أنواع الزواج الثلاث: النوع الثالث هو النوع المستمر

هناك الكثير من أنواع وأشكال الزواج، يفشل معظمها ولا ينجح فيها إلا القليل، الأمر يرجع إلى أطراف هذا الزواج ومدى نضجهم

139 قارئ

ما أنواع الزواج الثلاث؟
الزواج الهوائي
الزواج الأناني
الزواج الناضج
إليك أيضًا

إن الكثير من العلماء والباحثين والفلاسفة قسموا الزواج إلى عدة أنواع على حسب آرائهم ومعتقداتهم وربما دينهم، بحيث أصبح لدينا أنواع مختلفة من الزواج كل منها يندرج تحت ثقافة معينة، بعض الأنواع أكثر نجاحًا من الأنواع الأخرى، وبما أنني متخصصة في مجال الفلسفة وعلم النفس والتربية فقد قمت بدوري بتقسيم صغير لأنواع الزواج، بحيث شعرت أن كل هذه الأنواع التي حددها الآخرون كثيرة للغاية، ويمكن اختصارها –من وجهة نظري– إلى ثلاث أنواع فقط، قسمت الثلاث أنواع بحسب الأقل إلى الأكثر نجاحًا، لذا فإن النوع الثالث هو الأقوى والأكثر استمرارية.

ما أنواع الزواج الثلاث؟

الزواج رباط مقدس في كل الأديان، إنه يربط رجل وامرأة برباط قوي وغليظ، وعهد وميثاق يأخذه كلّ منهما على الآخر، على أن يتحملوا معًا الحياة ومشاقها وحلوها ومرها، في الخير والشر، في الفقر والغنى، في الشدة والرخاء، بالطبع ليست كل أنواع الزواج قائمة على هذا، وهذا ما يجعل أنواع من الزواج تنجح دون أخرى، لذا فإن أنواع الزواج هي:

الزواج الهوائي

الزواج الهوائي هو زواج الطائشين، لن أحدد هذا بعمر معين مثل غيري من الأشخاص، لأن من وجهة نظري العمر ليس معيارًا –هذا لا يعني بالطبع زواج القاصرين والقاصرات– فالنضج لا يحدده عمر، ربما تجد فتاة في العشرين من عمرها ناضجة أكثر من فتاة في الثلاثين، وربما تجد رجلًا في الأربعين أو الخمسين من عمره صبياني وطائش أكثر من شاب في الخامسة والعشرين، لذا دعونا نتخطى فكرة اعتماد النضج على العمر لأن هذا غير حقيقي، هناك عقول ناضجة وعقول غير ناضجة بغض النظر عن عمرها.

في هذا النوع من الزواج تجد أطرافه –الرجل والمرأة– لا يعرفان لماذا يريدان أن يتزوجا؟ ما الغرض من الزواج؟ وما أهمية هذه الخطوة ولماذا اتخذوها في هذا الوقت بالذات؟ تجد كلُّا منهما يقف للآخر على تفاصيل تافهة وربما يصنع منها مشكلة كبيرة، لا يخططون جيدًا لحياتهم ولا يعيرون اهتمامًا لنصائح الآخرين.

هذا الزواج من وجهة النظري وبحسب ما رأيت فيمن حولي هو أكثر أنواع الزواج المحكوم عليها بالفشل، والفشل هنا لا يأتي بالطلاق فقط، بل يكون فشلًا في إقامة حياة زوجية سوية، بحيث ينفصل فيها الزوجان انفصالًا روحيًا أو جسديًّا أو كلاهما، ففي الكثير من الحالات التي مرت عليّ شاهدت أزواجًا يفتعلون مشاكل تصل لحد الطلاق، والسبب تافه لا يدل إلا على طيش وعدم نضج من أحدهما أو كلاهما.

أتذكر في يوم رغبة امرأة في الطلاق من زوجها لأنه قام بشراء كاميرا، في بداية الأمر حكمت على الزوجة أنها طائشة لكن بعد سماع القصة وجدت أن الطائش الحقيقي هو زوجها، وهي بالطبع تعاني من بعض الطيش وعدم التعقل كونها قررت الطلاق لهذا السبب، فقد كان هذان الزوجان يعيشان في دولة عربية خلاف وطنهما للعمل، وكانت ظروفهما المادية محدودة تتوزع بين إيجار المنزل والطعام والشراب واحتياجات الأولاد، وفي هذا الوقت كان زوجها عاطلًا عن العمل، وكان معه مبلغ من المال –راتب آخر شهر عمل قبل تركه– فقام بطلب شراء كاميرا من الإنترنت بكل المبلغ الذي كان في حسابه، وكادت الزوجة تفقد عقلها من مدى طيشه وتهوره وعدم ترتيبه للأولويات.

الزواج الأناني

على الرغم من أن هذا النوع من الزواج يعاني من فرصة كبيرة في الانهيار، إلا أنه يأتي بعد النوع الأول، فالزواج الأناني هو زواج شخصين يعاني كلاهما أو أحدهما من حب النفس المفرط وعدم التفكير في أي شيء آخر قبل النفس، تجد الشخص الأناني لا يرى إلا احتياجاته، ومطالبه، ومصالحه، ورغباته، ولا يفكر في الطرف الآخر أبدًا، بل تجده أيضًا يتهم الطرف الآخر بصورة مستمرة بالتقصير في حقه، لا يقدر تعبه أو انشغاله أو ضيقه، بل لا يرى تغير مزاجه من الأساس.

هذا النوع من الأزواج يتسبب في حدوث فجوة كبيرة في العلاقة، ربما ينتج عنها انفصال رسمي أو غير رسمي، أي انفصال بالطلاق أو انفصال روحي، فتجد الزوجين إما يقرران الانفصال بالطلاق، أو ينفصل كلّ منهما عن الآخر روحيًّا، ويبني كلّ منهما عالمًا لنفسه يعيش فيه، فلا يفكر إلا بمزاجه وسعادته ومصالحه ورغباته.

شاهدت على مدار حياتي الكثير من الأزواج الأنانيين، كانت العلاقة بين زوجين كلاهما أناني تستمر بلا طلاق أكثر من العلاقة التي يعاني فيها طرف واحد من أنانية الآخر، وفي الواقع كانت العلاقة الثانية تستفزني كثيرًا، لأني كنت أشعر بضيق شديد من تحمل طرف واحد أنانية الآخر باستمرار.

الزواج الناضج

هذا الزواج من أكثر أنواع الزواج استمرارية، إنه يستمر لأن الطرفين يريدان استمراره، لأنهما يعملان معًا على بناء حياة مشتركة سليمة، هذا النوع من الزواج يكون فيه الطرفان ناضجَيْن، على علم بمسئولية كلّ منهما، وعلى معرفة بأهداف زواجهم وعلاقتهم، وعلى يقين بأن الحياة تتقلب بين السعادة والحزن، فيسعدان معًا ويحزنان معًا.

هذا النوع من الزواج يكون فيه كلّ من الرجل والمرأة على قدر كبير من المسئولية والالتزام، يقدر كل منهما الآخر، يراعي فترات تقصيره ويقدر فترات نشاطه وحماسه، لا يضغط عليه ولا يرهقه ولا يفكر في نفسه فقط، هذه العلاقة كلها إيثار ومشاركة، بحيث تجد كلًّا منهما يبحث عن راحة الآخر أولًا، يريد تلبية متطلبات الآخر أولًا قبل متطلباته الشخصية، دائمًا ما يسأل الآخر هل هو سعيد معه؟ هل يشعر أنه مقصر في حقه؟

الزواج الناضج يستمر أيًّا كانت صورته، سواء كان زواجًا عن حب أو زواجًا تقليديًّا، بينما تفشل معظم الأنواع الأخرى حتى لو كانت عن حب، يظن الكثير من الشباب والشابات أن الزواج عن حب مستمر، وأنه السبب في نجاح واستمرارية العلاقة، بينما لا يعرفان أن هناك العديد من العوامل الأخرى التي تتحكم في فكرة الاستمرارية، والتي يبدأ ظهور أهميتها بمجرد إغلاق باب عش الزوجية السعيد.

على الرغم من أن الزواج الناضج نسبته أقل من أنواع الزواج الأخرى، إلا أني رأيت عددًا لا بأس به من الأزواج الناضجين في حياتي، وسعدت جدًّا في سماع تفاصيل حياتهم وكيف يبذل كل طرف ما في جهده وأكثر لإسعاد الطرف الآخر، كيف يقوم كل طرف بالتغاضي عما يمكن التغاضي عنه، والتغافل عما لا يستحق، وبذل النفس في سبيل رؤية الطرف الآخر مرتاح البال هانئ القلب والعقل.

وقد قامت دراسة أمريكية تبحث في الأسباب التي تؤدي لنجاح الزواج واستمراريته، وشارك في الدراسة (400) أمريكي، كانت أعمارهم (65) عامًا على الأقل، وعرف الباحثون من خلال هذا الاستطلاع الأسباب التي جعلت زواجهما يدوم لثلاثين عامًا، وكل الأسباب التي اكتشفها الباحثون هي السمات التي توفرت في النوع الثالث من الزواج –الزواج الناضج– وهي:

التواصل: حيث أبلغ المشاركون في الاستطلاع أن كلًّا منهم يتواصل مع زوجه جيدًا، وأن كل مشكلة يمكن أن تحل بالتواصل الجيد والمشاركة.
معرفة الآخر: فبذل بعض الجهد في فهم الطرف الآخر، ميوله وما يحب وما يكره ورغباته، وكلها أشياء تزيد من فرص استمرار الزواج.
الالتزام: هذا من أهم سمات الزواج الناضج، حيث اكتشف الباحثون في الاستطلاع أنه كلما كان الزوجان أكثر التزامًا تجاه علاقتهم، وإيمانهما أنها علاقة ليست مربوطة بالحب والشغف فقط، بل هي متعلقة بالاحترام والالتزام والمسئولية حتى لو ساءت الظروف لفترة، كلما كان الزواج أكثر استمرارية.