الفتاة الجامعية والاستقلال
الحياة الجامعية تجربة فريدة ومثيرة بكل ما فيها وخاصة الاستقلال وشعورنا بالمسؤولية عن أنفسنا ومستقبلنا
add تابِعني remove_red_eye 61,969
في العام الجامعي الأول لي كنت للمرة الأولى أخرج من شارع بيتي، ولم يكن ذلك خروجًا وعودة، بل خروجًا واستقلالًا كاملًا عنهم، لم يعد بجانبي أحد أعرفه لقد فتحت عيني ذات صباح لأجد نفسي وسط فتيات لا أعرفهن، لأذهب للجامعة وأنا أقطع شارعًا لا أعرفه، لأذهب الجامعة وهناك المئات ممن لا أعرفهم هناك، لقد كان الأمر أشبه بالسقوط في الجحيم فما بين يومٍ وليلة خرجت إلى مكان لا أعرفه، استغرق الأمر طويلًا حتى اعتدت كل شيء، حتى قمت بتكوين صداقات لكن في نهاية الأمر تجاوزته، بل وأصبحت فتاة أخرى بفضل تلك التجربة.
فتاة قادرة على الاعتماد على نفسها، على السفر والذهاب هنا وهناك، لم أعد تلك الفتاة التي تبكي جوار الحائط لان الفتيات يدفعنها بعيدًا عن شباك دفع المصاريف في الجامعة، ولم أعد تلك الفتاة التي تخاف من الغد، لقد أثرت التجربة بي وصقلتني، وعلى قدر تلك التغيرات كان هناك الألم أيضًا، مع بداية الدراسة أرسلت لي فتاة تستشيرني ما الذي يمكنها أن تفعله حينما تذهب إلى الجامعة في محافظة أخرى ففكرت أن أكتب تجربتي لعلها تنفع أخريات.
محاسن الاستقلال
إن أفضل ما يقدمه الآباء والأمهات لأبنائهم وبناتهم هو تجربة الاستقلال، سواء كلي أو جزئي، دائمًا أو حتى لفترة، المهم هو جعل أبنائهم يخوضون الحياة يتعرفون إليها، يجربون الاعتماد على أنفسهم، في تلك التجربة سيعرف الأبناء أن الملابس لا تغسل نفسها، وأن الطعام يستغرق الكثير من الوقت ليتم اعداده، وأن ما أفسدناه يجب أن نصلحه وإلا فلن يتم إصلاحه، سيتعلم الأبناء وخاصة الذكور الذين تبعدهم أمهاتهم بعيدًا عن المطبخ والمنزل، أنه لا عيب أن ينظف الشخص لنفسه، وتتعلم الفتيات التدبير وحسن التصرف والاعتماد على أنفسهن في قضاء ما يريدون فعله، لأن ذلك مفيد جدًّا.
سيخرج سيدات قويات قادرات على شقّ طرقهن في الحياة بثقة وتصميم، على الأقل لن تكون ربة منزل لا يمكنها فعل أبسط الأشياء بالخارج، كما أن الأبناء يكتسبون النضج، يتمكنون من الاعتماد على أنفسهم، فلا معين لهم إلا السواعد، ولا ناصح لهم سوى منطقهم الخاص ومبدئهم، كما أنه اختبار وتجريب لجزء من الحياة الجادة التي تنتظرهم بعد التخرج.
مساوئ ذلك الأمر
إنه ككل شيء في الحياة يحمل وجهين، أحدهما حسن والآخر قبيح، والقبيح مؤلم وأسوأ ما فيه شعور الغربة، وخاصة حينما تمرض وأنت بلا أحد يساعدك ومهم كان الأصدقاء أوفياء يكون لعطائهم حدّ لا يشبه عطاء الأب والأم، كما أنك في الكثير من اللحظات تحتاجين لوالديك بجانبك، ليدفعان التوتر عنك جانبًا لينحيّان الأزمات حتى تَعْبرين، لكن حينما تكونين منفردة فأنت تحاربين طواحين الهواء وحدك لا أحد معك، لا أحد يمكنه أن يساعدك وخاصة إن كان ذلك هو انطلاقك الأول.
كما أنني كما أسلفت قلت إنكِ إن لم تفعلي ما يجب عليك فعله، لن يحمله عنك أحد، أذكر أنني ذات يوم وبينما أعد لامتحان مهم، نسيت أن أطهو طعامًا لليوم الآخر لأن المادة كانت لا تحتمل تركها ساعة، وحينما عدت من امتحاني نمت من التعب وحينما استيقظت لم أجد ما يمكنني أكله لأنني لم أعد الطعام حينها شعرت بالوحشة لدرجة أنني بكيت، وكم من مرة مرضت فيها وزاد على شعور الإعياء شعور الحزن بأنني وحدي، لكن تلك لا تعد لحظات في عمر من السعادة والجرأة والخفة، لأنك وحدك قادر على دفع المركب فوق الموج العاتي، لأنك وحدك تتمكن من السباحة حتى الشاطئ الآخر بلا تعب.
أهم النصائح التي تحتاجين إليها
رفقاء السكن
ربما كان من المفترض أن أكتب السكن أولًا ولكنني مؤمنة تمام الإيمان بمقولة الجار قبل الدار، وفي تلك الحالة، رفيق السكن قبل البحث عن السكن لأن الرفيق هو من يهون الرحلة أو يزيد من صعوبتها، لذلك فإن أهم ما تبحثين عنه قبل الانتقال هم الأصدقاء الذين سيرافقونك، يمكنك اختيار أصدقاء قدامى، وكذلك البدء مع أصدقاء جدد، لكن الأهم هو أن يشبهوك حتى يصبح التعامل بينكم سهلًا، حتى لا تحدث أي صدامات تؤرق حياتك، وتقض مضجعك، من المهم أن نبحث دائمًا عمن يشبهوننا لنمسك بأيديهم أثناء الرحلة.
السكن
البحث مبكرًا عن شقة من أفضل الأشياء التي تقدمينها لنفسك لأن ذلك يضمن لك إيجاد أماكن مناسبة بأسعار مناسبة أيضًا، ومن الأفضل الاستقرار على مكان واحد إن كان يوفر لك سبل الراحة، لأن ذلك يوفر الكثير من الوقت والجهد اللذَيْن يضيعان في البحث عن مكان جديد، من المهم التأكد بأن الكهرباء والماء والخدمات كلها تعمل بكفاءة في شقتك، لأن بعض الملاك يستغلون الفتيات من أجل دفع ثمن تلك الإصلاحات، من المهم أيضًا أن تتناقشي في أيّ شيء لا يعجبك، الخجل الشديد يضيع الحقوق في الكثير من الأحيان، لذلك دققي النظر في كل شيء واختاري الشقق الأقرب للجامعة وكذلك جيدة التهوية لأن تلك النقطة هامة من أجل المذاكرة.
الطعام
من الأفضل أن يتم طهي الطعام في المنزل، لأن شراء الطعام سيحتاج إلى الكثير من المال، ونحن ما زلنا لا نمتلك مصدر دخل يسمح لنا بالإسراف وعلى الرغم من أن الأهل لا يضنون علينا فإن ذلك جزء من المسئولية، يمكنك صناعة بعض الأطعمة في المنزل مع والدتك وأخذها إلى شقتك والاقتصار على تسخينها، وهناك الكثير من الأطعمة التي يتم تخزينها لفترة أسبوع بلا تغير طعمها، مثل الخضروات واللحم (ما عدا البطاطس والكوسة) وكذلك البيتزا والمعجنات المحشوة باللحوم، من الممكن تعلم صناعة بعض الأطعمة السهلة والتي لا تأخذ الكثير من الوقت، مثل المعكرونة، أو السمك المقلي، شوربة الخضار، كما أن خطوة تجهيز بعض الأطعمة وتخزينها من أجل الطبخ مباشرةً توفر عليك وقتًا كثيرًا.
توزيع المهام
من الأمور التي تسهل عليك وعلى رفقاء السكن هي توزيع المهام، لأن كل واحد منكم يعرف ما الذي يتوجب عليه فعله، يتم ذلك في تنظيف السكن، أو حتى في جمع الايجار والقيام بدفعه، يستحسن أيضًا حل الخلافات بهدوء ان حدثت حتى لا تضرب الضغينة بجذورها بينكم.
إدارة المال
من أهم عوامل نجاحك هو معرفة كيف تقومين بإدارة المال بحوزتك، لذلك أول ما تفعلينه هو تسديد الالتزامات مثل دفع الايجار، فاتورة الكهرباء، فاتورة هاتفك إلخ، ثم بعد ذلك تقومين بتقسيم الأموال الباقية إلى مصروفك الشخصي، واقتطاع جزء للطوارئ التي لا تعرفين متى تلم بك، كذلك يمكنك استخدام مصفوفة أيزنهاور للمال مثل الوقت، وتقومين بتقسيمه إلى مهم وعاجل، مهم، عاجل وليس مهم، حتى تتمكني من التحكم فيما تملكينه.
تنظيم الوقت
من أهم عوامل النجاح هو عامل تنظيم الوقت، لذل يجب عليك تعلم الموازنة بين مسئولياتك وبين دراسة ما تتعلمينه، ومن أهم عوامل كسب الوقت هي تجهيز الطعام بشكل مسبق وكذلك الحفاظ على النظام، فحينما تنظفين سريرك عند الاستيقاظ سيكون ذلك أسرع من تركه حتى تعودين من الجامعة، وكذلك تنظيم كتبك طالما أنهيت المذاكرة، غسل أواني الطعام والأطباق عقب تناول الطعام، لا تجعلي شيئًا يتراكم أبدًا حتى لو كانت الأطباق.
إليك أيضًا:
add تابِعني remove_red_eye 61,969
مقال مثير حول حياة الفتاة في الجامعة خاصة في حالة السفر والسكن بعيدًا عن المنزل والأسرة
link https://ziid.net/?p=73705