حينما قال لي: لقد سمعتُ بأنك فصامية
مرض الفصام بما يورثه من هلوسات يعتبر تحديًا للمريض لأنه يواجه الاضطهاد من مجتمعه، هنا تحكي الكاتبة بورك تجربتها مع هذا المرض.
add تابِعني remove_red_eye 6,630
ما هو الفصام؟
الفصام مرض عقلي يصيب الذكور والإناث بنسبة ١% على حدٍ سواء، لكن فترة الإصابة تختلف لدى الجنسين، فقد يظهر المرض مبكرًا عند الذكور ١٨-٢٥ سنة مقارنةً بالإناث ٢٥-٣٠ سنة، ويعتبر المرض تحديًا بالنسبة للمصابين به، فهم يعيشون في عالمين مختلفين ومن الصعب التمييز بين العالم الحقيقي والعالم الجديد الذي كوّنه المرض، فبجانب الهلاوس السمعية والبصرية والحسية والذوقية هناك العديد من التحديات التي لا تواجه المرضى فحسب بل عائلاتهم أيضًا.
تجربة الكاتبة آلي بورك مع الفصام
آلي بورك كاتبة ومدونة في مجلة -وومن هيلث- ومجلة -فايس- وسيكولوجيي توداي- تعمل كاتبة منذ ثمان سنوات، وركزت في كتاباتها على الأمراض العقلية وخاصة الفصام وذلك لأنها فصامية، عبّرت آلي بورك عن رحلتها مع الفصام بأسلوب تحفيزي يعطي الفصاميين أملاً وعزيمةً وإصرارًا وقالت: “احتضَنني ككل يوم ثم ناداني باسم أحد شخصيات التسعينيات الكرتونية “ذات الشعر الأحمر” سألته عن حاله لكنه لم يُجِبني، اقترب قليلاً وأخفض رأسه وبدأ يهمس لي: “لقد عرفت شيئًا عنكِ لم أكن أعرفه مسبقًا” يا إلهي تجمّدت مكاني والحرارة تنبعث من وجهي واقشعر جسدي محاولةً الابتسام وقلت له بارتباك: “ما الذي عرفته؟”
لا أعلم لماذا لا زلت أشعر بالارتباك حتى بعد سنواتٍ عدة من مشاركة الآخرين موضوع مرضي، وبعد إخبار الجميع عنه وامتلاء صفحتي في الفيسبوك بمعلومات عن المرض وبعد عشرات المرات من تقبّلي بأن المرض جزء مني، لماذا لازلت أشعر بهذا الشعور؟ لماذا أصاب بالهلع عندما يتحدث شخص ما عنه؟ جديًا ما الذي سيقومون به، هل سيصفعونني؟ أو لن يتحدثوا إلي مرةً أخرى؟ أو هل سيتصلون على الشرطة؟
متى سينتهي هذا؟ هذا ما شعرت به عندما أتى ذاك الشخص في العمل وأخبرني بأنه عرف بأنني فصامية وكان مذهولاً لأنني كنت في نظره إنسانة طبيعية، قلت له: “نعم أنا فصامية!” وادّعيت بأنه علي الذهاب، وهربت مطأطأةً الرأس، أو كالموقف الذي حصل لي عندما كنت أتناول طعام عشاءٍ عائلي في الخارج ثم أنهت إحدى قريباتي كلامها مازحةً وقالت “هذا جنون” فضحكتُ بصوت عالٍ جدًا حتى لا تشعر بالذنب وتقول لاحقًا “آسفة لم أقصد إيذاء مشاعرك”
هل أنا جبانة؟ عندما أضحك بصوت عالٍ على النكات وأتمنى أن أكون في أي مكانٍ في الأرض إلا المكان الذي يسألني فيه شخص ما إن كنت مصابة بالفصام؟ لا أريد التعامل مع هذه المواقف إطلاقًا، كالموقف الذي حصل لي في الحانة عندما سألني رجل عن سبب امتناعي عن الشُرب فأخبرته: “لا أستطيع أن أشرب لأنه يتعارض مع أدويتي” فقال “هل تمانعين إخباري ما هو مرضك” فقلت “بالطبع لا” -كاذبة!- “أنا فصامية” لن أنسى نظرات الرجل وقتها فكأنه توقع كل أمراض التاريخ إلا الفصام.
أن أُطلق على نفسي فصامية بدلاً من مصابة بالفصام هو اختياري لكي أشعر بأن المرض جزء من شخصيتي، لكن الأمر صعب للغاية لأنني أشعر بمسؤولية تُملي علي احتمالاتٍ عدة، فقد يتغير كل شيء بسبب هذه الكلمة البسيطة “فصامي أو فصامية” تحمل عبئًا كبيرًا في هذا العالم، فالفصامي بالنسبة للعالم إنسان عنيف وقاتل وعدواني ومخيف ومجنون، ولا تعني رائع أو كاتب أو فنان أو ممتع أو فريد أو عبقري، فطالما نحن أحياء هي تعني كل شيءٍ سيئ.
أستطيع مشاركة كتاباتي مع الفصاميين، لكنني لا أعلم هل سأتحسّن عند مشاركتي إياها مع عامة الناس؟ لقد شاركت طبيعة مرضي مع الآخرين لكن الأمر يختلف تمامًا عند مشاركته مع شخصٍ قريبٍ منك، سيعطيه هذا شعورًا سلبيًا وسيبدأ بالحكم عليك بأنك غريب ومجنون ومخيف وقاتل، لكن لا يوجد شخص خلوق في هذه الحياة قد يتعمّد قول هذا، المشكلة هي أنهم لا يعرفون كيفية التعامل مع عبارة “أنا فصامي” لأن والديهم وأساتذتهم لم يُعلّموهم هذا الدرس ولم يهيّئوهم مسبقًا للتعامل مع هذه العبارة.
إذن ما العمل؟ علينا أن نحتمل هذه المحادثات المزعجة حتى وإن أجبرتنا عقولنا وأمرتنا أجسادنا بالرحيل، علينا أن نستمر في مواجهة السؤال “هل أنت فصامي؟” ونعم نحن كذلك لكننا أناس جيّدون مثلكم تمامًا!
الرجل الذي عرف عن مرضي أفصح عمّا بداخله في النهاية وقال: “سمعت بأنكِ كاتبة” “ضحكت بصوت عالٍ وقلت: “نعم أنا كاتبة” قال: “هذا رائع”.
add تابِعني remove_red_eye 6,630
مقال حول تجربة الكاتبة آلي بورك مع مرض الفصام.
link https://ziid.net/?p=22804