تلميحات حول “سلّة الصباح”

“سلّة الصباح” قد يبدو الاسم شهيًّا للوهلة الأولى ويحوي أصنافًا شتى مما لذّ وطاب من أطايب الإفطار، ولكن الأمر هنا مختلف، سلّة الصباح هذه مليئة بغذاء للعقول ومعارف شهية وطقوس صباحية مبهجة للنفس، في هذا المقال سنعرف أكثر كيف نطبق هذه الفكرة على مستوى العائلة وعلى المستوى الشخصي.

تعريف سلة الصباح

مصطلح تردد في الفترة الأخيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، وله علاقة وثيقة بالتعلم المنزلي، ولكن هنالك من أسقط الفكرة على الصعيد الشخصي. هي سلة أو صندوق يحتوي على مجموعة من الأمور المحببة للنفس وكتب مختلفة وعادات مبهجة للروح، لك أن تضع فيها ما تفضله من أمور تحب فعلها صباحًا مع نفسك أو مع أطفالك، تتراوح المدة بين عشرين إلى ثلاثين دقيقة.

التسمية جاءت من الوقت المفضل لتطبيق هذه الفكرة، حيث إن كثيرًا من الدراسات أثبتت أن مستوى الإنجاز والتركيز في ساعات الصباح الأولى تكون في أوجها، ولكن هناك من يطلق على هذه الفكرة مسمى مختلفًا مثل: ساعة الطاقة، سلة المساء، ساعة القوة، ويعتمد ذلك على الوقت الذي يقوم فيه الشخص بهذه الفكرة أو محتوى السلة، ولكن لا خلاف على أهم أسسها وهي إما وقت عائلي مشترك أو وقت خاص مستقطع للشخص يملؤه الهدوء والتركيز، شخصيًّا أفضل ساعات الصباح الأولى بعد صلاة الفجر.

كيفية تطبيق سلة الصباح مع الأطفال

عليك أن تختار وقتًا مناسبًا لهم في الفترة الصباحية، يجتمع أفراد الأسرة جميعهم على اختلاف أعمارهم ويجلسون سويًّا، وهنا يأتي دورك في تحديد المواضيع والأمور التي تتناسب وميول أفراد العائلة وتحب فعلا أن تحدث تغييرًا فيها على المدى الطويل.

– اقتراحات لمحتويات سلة الصباح

1-الغذاء الروحي

من الممكن هنا أن نقدم لهم دعاء طيبًا نقرؤه سويًّا ونتناقش في معناه، أو آية قرآنية تحمل فكرة أو معنى طيبًا يسهل حفظه وتطبيقه، أو حديثًا نبويًّا شريفًا أو مقولة لطيفة تذكره بخير، أو نعرض فكرة مهذبة للروح أو عبادة ما نقوم بها سويًّا، وشخصيًّا أفضل الدعاء وربطه بالحوار مع الله وتواصلنا الدائم مع الله في كل الأحوال.

2-مفكرة الامتنان

نتساءل ما الشيء الذي استيقظنا اليوم ونشعر بالامتنان تجاهه؟ ما النعمة التي نستشعرها الآن ونحب أن نشكر الله عليها؟ من اللطيف هنا أن نسجل مشاعرهم وأفكارهم بجانب أسمائهم ونعود لها بين الحين والآخر نذكرهم بها ونحمد الله عليها.

3-القراءة لهم بصوت عال

اختيار كتاب بموضوع محدد مثل التاريخ أو قصة محببة لهم، ومن الممكن ان نحدد كتابًا لكل يوم من أيام الأسبوع بمواضيع مختلفة، مثلًا: السبت نقرأ من كتاب التاريخ، الأحد نقرأ من كتاب العلوم، وهكذا…الفكرة تكمن بالقراءة التشاركية.

4- العلاقات الأسرية

هناك من يضيف هذه الجزئية لسلة الصباح، فيركز على هذه الفكرة من خلال أنشطة معينة أو أسئلة أو ألعاب عائلية تنمي العلاقات بين الأخوة وتعزز التواصل والحوار فيما بينهم، ومن الممكن هنا أن نخطط لمشروع عائلي أو زيارة عائلية أو مفاجأة لأحد ما مثل الجد أو الجدة.

ويبقى المجال مفتوحًا أمام الوالدين لاختيار ما يودّون تطبيقه بالفعل مع أطفالهم، وما يرغبون في تكراره معهم كل يوم، لتصبح عادة يسهل القيام بها، عادة بسيطة كل يوم ولكن تأثيرها يدوم طويلًا.

سلة الصباح.. على الصعيد الشخصي

أعتقد أننا لا نختلف على أننا بحاجة ماسة إلى لحظات نختلي بها بأنفسنا، بعيدًا عن الأطفال والعائلة أو المسؤوليات والمهام اليومية والأفكار التي لا تنتهي والتكنولوجيا التي تلاحقنا منذ ساعات الصباح الأولى، من اللحظة الأولى التي نفتح بها أعيننا صباحًا ونمسك بالهاتف لنتفقد حساباتنا على مواقع التواصل الاجتماعي، أعتقد أننا بحاجة إلى تطبيق هذه الفكرة لأنفسنا وبقوة.

ما الذي يمكنني فعله في سلة الصباح الخاصة بي؟

• الاستيقاظ باكرًا قدر الإمكان، هنالك من يفضل الساعة الخامسة صباحًا ويعتبرها ساعة ذهبية لبدء اليوم بها، ومع ذلك إن كنت تجد وقتًا ذهبيًّا آخَر في يومك تستطيع الجلوس فيه لوحدك فعليك به، ولا تنس أن تدع هاتفك يغط في نومه إلى حين انتهاء وقتك الخاص بك.
• لا يكون الأمر معقدًا، اختيار أمور بسيطة تبهج النفس وتمنحنا الراحة، قد يكون بكوب قهوة أو بجلسة هادئة أمام المدفأة أو بفتح النافذة واستنشاق هواء الصباح العليل.
• العمل على الطاقة الروحية التي ستمتد طوال اليوم، صلاة هادئة، حوار مع الله، دعاء بشيء أرغب فيه بقوة، آيات قرآنية تمنح النفس السكينة، ذكر أردده فيشعرني بالراحة.
• مذكرة الامتنان: الامتنان والشعور بالنعم وحمد الله عليها من أفضل ما يمكننا القيام به صباحًا، من الجميل تدوين هذه الامتنانات الصباحية والعودة إليها في أوقات الشدة لندرك كم نحن محاطون بكمّ هائل من النعم الصغيرة قبل الكبيرة.
• قد نحب أن ندلل أنفسنا بحمام ساخن أو كريمات مرطبة أو طقس روتيني يتعلق بالعناية بالبشرة.
• القراءة من كتاب مفضل لدينا ولا بأس بكتاب قرأناه سابقا ولكننا نعتبره مرجعا بأفكاره وطاقته وكلماته السحرية، قد نرغب بالقراءة من كتب تحفز النفس وتمنحنا القوة والرغبة بالإنجاز.
• مراجعة المهام التي عليّ فعلها خلال اليوم، مهام الأسرة أو العمل أو مهام شخصية وتدوين هذه المهام ضمن نقاط.
• العمل على مشروع شخصي لا علاقة له بالجانب الوظيفي، قد يكون مشروعًا عائليًّا أو شخصيًّا بحتًا.
• ممارسة نوع من أنواع التأمل، قد يكون مصاحبًا لتمارين يوغا تلين العضلات وترفع مستوى التركيز صباحًا.
• المرونة، الالتزام، الخروج من منطقة الراحة، التكرار، البدء بالتغييرات البسيطة، عبارات سحرية تحول المهمة إلى عادة دائمة.

مخرج..

الأفكار لا تنتهي وابتكار بصمة شخصية لنا فيما نود تطبيقه فعلًا بات ضرورة، من السهل أن نجمع مواضيع ومقترحات بأعداد غير محدودة، الأصعب فعلًا أن نطوّع هذه المواضيع لنمط حياتنا ونطبقها فعلًا فنضيف ما يهمنا ويميزنا عن غيرنا ونستبعد ما هو بعيد عن شخصيتنًّا وما يصعب تطبيقه في ظل ظروفنا، الفكرة في البحث الدائم والرغبة الملحة في التحسين على كافة الأصعدة، نحن فعلًا في مهمة تحسين مستمرة…