لماذا لا يهتمون بنصيحتي بدرجة اهتمامي بأمرهم؟
النصيحة محبة فأحسن تقديمها، وتجنب الأخطاء التي تجعلها منفِّرة
add تابِعني remove_red_eye 38,075
النصيحة هدية فأحسن تقديمها. كبرت وتعلمت أن النصيحة محبة لمن حولي كوسيلة مساعدة دون أن يطلب، وبعد ذلك زاد حبي لتوجيه النُّصح عندما عرفت أن كل معلومة أعرفها وجب علي نقلها، حتى لا يسألني الله عن كتم العلم، كذلك أن نقل العلم صدقة، وبهذا الوعي صرت لا أفوت فرصة للتعليق وتقديم التوجيه الصحيح من وجهة نظري، وأتفنن في تقديم نصيحة تفصيلية، وأكررها في كل مرة أرى نفس التصرف ظنًّا مني أن التكرار سوف يساعد في التطبيق، ومع حبي للتعلم وزيادة معلوماتي أشعر أن لدي مساحة أكبر للنصح، وكذلك تقديم نصائح من وجهة نظري يكمن فيها الحل لأنها علمية.
وكنت أرى أن رفض الآخر للنُّصح ما هو إلا محاولات لرفض المساعدة، أو أنه لا يعرف قيمة الأثر الذي سوف يعود عليه بتطبيقها، وبالتالي كنت أكرر نصيحتي، وبما أنني أرى أن هذا تصرف جيد، فكان أهلي أولى بالنُّصح الذي أراه محبة، كنت أحاول نشر نصائحي طوال الوقت، وأشعر بالاعتزاز بذلك لأنني أحوال أن يكون وجودًا ذا أثر إيجابي، وكنت أتعجب من عدم استجابتهم، وبل بالعكس كانوا ينفرون من نصائحي في أوقات كثيرة، المفاجأة مع التعلم حول العلاقات وتدريبات أخرى ومحاولة الفهم، عرفت أن النصيحة لها أُسس لتُقبل، وأن حسن نيتي في محاولات النُّصح لم تكن شفيعًا للتجاوز عن الأخطاء التي كنت أقوم بها عند النصح، وكذلك ليس الجميع جاهزًا لسماع النصيحة، وغيرها من العوامل الهامة التي سوف أشارككم بها.
رؤيتك من الخارج تختلف من الداخل
عندما تنصح تكون قادرًا على الرؤية من جانب ما قد لا يراه الشخص ونصيحتك دورها الربط بين المسافتين قدر المستطاع، وكذلك أنت ترى صورة خارجية بدون مشاعر مضطربة كالتي يشعر بها الشخص في تجربته، وكذلك لا ترى الحواجز التي يراها بنفسه، لتحدث عن مواجهة الموج بقوة ليس كمواجهته بالفعل، مع الجهد البدني والذهني وكمِّ المشاعر المختلطة التي تصعب حركتك، وبين تنظيم نفسك والشعور بالبلل والحرارة وغيرها من العوامل.
احذر من النصيحة السلبية
نصيحة نقدية
تكون النصيحة سلبية عندما لا تقدم معلومة مفيدة، فكثير من النصائح يبدو كلامها جيدًا، ولكن في قالبها تكون طريقة للنقد توصل للشخص أن هناك مشكلة ما دون تقديم حل، مثلما يقول أحد السمنة مضرة لصحتك ويصمت، تلك ليست نصيحة لأنها لم تقدم حلًّا، وكذلك تكون كمثابة الـتأشير لعيوب الآخر وبالتالي تكون نصيحة غير مستساغة، بل بالعكس تنفر الشخص.
شعورك بقلة تقدير الآخر
عندما تقول معلومة وأنت تشعر بأن الشخص قليل الفهم وتستخف بعقله أو غير مقدر ومتفهم لوجهة نظره فينعكس ذلك الشعور عند تقديم النصيحة، فقد يظهر منك طريقة تقول أنت شخص قليل الفهم وأنا دوري تعليمك وكأنك أستاذه الأعلم منه دائمًا، وهذا بالطبع منفر حتى وإن كانت الكلمات مقبولة، فهو مؤذٍ للآخر.
شعورك بالشفقة
أن يتسرب منك لمن تنصحه أنك تشفق عليه، وتشعر أنه قليل الحيلة ومعلومتك هي المنقذ له، كأن يحدث هذا في دائرتي القريبة وقت حدوث مشكلات وتواجههم وأحاول مساعدتهم وأنا أشعر بالأسى عليهم، كنت أجد نفورًا كبيرًا ويقال لي لا أحب لهجتك تلك، وكنت لا أفهم السبب، مع التعلم حول العلاقات والتواصل عرفت أن تلك اللهجة تشعر الشخص وكأنه مهزوم وضعيف ويدعو للشفقة وهذا غير مقبول، وكنت أظن أن تلك اللهجة تشعره بتقديري لمشاعره، فتعلمت معنى الإقرار بالمشاعر وإظهار التفهم بدلًا من هذا.
نصيحتك ليست الحقيقة المطلقة
قد ترى أنك على حق وتقدم نصيحة ذهبية، ولكن تذكر كم المعلومات التي كنت متأكدًا من صحتها ثم وجدت عكسها، لذلك راعِ تقديم نصيحة قابلة للتشكيك، وأما إذا كنت متأكدًا تمامًا من صحتها ومصداقية مصدرها، راعِ أن مَن تنصحه لا يرى ذلك فلا تشعره أنه مُجبر على سماعك وإلا سوف ينفر، وتفهم اختلاف مستويات وعينا.
النصيحة يجب أن تراعي
o اختلاف ترتيب الأولويات والقيم الشخصية: وبالتالي ما تراه مهمًّا ليس معناه أنه بنفس الأهمية لغيرك.
o يجب أن تراعي الحالة النفسية للشخص: أنت تنصح من حالة عقلية والمُستقبل في حال عاطفية فلا يلتقيان لذلك راعِ في نصيحتك تفهم مشاعر الآخر أو تأجيل نصيحتك لوقت المشاعر تكون فيه أهدأ.
o الحواجز العقلية: يعني أن ما تراه مقبولًا، وممكن لم يحدث هذا سوى لتجاوزك حواجز عقلية كالأفكار المعيقة، أو وصولك لمستوى وعيك الحالي يمكنه استيعاب مستوى النصيحة، ويمكن أن يكون المستقبل في مستوى وعي مختلف يجعل تلك النصيحة غير واقعية، ولا تناسبه مثل نصائح الأهل لأبنائهم التي لا تراعي الفرق في العمر ومسافة الخبرات الحياتية التي جعلته يستوعب تلك النصيحة.
o تبسيط المعلومة بدون مبالغة.
o الواقعية: حيث تكون تفاصيل النصيحة تلمس واقع من تنصحه، وتكون قابلة للتطبيق وليس كلامًا نظريًّا فقط.
o اختيار التوقيت المناسب: يعني أن تتساءل إذا كان الشخص لديه حالة نفسية وذهنية تسمح له بأن يستقبل الحديث.
o عدم تكرار النصيحة طوال الوقت: هذا نوع من الضغط الذي يجعل الشخص ينفر.
o عدم التركيز على العيوب: تكون النصيحة كرصد للعيوب هذا ليس نصحًا بل مراقبة للعيوب فقط، وعدم الإشادة بمميزات الشخص أكثر من نصحه فيما يخص عيوبه، يجعل طريقتك منفرة بل بالعكس ضارة.
o النصيحة تكون في السر: النصيحة في العلن فضيحة، وحتى وإن كنت ترى أنها لن تحرجه، تأكد أن رأيك نابع من تجربتك وشخصيتك وبالتالي لا يناسب الجميع.
o عدم تقديم نصيحتك في صيغة إلزامية: راعِ اختيار الألفاظ عندما تقول يجب عليك ذلك ولا يجب هذا، بالطبع هذا بعيد عن تشريعات الدين التي يجب توضيح الصيغة الإلزامية بها.
o اختيار الألفاظ المناسبة والبعد عن التهويل.
o أن تكون هادئًا بنبرة مريحة: فإذا كنت متوترًا أو منفعلًا سوف ينعكس هذا على طريقتك، وبالتالي يقلل من كفاءة استقبال الآخر للمعلومة وقدرتك على تقديم النصيحة بطريقة سليمة.
o تكون الكلمات إيجابية سلسة: خفيفة على السمع والنفس، فالكلمات السلبية التي تعطي صور ذهنية مزعجة لن تعطي نتيجة إيجابية.
o تقديم حل: وليس رصدًا للمشكلة فقط والتحذير منها، هذا يعتبر تنظير منفر أما تقديم الحل وسيلة مساعدة.
o أن يكون الشخص مقبلًا على النُّصح، وليس معرضًا عما تقول أو متكبرًا على النصيحة أو يرى أنه في غنى عن نصيحتك حينها سوف يكون إصرارك على النُّصح إهدارًا لطاقتك ومنغصًا لعلاقتكما.
اختلاف سرعة تطبيق النصيحة
ولنفترض أنك أحسنت اختيار النصيحة والتوقيت وجاهزية الشخص النفسية واخترت كلمات إيجابية، هذا لا يعني أن الشخص سوف يطبق ما قلت فورًا، وإلا كنت ذاتك طبقت تعليمات الحمية الغذائية الصحية بسهولة، أو أصبحت قادرًا على تطبيق كل ما تتعلم فور معرفته، هذا غير واقعي لأن بين تعلم المعلومة والتطبيق مسافة بين الجهد والوقت، ولذلك لا تشعر غيرك بقلة قدرتهم على التحسن، بل أكد له أنه سوف يقدر على التنفيذ بالوقت والجهد.
في النهاية…. تأكد من أن تعلمك عن طريقة النصح من تجربتي ورؤيتي التي ليست كل شيء بل ابحث بنفسك عن المزيد وتقصى الصواب، وكذلك ضع أمام عينك أن الكلمة أمانة فانتقِ نصيحتك فقد تفسد حياة أحد ويسألك الله.
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 38,075
link https://ziid.net/?p=95628