملاء وعلامات الترقيم، ليس عليك أن تكون متخصصًا باللغة العربية، ولكن عليك أن ترفع مستواك التحصيلي المعرفي في اللغة لمستوى أفضل، تتمكن من خلاله الكتابة بإتقان ومهارة عالية، ويمكنك الاستعانة في بداية مشوارك بمراجع لغوي مختص يراجع ما تكتبه وتتعلم منه تصحيح الأخطاء اللغوية، حتى تتمكن من تفادي تلك الأخطاء مستقبلًا. لذلك، لا تجعل ضعف مستواك في اللغة أن تثنيك عن الكتابة، فالكتابة في حد ذاتها تقوي مهارتك في اللغة، وبالتحسين المستمر والبحث عن النقد البناء والرغبة الجادة؛ سوف تزول هذه العقبات.
الكتابة المستمرة
إن تحسين المستوى في الكتابة يستلزم المداومة عليها والممارسة المستمرة، فكثرة الكتابة تقوي أسلوبك الخاص وتعزز لغتك وتقضي على مخاوفك. اكتب دائمًا في كل يوم أو كل أسبوع على الأقل، اكتب في مدونتك، أو في دفتر يومياتك، اكتب في تلخيص الكتب التي تقرأها، اكتب في وسائل التواصل الاجتماعي، الهدف أن تكتب دائمًا لتصبح الكتابة عندك سهلة ويسيرة ومنها يتحسن مستواك. إن التدريب المستمر على الكتابة بداية من النصوص القصيرة المناسبة مثل: كتابة الخواطر، أو الحكم، أو القصص القصيرة.
سوف تصقل مهارتك وتقوي لديك الخيال والإبداع، ثم تتدرج إلى كتابة المقال، التي تعتبر من أهم وسائل تعليم الكتابة وخطوه فعاله في طريقك للكتابة وتمكنك حتى من تأليف الكتب؛ لأن المقال يشتمل على العناصر الأزمة للكتابة. ولا تتقيد في الكتابة بنمط يومي، فقد تتغير ساعات نشاطك من يوم إلى آخر، ولكن احرص على ألا يقضى يومًا واحدًا بدون أي كتابة، ولا بأس ان تتوقف عن الكتابة إذا شعرت بأن عزيمتك قل فيها الحماس والشغف، فهذا أمر طبيعي، فلكل إنسان ساعات يكون عطاؤه فيها بالذروة، وما عليك إلا أن تكتشف ساعات ذروتك واغتنمها وخصص ذلك الوقت للكتابة والإبداع.
أما في الساعات التي يقل فيها الحماس والرغبة فقم بمراجعة أفكارك وإعادة قراءة ما كتبته، وقم بالتحضير لما سوف تقوم بكتابته في الوقت اللاحق. وفي حين قدح في ذهنك فكره احرص على كتابتها فورًا في دفتر مذكراتك، لتحتفظ بالأفكار في فورتها قبل أن تنساها؛ لأن الكتابة تدفعك دائماً للتفكير والبحث بين الحين والآخر في الأفكار الصالحة للكتابة، وكما قال الكاتب المسرحي الفرنسي يوجين أونيسكو: “الكاتب لا يأخذ الإجازات. بالنسبة للكاتب، الحياة تتكون من كتابه، أو تفكير في الكتابه”.
التحسين الدائم
لابد أن تسعى للتحسن الدائم في أسلوب ما تكتبه، ولا تركن إلى مستوى نجاح معين وتتوقف عن التعليم والتطوير، حتى ولو نلت أرقى الجوائز في الكتابة. أن عملية التحسين المستمرة تجعلك تأتي بالجديد والأحسن بشكل دائم، فالجديد والأفضل هما رمز التميز وبالتالي البقاء والاستمرار، ومن المهم أن تدرك أن ما تكتبه يقدم خدمة هامة للمجتمع، فلا تكرر ما فعله غيرك من قبل، بل يجب أن تقدم للمجتمع الجديد النافع والمفيد الذي ستضيفه لإثراء المعرفة، ومما يساعد الكاتب على التحسين المستمر هو الإصغاء للنقد الإيجابي الموضوعي، وتأخذ منه ما يناسبك ويطور أسلوبك.
لقد حان الوقت لكي تظهر على الناس بفن ما ستكتبه، وعند اتباعك لهذه المهارات المذكورة آنفًا ستصبح كاتبًا فنانًا، تحلق في عالم الكتابة من كتابة خواطر، إلى كتابة مقالات، إلى كتابة روايات وقصص، إلى تأليف الكتب. ولا تنسَ النية الصالحة، وذلك بترك أثر جميل يغدق عليك من خيري الدنيا والآخرة، هذا الأثر يفيد البشرية وينفعهم ويساهم في رقيهم، فكن صبورًا، فالنجاح يحتاج إلى جهد ووقت طويل، ولا يحصل النجاح في يوم وليلة، ولولا الصبر لما نجح الكُتاب الكبار، الذين ما زالت كتبهم تطبع إلى الآن من أكثر من خمسمائة عام.
الكتابة المبدعة فن جميل جدير بالمحاولة والتجربة، وما هي إلا مجموعة من المهارات البسيطة، وتذكر أن رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة.
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 1,052
مقال مثير وممتع حول الكتابة
link https://ziid.net/?p=92799