متلازمة ستوكهولم: عندما يُفضل المجني عليه أن يبقى أسيرًا لخاطفه
إنه لأمر غريب عندما تتعاطف الضحية مع خاطفها، وهذا ما يحدث في حالة ستوكهولم، فالضحية هنا تقع في حب الجاني وتتحد معه
add تابِعني remove_red_eye 13,687
كثيرًا ما كانت النفس البشرية مُحيرة للعلماء والباحثين، فهناك العديد من التصرفات التي تصدر عنها غير مفهومة، أو من الصعب فهمها، من أبرز حالاتِها الغريبة متلازمة ستُوكهولم، والتي عادةً ما ترتبط بحالات الاختطاف والرهائن، وفيها تُظهر الضحية تعاطفًا مع خاطفها، ويُعتقد أنّ هذه الحالة تحدث نتيجة الإصابة بالصدمات من قبل.
حالات حقيقية
عام 1974م، اختُطفت “باتي هيرست”، وهي حفيدة الإعلامي الأمريكي الشهير “ويليام راندولف هارست”، اشتُهرت باتي بسبب عملية الاختطاف التي تعرضت لها، ليس بسبب عملية الاختطاف بحد ذاتها، ولكن للحالة التي كانت عليها عندما عادت، فقد ظهر عليها التعاطف مع مُخطتفيها، حتى إنها دعمت قضيتهم بشدة، وساعدتهم في سرقة أحد البنوك وقُبض عليها، واستخدم الدفاع متلازمة ستوكهولم للدفاع عنها، ولكن لم يفلح الأمر، وحُكم عليها بالسجن (35) عامًا.
ناتاشا كامبوش، فتاة ألمانية، اختطفها رجل يدعى “بيكلوبيل” عام 1998م في سن العاشرة، ووضعها خاطفها في غرفة تحت الأرض لأكثر من (8) سنوات، كانت سياسة بيكلوبيل معها بين اللطف والترهيب، فقد كان يعاملها بلطف عندما تطيعه، بينما يظهر لها القسوة عندما تعصيه. أخيرًا، استطاعت ناتاشا الهروب منه عام 2006م، ونجحت في الوصول لعائلتها، لكن بويكلوبيل رمى نفسه أمام قطار وانتحر. عندما علمت ناتاشا بالخبر بكت كثيرًا عليه.
في عام 1933م، اختطفت فتاة تدعى “ماري ماكيلروي”، تبلغ من العمر (25) عامًا من قِبل (4) رجال تحت تهديد السلاح، ووضعوها في مزرعة مهجورة، وطالبوا عائلتها بفدية. عندما أُطلق سراح ماري وقُبض على خاطفيها، تعاطفت معهم أثناء المحاكمة. نفس الأمر حدث عام 2002م مع “إليزابيث سمارت” وهي مراهقة تبلغ من العمر (15) عامًا، أخذها مختطفها من سريرها بحد السكين وعندما عادت صرحت بتعاطُفها مع خاطفها.
ما هي متلازمة ستوكهولم؟
هي عبارة عن استجابة نفسية وتحدث عندما يرتبط الرهائن أو الضحايا مع خاطفيهم، ويتطور هذا الارتباط النفسي على مدار أيام أو أسابيع أو شهور أو سنوات من الأسر، حتى وإن كان الخاطفون يتعاملون مع الضحايا بشكلٍ سيئ. وهذا التعاطف يناقض حالات الخوف الفزع والكره التي ينتظرها الجميع من الضحايا.
إنه أمر محير حقًا، فكيف لشخص أن يتعاطف مع مُهينه! ليس ذلك فقط، فمع مرور الوقت، تتولد المشاعر الإيجابية بين الضحايا وخاطفيِهم، بل ويُشاركونهم أهدافهم ويتحمسون لقضاياهم حتى وإن كانت إجرامية. وبناءً عليه، ليس من الغريب أن تبدأ الضحية في تطوير مشاعر سلبية تجاه الشرطة أو أي شخص يحاول مساعدتهم على الهروب من الحياة الخطيرة التي يعيشون فيها مع خاطفيهم.
لكن مهلًا، هذا الأمر ليس عامًّا، ولا يحدث مع كل الضحايا أو الرهائن، كما أنّ سبب حدوثها غير واضح. وقد اجتهد العديد من علماء النفس في تفسير هذه الحالة، وما توصلوا إليه يفيد بأنّ هذا التعاطف ما هو إلا رد فعل من الضحايا، يساعدهم على التأقلم للتخفيف من هذه الصدمة المرعبة.
متى سُميت المتلازمة بهذا الاسم؟
يستطيع التاريخ الإجابة على هذا السؤال. لقد حصلت المتلازمة على هذا الاسم عام 1973م، عندما احتجز رجلان أربعة أشخاص لمدة ستة أيام كرهائن بعد سرقة بنك في ستوكهولم بالسويد – ومن هنا جاءت تسمية المُتلازمة ستوكهولم – وبعد إطلاق سراح الرهائن، رفضوا تقديم شهادة ضد خاطفيهم، ليس ذلك فقط، لقد بدأوا في جمع الأموال للدفاع عن الخاطفين وتخليصهم من الاتهام.
بعد هذا الحادث، وضع خبراء الصحة العقلية وكذلك علماء النفس مصطلح “متلازمة ستوكهولم” لمثل هذه الحالات التي تتطور فيها العلاقة العاطفية أو النفسية بين الخاطفين والضحايا، وبالرغم من شهرة هذه الحالة إلا أنها لم تُدرج في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية، وهو دليل يستخدمه علماء النفس وأطباء أو خبراء الصحة العقلية في تشخيص الاضطرابات العقلية.
ما أعراض المتلازمة؟
هناك ثلاث أعراض مميزة يمكن من خلالها تشخيص المتلازمة، وهي كالتالي:
- تطور الضحية مشاعر إيجابية تجاه الخاطف، حتى وإن كان سيئ المعاملة.
- تطور الضحية مشاعر سلبية تجاه الشرطة أو السلطات أو أي شخص يحاول مساعدتها على الهروب، وقد ترفض الضحية أي تعاون ضد الخاطف.
- تعتقد الضحية أنّ خاطفها إنسان له قيم وأهداف، ويظهر تعاطفها معه، بل قد تدافع عن قضيته بشدة.
وتحدث هذه الأعراض غالبًا نتيجة الموقف العاطفي، إضافة إلى تولد اعتقاد كبير داخل وجدان الضحايا بأنّ خاطفيهم هم أملهم في البقاء على قيد الحياة، خاصةً إذا أظهر الخاطف بعضًا من اللطف مع المخطوفين. ومع مرور الوقت، تتكون فكرة جديدة داخل الضحايا تجاه الخاطفين.
بعض المواقف التي تحدث أثناء متلازمة ستوكهولم
- التعرض للأذى: تشير الدراسات إلى أنّ الأشخاص الذين يتعرضون للأذى تتطور لديهم ارتباطات إيجابية عاطفية مع الخاطفين.
- الإساءة إلى الأطفال: في كثير من الأحيان، يُظهر الخاطف تعاطفه مع الأطفال المخطوفين، هذا يؤدي إلى إرباك الطفل ويفقد الشعور السلبي تجاه خاطفه.
- التجارة الجنسية: وفيها ترتبط الضحايا الخاطف، فقد أصبح مصدر أمانٍ لهم من حيث توفير المأوى والطعام، حتى إنهم يرفضون التعاون مع الشرطة ضد خاطفيهم.
- تدريبات الرياضة: ليس لها علاقة مباشرة، لكن لنوضح الأمر بمثالٍ بسيط، بفرض أنّ هناك شخص يتدرب في إحدى صالات الرياضة على إحدى الألعاب القتالية أمام مدربه، وضربه المدرب ضربًا مبرحًا، سيعتقد المتدرب أنّ المدرب يضربه لمصلحته، نفس الأمر مع الضحية عندما تتعرض لضرب من الخاطف.
علاج المتلازمة
يساعد العلاج النفسي على المدى الطويل في علاج الحالة، كما يجب إمداد المصاب بالمعلومات الكافية حول المتلازمة حتى يتفهم وضعه، وأنّ تعاطفه مع المجرم لم يكن بيده، وإنما هي حالة يتعرض لها الكثيرون، إضافة إلى أهمية علاجه من اضطرابات ما بعد الصدمة، التي أدت به إلى التعاطف مع المجرم أو تعرض لها بعدما عاد سالمًا.
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 13,687
مقال مثير حول متلازمة ستوكهولم ومن أين بدأت
link https://ziid.net/?p=75029