عندما تنقلب الطاولات: نظرة إلى توابع المشاكل الأسرية
أكثر الأشخاص تضررًا من الماضي هم من احتفظوا بتفاصيله ورفضوا إعادة النظر فيها ورفضوا تنقيح ذاكرتهم بقصد أو بدونه
add تابِعني remove_red_eye 714
يسعى كل أب وأم إلى حماية أطفالهم ورعايتهم وبفطرة الأب والأم؛ كلاهم يملك محبة وحنانًا تجاه أبنائهم، تلك المحبة الفطرية هي ما تنقذ الوضع عندما تشتد الخلافات وتخفف حدة الموقف؛ فتصلح المكسور وتشفي القلوب. طالما كل أب وأم يعتنون بأطفالهم بأكمل وجه، لم تنقلب الطاولات بمرور السنين، وكيف نسمع ونرى في الأخبار، بل أيضًا على أرض الواقع أشخاص يسيئون معاملة والديهم أو حتى العكس؟ أين انعطفت الأمور؟ أهو شيء حفزته اللحظة الحالية أم هو نتاج كل ما حملته السنين من صدمات طفولة ومواقف غير منتهية؟
ما صدمة الطفولة؟
صدمة الطفولة (childhood trauma) هي مصطلح في علم النفس أطلق على كل فعل أو موقف أو قول سلبي وجه نحو الطفل أو شهده الطفل- مثل العنف، التعدي، التنمر والإهانة، خلافات الوالدين، الموت والمرض وغيرها من الأحداث السيئة، بل حتى الكلمات والنصائح غير المدروسة قد تسبب صدمة- سبب له تغير في شخصيته أو دُفن في اللاوعي لينطلق بعد ذلك على شكل ردات فعل تلقائية من الشخص ذاته وهو فرد بالغ وعاقل. ليس بالضرورة أن يتأثر الفرد من صدمات الطفولة بشكل سلبي بالغ الخطورة في المستقبل؛ فقد يتطور الإنسان وينمو، الأمر يعتمد كُلِّيًّا على ذاته، ربما ينهي تلك الذكريات أو ربما يسقيها بالغضب والأسى.
صدمات الطفولة والمشاكل الأسرية
في كل بقاع العالم يوجد حالات عدة شُخصت باضطرابات نفسية، تتفاوت ما بين الطفيفة سهلة العلاج والخطيرة ذات التوابع السيئة على المجتمع والفرد نفسه، كانت نتاج طفولة غير سليمة. لأن الأسرة هي أول محيط يتعايش فيه الطفل تظهر حساسيتها في تكوين شخصية المرء وتحديد معالمها الأولية من قيم وتصرفات وردات فعل وبالطبع أقوال، لذا قد تكون السبب في كثير من صدمات الطفولة خصوصًا صدمات الطفولة الناتجة عن العنف الأسري بأنواعه أو المشاكل الأسرية والشجار المستمر.
المشاجرات التي تحدث بين أفراد العائلة والتي قد تبدو بسيطة للأفراد البالغين تكون مسببًا أساسيًّا لخوف الطفل وإن كانت لا تخصه مثل المشاحنات التي تجري بين الوالدين، وكل ما كان الطفل أصغر كلما دفنت تلك المواقف ومشاعر الخوف والغضب في أعماق اللاوعي مترسخةً في شخصيته دون ملاحظتها كجبل تحت المحيط. عندما نرى شجارًا حساسًا بين الوالدين وأبنائهم – بشار أعني أقصى حالات العتاب- نلوم بشكل تلقائي الأبناء بينما يفترض أن نفهم أنه لا يوجد دخان من غير نار، أي ربما الابن اختار دون وعي منه أن يطلق عنان أفكاره الغاضبة وصدماته وكل تلك المشاجرات التي شهدها بين والدينه أو حتى كان طرف فيها آنذاك وكأنه ينتقم من ماضيه ويختار أن يدافع عن نفسه بعد سنين.
صدمات الطفولة الناتجة عن نصائح الوالدين التقليدية
تتعدد الأسباب وتتفاوت في شدتها والنتيجة واحدة، غضب مدفون لا غير، كل ما سبق كان مثالًا واحدًا لمسببات الاضطرابات النفسية ألا وهو صدمات الطفولة الناتجة من محيط الأسرة. علمًا بأن معظم الصدمات قد تحدث من أمور بسيطة ويبدو في ظاهرها نصائح إيجابية مثل:
- ذاكر لتنال رضا وحب والديك، وهو أسوأ ما يمكن قوله؛ فهذه الطريقة توصل رسالة بأن الوالدين حبهما مشروط.
- الرجل لا يبكي، تجعل الولد يكتم مشاعره مما يتحول الحزن لغضب بالتالي عنف أو إدمان.
- لا تخرج البنات من المنزل وحدها، هذه الجملة تجعل البنت تشعر بالخوف من المجتمع.
أو غيرها من الأمور التي قد تجعل الأبناء والبنات يشعرون بالنقص وأن حب ذويهم مرتبط بأمور مادية كالمذاكرة وتنفيذ المهام المنزلية وغيره، أمور تصل لدرجة أن يكره الأطفال طبيعتهم.
خطورة العنف الأسري على المجتمع
الحقيقة التي ترفضها مجتمعات عدة هي مدى سوء وخطوة العنف الأسري بكل أشكاله، سواء كان معنويا أو عاطفيا أو لغويا في كل الأحوال يعد خطرا على المجتمع. عندما يسيء الرجل لزوجته فيضربها أو يهينها فيشهد الأطفال ذلك ويكبرون بخوف وغضب ويتعلمون أن تلك هي الطريقة الوحيدة للعيش. بذلك الشكل كيف ينتج المجتمع أفراد سليمين مسالمين؟ المعادلة بسيطة، عنف أسري + أساس ضعيف = اضطراب نفسي ومشكلة غضب.
كيف نتخلص من صدمة الطفولة؟
في النهاية، أكثر الأشخاص تضررًا من الماضي هم من احتفظوا بتفاصيله ورفضوا إعادة النظر فيها ورفضوا تنقيح ذاكرتهم بقصد أو بدونه، والحال أن الإنسان لا ينجو في هذه الحياة دون الصفح عما سلف ونسيان لا تناسي ذكريات الماضي المؤلمة والطريقة المثلى لفعل ذلك هو أن يحاول الفرد أن يعيش تلك المواقف مرة أخرى من جانب آخر من زاوية أخرى من وجهة نظر مختلفة تمامًا، وجهة نظر قد رفضها الشخص ذاته آنذاك أو لنقل الطفل ذاته.
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 714
ما هي صدمات الطفولة ؟ وكيف تحدث ؟ وما هو علاجها؟ الإجابة في هذا المقال
link https://ziid.net/?p=99471