هل تصاب القطط بالاكتئاب؟
بالرغم من أن كثيرًا من البيطريين قالوا أن الكلاب والقطط تصاب بالاكتئاب، تحفّظ العلماء عن التأكيد إلى أن يتم تقديم دراسات شاملة.
add تابِعني remove_red_eye 3,076
يُشخّص الاكتئاب في البشر من خلال بعض الأعراض الذاتية كالتفكير في وفاة شخصٍ ما أو الشعور بالذنب طوال الوقت أو فقدان المتعة من بعض الأنشطة والأعمال التي لطالما كانت ممتعة للشخص. يعتقد كثير من العلماء بأن الحيوانات كذلك تصاب بالاكتئاب لكن يصعب تشخيص الإصابة غالبًا والسبب يعود على عدم قدرة الحيوانات على التحدث؛ لذلك يعتمد العلماء عند تشخيص الحيوانات على ملاحظة سلوك الحيوان وحالته المزاجية الظاهرة، لذا عندما نتحدث عن تصرفات تشير إلى إصابة الحيوانات بالاكتئاب يُفضّل العلماء استخدام مصطلح (سلوك شبه-الاكتئاب) بدلاً من استخدام مصطلح (اكتئاب).
أحد أعراض الاكتئاب هو فقدان أو انخفاض المتعة واللذة في الأنشطة التي كانت ممتعة. غالبًا ما يكتشف العلماء الاكتئاب في الحيوانات من خلال النظر إلى رغبتهم في الأطعمة التي يحبونها جدًا أو في رغباتهم الجنسية أو من خلال نظام نومهم وتفاعلهم مع المجتمع المحيط بهم ومن خلال استسلامهم بسهولة عند مواجهة مواقف مجهدة. وهذه بعض الأساليب الأخرى التي يشخّص بها الاكتئاب في الحيوانات.
استعرض الأستاذ المساعد في علم الأعصاب في الطب النفسي بجامعة بنسلفانيا الدكتور أوليفر بيرتون دراسة عن القوارض والقردة والأسماك التي لا تُرعى من قبل أحد، واعتمد في دراسته عن القوارض على الفئران المستبعدة من محيطها الاجتماعي أو التي أُجبرت على العيش مع الحيوانات الضخمة التي تجبرهم على التوقف عن الحركة والأكل، ووجد أن الفئران اعتادت على بعض الأنشطة مثل دفع المقبض، وحل المتاهات، وممارسة الجنس، لكن الفئران المشخصين بسلوك شبيه للاكتئاب كانوا لا يمارسون تلك النشاطات.
قال بيرتون في أحد المقالات “الاستنتاجات الأكثر إقناعًا التي تستخلص من الحيوانات الرئيسيات تعتمد على مراقبة سلوكياتهم. يستطيع مراقبو سلوك الحيوانات أن يلاحظوا إن كان القرد مصابا باكتئاب أم لا من خلال النظر إلى تعابير وجهه أو مراقبة توجّه بصره، لأن سلوكيات القرد العاطفية مشابهة إلى سلوكيات البشر”
لقد تم الإسهاب في دراسة سلوك شبه الاكتئاب في القطط والكلاب والحيوانات الأكثر شيوعًا، ويبدو أن البيطريين هذه الأيام اتفقوا على أن الحيوانات تصاب بالاكتئاب حتى أنه يصرف لهم دواء بروزاك (علاج يصرف للمصابين بالاكتئاب) ليشفيهم من الاكتئاب. بالرغم أنه حتى عام 1980 كان كثير من البيطريين يعتقدون بأن إصابة الكلاب بالاكتئاب مجرد سخافة، إلى أن أقرّ الدكتور نيكولاس دودمان من كلية الطب البيطري في جامعة تافتس بفكرة أن الكلاب تصاب بالاكتئاب، ثم هاجر إلى الولايات المتحدة عام 1981 وبعد فترةٍ قصيرة حول اهتمامه من المجال العام للطب البيطري إلى سلوك الحيوان وعلم الصيدلة السلوكية.
دفعت دودمان دراساته إلى الاعتقاد بأن بعض سلوكيات الكلاب كانت مشابهة للحالات النفسية البشرية، ثم أنهى دودمان الجدال إلى أن الكلاب قد تصاب بالاكتئاب والقلق استنادًا إلى ما يعرفه عن الأعراض السلوكية للإنسان. ومع ذلك كانوا زملاء دودمان يعارضونه ويقولون بأن “الكلاب لا تعاني من نفس الحالات النفسية والعاطفية التي يعاني منها الناس”
يعود هذا الاختلاف في الآراء إلى حبلين من الأفكار. الرأي الأول قيل من عدة قرون وهو قول رينيه ديكارت، الفيلسوف الفرنسي، عالم الرياضيات والأحياء، قال بأن البشر هم فقط من يملكون مشاعر وعمليات إدراك عقلية. الرأي الثاني يعود إلى صاحب نظرية التطور تشارلز داروين عندما أقرّ بفكرة أن الحيوانات تصاب بالاكتئاب، قال مشاعر الحيوانات العاطفية قريبة بحدٍ كبير إلى مشاعر البشر العاطفية.
انحاز دودمان بوضوحٍ إلى داروين ورأى بمنطقه أن الكلاب والبشر يتشابهون في تركيبة الدماغ وكذلك في كيمياء الدماغ. مثالاً على ذلك يعرف بأن الاكتئاب يصيب البشر بسبب التغيرات الكيميائية والهرمونات ويعالج بأدوية الاكتئاب، حيث أن دودمان أعطى بعض الكلاب من أدوية الاكتئاب ورأى تحسّن في حالتهم المزاجية. إذن لا يوجد أي سبب للاعتقاد بأن الكلاب لا تصاب بالاكتئاب.
آمن البيطريون بأن الاكتئاب يصيب الحيوانات، ثم بدأ مصنّعو الأدوية بصنع مضادات لاكتئاب الكلاب إلى أن أصبح صنع أدوية الاكتئاب مربحًا للغاية.
بالرغم من أن كثيرًا من البيطريين قالوا بأن الكلاب والقطط تصاب بالاكتئاب، تحفّظ العلماء عن قول ذلك إلى أن يتم تقديم دراسات شاملة عن هذا الموضوع. لكن يبدو أن الدراسات تشير إلى أن وجود الحيوانات الأليفة كالكلاب والقطط يساعد على تحسين أعراض الاكتئاب ويعزّز النشاط البدني والروابط العاطفية الهادفة، ويخفّض ضغط الدم ويجعلنا أكثر مسؤولية. الأهم من ذلك كله، الكلاب تقدم الحب غير المشروط الذي يقطع شوطًا طويلًا بالنسبة لمعظم الناس الذين لديهم مصاعب في حياتهم.
add تابِعني remove_red_eye 3,076
link https://ziid.net/?p=35509