أشعر أن شعلة الحُب انطفأت، فما العمل؟
ستنطفئ رغبتك في مرحلة ما، حتى لو كانت الأمور جيدة ولا مكان للخلافات بينكما، حتى لو لم يكن هناك غضب أو استياء أو توتّر.
add تابِعني remove_red_eye 91,100
يعتقد الكثيرون أن انطفاء الرغبة بين الزوجين، يعني وجود خطبٍ ما. وقد يقفز فورًا إلى استنتاجٍ مُرعب: ماتت العلاقة واُستهلكت، وليس ثمة شيء يمكنك القيام به. وحان الوقت لإجراء المحادثة التي طالما تجنبتها “أنت تستحق شريك حياة أفضل”. ثم يحدث الانفصال، لتعود عازبًا وتعاود بحثك عن شخص يملأ الفراغ داخلك، حتى تقابله فيجعلك تشعر بأنك على قيد الحياة مرة أخرى. شعور يُشبه الأحلام مما يدفعك للاعتقاد أنك كنت على حق منذ البداية. وأخيرًا يمكنك القول إن زواجك الأول قد انتهى لأن شريكك الجديد يمنحك فراشات تحلّق أعلى معدتك عوضًا عن الخفافيش التي كانت تعبث بحياتك.
يستمر الأمر كذلك حتى تصبح الأمور صعبة بينكما. لكنك تتمسك بزواجك الجديد محاولًا تجاوز المعوقات، وربما تتحسن الأمور، ولكن حتى ذلك الحين، تصل إلى نقطة مُحيرة: انطفأت الرغبة ثانية.
انطفاء الرغبة مرحلة طبيعية
إليكم الحقيقة: ستنطفئ رغبتك في مرحلة ما، حتى لو كانت الأمور جيدة ولا مكان للخلافات بينكما، حتى لو لم يكن هناك غضب أو استياء أو توتّر، كلما عِشت فترة أطول مع شخص ما، زادت احتمالية نشوء حواجز، وذاك أمرٌ طبيعي.
أنت إنسان، مما يعني أنك مفطور على الرغبة بالتطوير، والشكّ حين لا تسير الأمور كما تُخطط لها. أيضًا، تتطلب العلاقات قدرًا ضخمًا من العمل للحفاظ عليها، وقد تكون ببساطة منهكة، هذا لا يعني أنك تريد/ينبغي عليك خوض التجربة في شخص آخر، بل يعني فقط أنك مجرد إنسان من لحمٍ ودم.
مفاهيم خاطئة عن العلاقات
من أكثر المفاهيم الخاطئة إضرارًا بالعلاقات: أنك يجب أن تشعر بالشغف دائمًا، وأن للحب والانجذاب مقدارًا ثابتًا، فلو ساءت الأمور دون سبب واضح، فهذه علامة على وجود خطبٍ ما. نعم، ربما يكون ذلك صحيحًا أحيانًا، ولكن من الممكن أيضًا أن تصبح الأشياء مملة ومبتذلة مثل كيس رقائق الشيبس المفضل لديك، ذاك الذي تتأكد دائمًا من وضع مشبك عليه لأنك لا تريده أن يفسد. نعم، يمكن أن يكون الزواج مملًّا، وآسف إذا جعلت تلك الحقيقة وجهك يتمعر، لكنها حقيقة الحياة. نحن لا نعيش داخل المقطع الدعائي لفيلم الحب الذي نتمنى لو كنّا أبطاله.
سبب عدم ثبات العلاقات على نمطٍ واحد
هذا لأننا لسنا آلات، إذ نخوض رحلاتنا الداخلية الخاصة اليومية. إلى جانب العوامل الخارجية مثل الضغط والقلق من العمل، والتوجيه في حياتنا المهنية، وإدارة علاقاتنا مع الأصدقاء والعائلة، وتربية الأطفال، والاستثمار في الهوايات والمشاعر، هناك أيضًا عوامل داخلية، مثل علاقاتنا مع أنفسنا (فاليوم ربما نحب أنفسنا حقًّا، ونحب ما نحن عليه وما نفعله، وربما غدًا لا).
يمكن أن يأتي فقدان الشغف والسأم عبر علاقتنا مع ذاتنا لا علاقاتنا مع شريك حياتنا. هناك مد وجذر داخل كل واحد منا وهذا يؤثر بشكل مباشر على علاقتنا مع الآخرين، وخاصة الشريك. ونظرًا لوجود شخصين يخوضان رحلاتهم الداخلية -ما بين مد وجزر- فتنشأ مسافة في بعض الأحيان، يمكن أن تخلق الفترات الطويلة لهذه المسافة الشعور “بفقدان حافز الاستمرار في الزواج”.
الآن، إذا كنت في حالة (مدّ) وشريكك في حالة (جزر) وظل كلاهما على تلك المسافة لفترة طويلة دون الوصول لنقطة التقاء. حينها فقط يمكننا القول إن فقدان الشغف والسأم بات منطقيًّا، يمكن أن يبتعد كلا الشخصين حدّ صعوبة العودة إلى الوراء، إذ تبدأ المشاعر في التغير بشكل دائم.
ولكن إذا كنت أنت وشريكك على دراية بمسألة المدّ والجزر في المشاعر، وتحترمان، وتدعمان تلك العملية داخلكما (وحافظتما على مظاهر الحُب مثل: إمساك اليدين، والنظر في عيون بعضكما البعض) فهنا الأمر طبيعي وصحي تمامًا. بل يمكنه -في الواقع- أن يخلق ما يُشبه (رباطًا مطاطيًّا) للحب يقربكما معًا بعد فترة الابتعاد. الأمر الذي قد يعمّق العلاقة إلى حدٍّ كبير.
كيف تُدير المسافة في علاقتك مع شريكك
استكشف رحلتك الداخلية: ما الذي تمر به؟ هل هناك شيء يحدث في حياتك يُبعدك عن نفسك وعن شريكك؟ هل أنت بكامل وعيك؟ هل أجريت مكالمة تسببت في شيء ما؟ هل أنت قلق بشأن عملك؟ هل أنت غير سعيد بشكل عام لأن الأمور لا تسير على ما يرام؟ هل تتمسك بمشاعر الغضب أو الاستياء (دون أن تسمح لها بالرحيل)؟ ماذا تفعل للتغلب على هذا؟ قراءة كتب تنمية الذاتي ومحاولة تسوية المسألة بنفسك لا يكفي. تحتاج لمناقشتها مع شخص ما. يفضل أن يكون معالج نفسي أو خبير علاقات أسرية.
ربما تتوصل إلى نتيجة مفادها أن الذنب ليس ذنبك، إذًا: هل المشكلة في شريكك/ أم في علاقتكما؟ إذا كان الأمر كذلك، فما هي؟ ما الذي يحدث ويحتاج إلى حل؟ ما الذي تحتاج إلى التعبير عنه لشريكك بغية إيجاد ذاك الحل؟
ربما كان الأمر أكثر بساطة، كعدم وجود وقت ممتع كافٍ مع شريك حياتك: هل أصبح كلاكما مشغولًا جدًّا؟ في هذه الحالة، ربما تحتاج إلى تواصل رومانسي. عبر عن احتياجك دون إلقاء اللوم على شريكك.
الحب اختيار
نحن نقع في الحب ونخرج منه، وربما شعرنا بذلك وربما لا. هذا لا يعني أننا لم نعد نحب الطرف الآخر. وإنما يعني أن أمامنا خيارًا. هناك فرق بين الشعور بالحب تجاه شخص ما (الاهتمام بشخص ما) وحب شخص ما (اختيار حب هذا الشخص). قد نعيش حالة حب مع شخص ما للأبد، لكن هذا لا يعني أننا نختار أن نحب هذا الشخص إلى الأبد. إن اختيار الحب ليس شعورًا، وإنما وظيفة نؤديها كل يوم، ولهذا نجدها صعبة للغاية.
يتطلب (اختيار الحُب) منا فعل شيء ما. في بعض الأحيان يكون من السهل أن تحب، في بعض الأحيان يكون صعبًا للغاية. وأحيانًا يتعلق الأمر بنا أكثر من الطرف الآخر. لكن في نهاية المطاف، يبقى (اختيار الحُب) دائمًا خيارًا.
في الختام
على الرغم من تباين مشاعر الحب، إلا أنها تتعمق أيضًا. هذا يعني أنه كلما طالت مدة بقائنا في تلك الرحلة وانطلقنا في الرحلة معًا، زادت ثمار العملية اليانعة.
يخلق اختيار الحب فرصة لفرض خيارنا على الحياة (في حين لا يمكننا أبدًا فرضه بمفردنا)، وهذا ما يجعل اختيارنا للحب يستحق كل هذا العناء.
اقرأ أيضًا:
add تابِعني remove_red_eye 91,100
لماذا أعتقد بمنطقية أن تفقد العلاقات شرارتها في مرحلة ما؟
link https://ziid.net/?p=85364