أساليب تعزيز لغة الوجدان في الإعلان الخيري
يتعرض الفرد يوميا لمئات الرسائل الإعلانية، فكيف تصمم الإعلان المناسب لتنافس في هذا السوق الضخم؟ المكون الوجداني هو السر.
add تابِعني remove_red_eye 5,173
وفق دراسة: في أمريكا يتعرض الفرد يوميا لحوالي 1500 رسالة إعلانية، ووفق دراسة أخرى يبلغ مجموع الرسائل الإعلانية التي يتلقها الفرد يوميا قرابة 5000 رسالة إعلانية، ولا عجب في ذلك فالشوارع ومواقع التواصل الاجتماعي والصحف والتلفاز والمذياع وأدوات المنزل كلها تضج بالإعلانات، ولكن كم إعلان من هذه الإعلانات يسترعي انتباهك ويثير اهتمامك؟ أنت تتعرض لها.. ولكن هل تنتبه لها !!
إذن .. عندما تصنع إعلانك الخيري فاعلم أنك ستضعه بين مئات الإعلانات للفرد الواحد، ولا تظن أنك وحدك.
ليأتي السؤال : كيف لإعلاني أن يثير الاهتمام ؟ بل ويدفع للفعل الذي أرجوه؟
تحدثت في مقال سابق حول 6 أفكار تجعل إعلانك الخيري أكثر فعالية وتأثيرا ، وأشرت في إحدى الأفكار بل أولها إلى استثمار المكون الوجداني ومررت به على عجل، اليوم أنيخ المطايا بساحته وأطرح بين يديك عدة أفكار تستثمر بها هذا المكوّن المهم، من أجل إعلان يحقق أهدافه.
المكون الوجداني هو المكون المختص بمشاعر الشخص وانفعالاته تجاه موضوع ما ، ويمكن القول بأن هذا المكون هو المسؤول عن تصنيف الموضوع من حيث هو مقبول أو مرفوض أو محبوب أو مكروه.
ووظيفة المكون الوجداني في الإعلان هي لفت الانتباه وإثارة الاهتمام من بين هذا الحشد الهائل.
دعني أشير في البداية بأن لا تقلق بشأن المعلومات التي تريد إيصالها أو البيانات التي تود شرحها أو التفاصيل التي لابد من ذكرها، لا تقلق بشأنها ولا داعي لأن تزحم إعلانك بها فتحيله إلى مقال لا إعلان ؛ لأنك إن نجحت في استثمار المكون الوجداني للمستهدَف فسيبحث هو بنفسه عن المعلومات والتفاصيل ولن يتوقف عن البحث حتى يجدها.
كيف أستثمر المكون الوجداني في إعلاني الخيري؟
استثمار ذات القضية
في نظر القطاع التجاري محظوظ هو القطاع الخيري إذ أن كل قضاياه إنسانية اجتماعية تستميل القلوب بطبعها ، فلا داعي لديه لجلسات التفكير المطولة ولا استشارات الخبراء المكلفة لإظهار القضية التجارية كقضية تدعم الجانب الإنساني والمجتمعي، وكما يقال أحيانا بحق بعض السلع ( أنها تبيع نفسها ) فإن قضايا العمل الخيري كذلك ( تروج لذاتها )، ولكن إن وجدت من يُظهرها بالشكل الصحيح، فلا تفوت على نفسك هذا العنصر الذهبي ولا تفرط بهذه الهبة الإعلانية ( القضية الإنسانية ) فالإنسان بطبعه يحب مساعدة الآخرين ، وإعانة المسكين ، والأخذ بيد الجاهل ، والمسح على رأس اليتم … ، كل هذه القضايا هي لب إعلانك الخيري ، فلا تبخل بإظهارها وجعلها محور الإعلان ومركزه الذي تتجمع حوله بقية العناصر.
فهم الفئة المستهدفة جيدا
اعرف فئتك المستهدفة أكثر مما تعرف هي عن نفسها! ولا تظن أن الوسيلة الإعلانية الواحدة تناسب الجميع، ففرق بين مناسبة القضية للجميع ومناسبة الوسيلة المستخدمة للجميع، فالكل يحب التبرع للمحتاج ولكن ليس الكل يقبل الإعلان بالطريقة التي أظهرتها .
تحديد الفئة المستهدفة من الإعلان خطوة مهمة جدا ، وإن كان لإعلانك أكثر من فئة مستهدفة فاجعل له أكثر من قالب إعلاني .
تحديد الفئة المستهدفة يملي عليك عدة جوانب متعلقة بمكونها الوجداني: ماذا تحب ؟ أي الألوان تفضل ؟ ما اللغة أو الأسلوب الذي تحب أن تُخاطب به ؟ أي القضايا التي تثير حماسها وتلك التي لا تحرك فيها ساكنا؟ هل تحب الصور أم المعلومات ؟…
الصورة في الإعلان
تخيل معي طفلا يظهر على ملبسه ومكانه الفقر والحاجة، لكن .. تشع من وجهه ابتسامة تضيء ماحوله، سببها : حقيبة مدرسية بين يديه تحيط بها بقية الأدوات من أقلام وكراسة ودفاتر … ، وعبارة مكتوبة في إحدى زوايا الصورة ولتكن الزاوية اليمنى مراعاة لما يحبه العقل العربي، مكتوبة على استحياء “التعليم عدو الفقر” معها شعار الجهة، كإعلان للمساهمة في مشروع الحقيبة المدرسية.
هذا مثال لصورة مباشرة الدلالة، ليس فيها صناعة أو رمزية وبالتأكيد أن التأثير على المتلقي يزيد إذا كان المعنى غير مباشر ويستدعي التفكير والتأمل .
والوجه الإنساني مادة إعلانية ثمينة، فوفق دراسة أشار إليها د.أحمد خليل في كتابه وسائل الإعلان: أن ظهور وجه إنساني في الإعلان يثير اهتمام المتصفح أكثر من ظهور أي عناصر أخرى.
وبما أن القضية في الإعلانات كما أشرت سابقا قضية إثارة اهتمام فدونك هذا السر الكامن في الوجه الإنساني، والصورة تقدم لك ذاتها وتقول : أنا عن ألف كلمة ، فلا داعي لأن تزحمني بحشو وسرد وتفاصيل.
الألوان في الإعلان
هنالك قضيتان حول الألوان المختارة:
الأولى: هل يجب أن تلتزم دوما بألوان شعارك وهويتك البصرية؟
في رأيي .. الجهات المجتمعية التي تخاطب المجتمع وتصل إليه وتقترب منه وتحتاج إليه، لا ضير في خروجها أحيانا عن ألوانها المحددة تقرّبا للفئة المستهدفة، وإن كان ولابد فمن الممكن إضافة ألوانها كلمسة بسيطة على الإعلان، أما الجهات التي لا تتعامل مع المجتمع مباشرة، فلها أن تبقى حول ألوانها الرئيسية وتتنقل بين تدرجاتها.
الثانية: أهمية موافقة الألوان للفئة المستهدفة، أو موافقتها لموضوع الإعلان.
إذا كان إعلانك محدد الفئة ( ملتقى شبابي مثلا ) فإنك ستختار الألوان التي تلفت انتباه الشباب، ولن تختار البني والذهبي والرصاصي، طمّئني بشأن ذلك أرجوك :)
أما إذا كان إعلانك واسع الفئة المستهدفة ( إعلان تبرع عام ) فستختار الألوان ذات الارتباط بموضوع الإعلان. ومعلوم أن لكل لون دلالته الخاصة : فالأبيض للأمل والبساطة والنظافة، والأخضر للحياة والنمو والسلام، والبرتقالي للإبداع والتجديد والتغيير، وهكذا بقية الألوان.
يطول الحديث جدا حول استثمار المكون الوجداني في الإعلان، بقي الاسم الإعلاني للمنتج أو الخدمة، والشعار اللفظي slogan ، والتعليق الكتابي إذا كان الإعلان صوريا، ولكن خشية الإطالة جعلتني أشير للأهم.
ما الذي يحدث عندما تستثمر المكون الوجداني في إعلانك ؟
أحيانا قوة هذا الاستثمار تخلق دافعا وتبني رغبة لم تكن موجودة بالأساس لدى المستهدَف وهذا نجاح كبير، أو على الأقل تحجز مكانك في الذاكرة أو تفتح نقاشا بين اثنين أو تدفع للنشر والمشاركة، المهم أن يكون القسم المسؤول في منظمتك جاهزًا لاحتواء هذا المستهدف والرد على استفساره والترحيب بحماسه وعدم التفريط بمجيئه.
add تابِعني remove_red_eye 5,173
إن ظهور جانب إنساني خيري في الإعلان يثير اهتمام المتصفح أكثر من ظهور أي عناصر أخرى.
link https://ziid.net/?p=10267