فلسفة مشاعر الحب برؤية أشمل
لمشاعر الحب فلسفة لا تكفي قراءة الكلمات فقط لتستوعبها، فهي تحتاج إلى قلب يُدرك بواطن الكلمة، مثلما تحتاج إلى روح نقية تتذوقها
add تابِعني remove_red_eye 43,507
من أهم المشاعر التي نمر بها في الحياة ونبحث عنها باستمرار هي مشاعر الحب. كلنا نبحث عن الحب، تلك الشرارة التي ننتظرها لتُداعب قلوبنا فينبض بشكلٍ مختلف ونشعر بالحياة. قد نأخذ الحب من مصادر وعلاقات متعددة؛ لكننا ننتظر نوعًا مقدسًا له مذاق مُختلف. فتظل قلوبنا متشوقة لسكناها وكأنها في غربة سنين عجاف إلى أن تلقاه.
أصل مشاعر الحب الحقيقي
هي مشاعر مصدرها الأصلي هو الله، فتشعر أنها منه وفيه وإليه. فتكون أنت والحبيب نبعًا يتدفق منه ذاك الحب الأكبر. فترى الله في حركاته وسكناته، في صفات جماله وجلاله، وتشهد آية من آياته بجمعكما معًا، فتكون في مقام الجنة التي أراد الله لكما السكن فيها.
صفات الحب الحقيقي
هو النور الذي يُضيء عتمة وظلمة روحك، يعكس لك بواطن نفسك، يواجهك بأعمق ما فيك، ويكشف لك عن دواخلك، فترى نفسك على حقيقتك دون تصنع. هو السكن الخارجي الناتج عن سكونك الداخلي. أن تشعر بالطمأنينة والدفء في حضرته وفي غيبته، فهو داخلك حتى لو لم يتجلَّ في واقعك بعد. وإذا تجلى شعرت بالتكامل والاكتمال غير الناتج عن نقصك بدونه؛ ولكنه تكامل ذكرك بأنثاك في الداخل والخارج معًا.
الحب الحقيقي هو تلك المشاعر التي تجعلك تحب ذاتك أكثر، تُشجعك على أن تكون أنت كما أنت بكل حقيقة داخلك وفيك. تلك المشاعر التي تسمح فيها بالتعري النفسي أمام مرآتك، فتواجه سوءاتك بتقبُّل وحب. هي تلك المشاعر التي تجعلك تعشق الآخر كما هو، وأن تتطورا معًا لتصلا إليكما بشكلٍ أعمق، فتكونا دائمًا في أفضل نسخة منكما.
صفات الحب الكارمي
هو الألم الذي يجعلك تنتبه لما يجب أن تُصلحه في نفسك، يجعلك ذاك الحب تختبر مشاعر متناقضة؛ أن تحب وفي نفس الوقت تحزن، تسعد وتتألم بقربه، ترغب وتبتعد، تريد التسليم ويتملكك الخوف. جاء لكي يضغط أزرار ضعفك ويوقظك لتكسر أصنام أناك، وتواجه نفسك بمشاكلك ورغباتك المكبوتة ومخاوفك المُخزَنة.
أثر تجارب الحب الكارمي على النضج العاطفي
من تجاربنا في الحياة نتعلم؛ وهكذا في الحب. لكل تجربة عاطفية مررت بها أثر ساعدك في التعرف على ذاتك أكثر، وفي التعرف على الصفات التي تتناسب معك أكثر. لا بد أنك تعلمت مدى عمق العلاقات العاطفية وتأثيرها، وكيف لها أن تأخذك إلى عوالم أخرى لتجعلك تحيا إمّا حياة تُشبهك أو حياة تشعر فيها بالغربة والوحدة. لا بد أن اختيارك أصبح أكثر حكمة وأكثر وعيًا وأصبحت مُقدرًا لما تستحقه أكثر. لا بد أنك نضجت وعرفت كيف يكون الحب الحقيقي -من أثر تجاربك الكارمية- حتى لو لم تتذوقه بعد.
أهم ما نتعلمه من مشاعر الحب
- الحب: نتعلم من مشاعر الحب كيف نُحب، ونعي أن كل الكون مبني على الحب، فنرى بعين مُحب قادر على سبر أغوار الأشياء من حوله؛ لنرى أن الأصل هو الحب… وأن الود هو السبيل… وأن الرحمة هي المرجع.
- التقبل: مع الحب نتعلم أن نتقبل أنفسنا كما هي أولًا، ثم نتقبل الآخر، ثم نستطيع أن نتقبل الخطأ ونرى أنه من تكويننا البشري. فنتعاطف مع كل خطّاء ونأخذ بيده، لا نحكم عليه ونستصغره وننفر كما كنا نفعل من قبل.
- الانفتاح: يجعلنا الحب ننفتح على أفكار كنا نغفل عنها أو نرفضها من قبل، فيجعلنا أكثر قدرة على الاستيعاب وأكثر مرونة على الاحتواء.
- القرب: الحب يجعلنا نقترب، لا ماديًّا جسديًّا فقط؛ بل روحيًّا ومعنويَّا أيضًا. فيكون الاتصال أعلى والتواصل أعمق، مهما كانت المسافات.
- الاحتواء: يزيد الحب قدرتنا على احتواء أنفسنا وتقلبات مشاعرنا، ومن هنا نستطيع احتواء الآخر واحتواء كل من وما حولنا.
- السكن: مع الحب نسكن، نهدأ، يستطيع الضجيج داخلنا أن يصمت ويستمع ويستمتع باللحظة. أن يشعر داخلنا بالطمأنينة والهدوء والراحة وأنه مكتمل لا شيء ناقص لدينا.
- الإدراك: في الحب نُدرك بواطن أنفسنا، نفهم خبايانا وطبائعنا وميولنا، وتُكشَف عن عيوننا الحُجب لنرى بواطن الأمور.
- الاكتفاء: حقيقة الحب هو أن تكتفي به ولا تكتفي منه أبدًا.
- التسليم: أن تشعر وكأنك تسبَح في بحر كون مبني على الحب، فتكون في تناغم وانسجام مع حقيقتك ومع الحبيب ومع الكون بأكمله.
- التقرب من الله: الحب الأعظم الذي يتدفق منه كل الحب ويعود إليه، إذا لم يجعلك الحب تتقرب إلى الله أكثر وتراه فيك وفي محبوبك؛ فلا تُسمِّه حبًّا.
والآن اسأل نفسك؛ هل تذوقت مشاعر الحب من قبل؟
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 43,507
مقال مثير حول فلسفة الحب
link https://ziid.net/?p=87797