لماذا أمريكا؟ محطات أساسية في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية
بعد سقوط وتفكك الاتحاد السوفيتي في 1991م، لم يعد العالم به قوة اقتصادية وعلمية وقُدرة على السيطرة إلا الولايات المُتحدة الأمريكية
add تابِعني remove_red_eye 5,233
بعد أن أعلنت الولايات المُتحدة الأمريكية استقلالها عن التاج البريطاني (1776م)، وبعد نجاح 13 ولاية في تشكيل نواة للولايات المتحدة الأمريكية، وعلى الرغم من حدوث اضطرابات داخلية فيما أُطلق عليه الحرب الأهلية الأمريكية والتي تمكن قادة وحكماء الولايات المُتحدة الأمريكية من إنهائها في (1865م) ونجح هؤلاء الحكماء في صياغة دستور توافقي بين كافة الولايات المُتحدة الأمريكية، – بعد كل ذلك – خرج للعالم عملاق كبير وهو الولايات المتحدة الأمريكية إنه تجمع من 50 ولاية تقع في قارة أمريكا الشمالية بعيدة عن العالم القديم آسيا وأفريقيا وأوروبا.
هذه الدولة الضخمة استفادت بسبب بُعدها عن قارات العالم القديم، فلم تدخل في الصراعات والحروب التقليدية والتزمت سياسة الحياد فكانت تبيع بضائعها لكل دول العالم وتشتري منهم وتُقيم علاقات تجارية متكافئة مع دول العالم كافة دون التدخل في السياسات الداخلية ولا في الصراعات الإقليمية.
أمريكا والحرب العالمية الأولى
نشبت الحرب العالمية الأولى (1914م) فالتزمت الولايات المُتحدة الأمريكية سياسة الحياد وأصبحت تُصدر منتجاتها لكل الدول المتحاربة سواء كانت دول المحور بقيادة ألمانيا أو دول الحُلفاء بقيادة بريطانيا، فتحول التدمير الذي ضرب القارة الأوربية إلى مليارات الدولارات تصب في الخزانة العامة الأمريكية التي حولتها بدورها إلى ملايين المصانع وملايين المزارع فتصاعد نجم الولايات المُتحدة الأمريكية كقوة اقتصادية عالمية وأصبح العالم خاصة البلاد الأوربية في حاجة إليها وإلى منتجاتها.
أمريكا والحرب العالمية الثانية
وانتهت الحرب العالمية الأولى بهزيمة ألمانيا وأصدقائها وفرض شروط تعجيزية وظالمة تهدف لمنع ألمانيا من النهوض مرَّة أخرى في مؤتمر فرساي(1918م)، ولكن في عام (1933م) نجح هتلر في الوصول عبر انتخابات حُرة إلى منصب مُستشار ألمانيا وأعلن أنه على ألمانيا أن تُعيد بناء نفسها من جديد وعلى الألمان الاستعداد لحرب استعادة الكرامة واستعادة مجد ألمانيا، هذه الدعوات وشبيهاتها لاقت رواجًا في الشارع الألماني فأصبح أغلب الألمان يهتفون بحياة هتلر وينظرون إليه على أنه الزعيم المُنقذ.
أعلن هتلر الحرب عام 1939م، وفي شهور قليلة نجح في السيطرة على بلجيكا وهولندا والنمسا ثم اتجه إلى فرنسا فاحتلها بالكامل ثم عبرت الجيوش الألمانية البحر المتوسط لتعلن سيطرتها على الشمال الأفريقي من موريتانيا وحتى مدينة العلمين المصرية وبدأ التفكير والتخطيط للسيطرة على قناة السويس بهدف منع بريطانيا من التواصل مع مُستعمراتها في الهند والخليج العربي. خلال هذا التمدد الألماني والانتصارات المتلاحقة كانت المقاومة بين دول الحلفاء تشتد وبدأت عمليات إعادة ترتيب الصفوف ومعالجة نتائج هذه الهزائم المتتالية.
وبدأ التراجع والانكسار الألماني بعد نجاح القائد البريطاني مونتجمري في هزيمة القائد الألماني روميل في موقعة العلمين، وبدأت جيوش الحُلفاء تُحَرِّر الشمال الأفريقي ثم بدأت في تحرير فرنسا وبقية البلاد الأوروبية المُحتلة.
خلال سنوات الحرب العالمية الثانية ظلت الولايات المُتحدة الأمريكية على الحياد ومحتفظة بعلاقات طيبة مع كل الدول المتحاربة وفي نفس الوقت استمر التطور الأمريكي في تحديث المصانع والمزارع وكل أدوات الإنتاج ولكن في (1941م) حدث صدام بين المصالح الأمريكية والألمانية نتيجة إصرار الولايات المتحدة الأمريكية على السماح بإعارة الأسلحة وتأجيرها لدول الحُلفاء حتى أعلنت الولايات المُتحدة الأمريكية رَسْمِيًّا دخولها الحرب بجوار الحلفاء بعد تعرض ميناء بيرل هاربر للهجوم (1941م) وبدأت الولايات المُتحدة الأمريكية في إرسال الأسلحة والذخيرة لقوات الحُلفاء وإلى روسيا وكانت للمساعدات الأمريكية الفضل الكبير في هزيمة دول المحور بقيادة ألمانيا وإنهاء الحرب في أوربا بانتحار هتلر في 1945م، ثم احتلال ألمانيا وتقسيمها إلى ألمانيا الشرقية تحت سيطرة الاتحاد السوفيتي وألمانيا الغربية تحت سيطرة قوات دول الحلفاء.
هذه الانتصارات لم تكن مجانية فقد هجم الطيران الياباني على ميناء بيرل هاربر العسكري الأمريكي (1941م) ونجح هذا الهجوم في تدمير هذه القاعدة العسكرية بالكامل وموت الآلاف من الجنود والضباط الأمريكيين، وبسبب رغبة الولايات المُتحدة الأمريكية في إنهاء هذه الحرب على مستوى العالم وبعد هدوء الأوضاع في أوربا طلبت الولايات المُتحدة الأمريكية من اليابان الاستسلام وسحب جنودها من خارج اليابان إلى داخل حدودها قبل الحرب العالمية الأولى والتخلي عن كافة المُستعمرات التي احتلتها في شرق آسيا.
لكن اليابان رفضت فقام الطيران الأمريكي بإلقاء قُنبلة نووية لأول مرة على مدينة هيروشيما في السادس من أغسطس (1945م) ثم تم إلقاء قُنبلة أخرى على مدينة نجازاكي بعد ثلاثة أيام فتم تدمير المدينتين اليابانيتين الكبيرتين بالكامل هُنا أعلنت اليابان الاستسلام والموافقة على كافة شروط الولايات المُتحدة الأمريكية.
نهاية الحرب العالمية الثانية وصعود أمريكا
استسلام اليابان يعني أنها تحولت إلى دولة تابعة للولايات المُتحدة الأمريكية، ثم قامت الولايات المُتحدة الأمريكية بعد ذلك بإعادة ترتيب العالم فنجح رئيس هيئة أركان الجيش الأمريكي الجنرال مارشال في إقناع القيادات الأوروبية بالاستعانة بالبنوك الأمريكية لإعادة إعمار أوربا، بهذه الخطوة تحولت المؤسسات الإنتاجية والتجارية الأوروبية إلى مؤسسات تابعة أو تسير في نفس فلك المؤسسات المالية الأمريكية فأصبحت الولايات المتحدة الأمريكية بعد الحرب العالمية الثانية هي الدولة الأكبر على مستوى العالم في القُدرة على الإنتاج والقُدرة على التطوير والبحث العلمي.
وهذا كان من أهم أسباب صعود نجم الولايات المتحدة الأمريكية كدولة عُظمى تنتهج أسلوب الاقتصاد الرأسمالي الحُر القائم على نظام الحُكم الديموقراطي، ولم يبق أمام الولايات المُتحدة الأمريكية إلى الاتحاد السوفيتي كدولة عُظمى أخرى تنتهج أسلوب الاقتصاد الاشتراكي القائم على نظام الحُكم الشمولي، وبعد سقوط وتفكك الاتحاد السوفيتي في 1991م، لم يعد العالم به قوة اقتصادية وعلمية وقُدرة على السيطرة إلا الولايات المُتحدة الأمريكية.
لعل هذه الخلفية التاريخية توضح لنا لماذا يصعب على أي دولة الخروج من الدوران في الفلك الأمريكي؟ ولماذا تحولت بريطانيا العُظمى وكذلك كافة الدول الاستعمارية الأوروبية إلى مجرد دول صديقة تدور هي الأخرى مع مستعمراتها السابقة في الفلك الاقتصادي الأمريكي؟ حتى أصبحت أمريكا هي العالم والعلم هو أمريكا رضي من رضي وغضب من غضب.
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 5,233
تعرف على الخلفية التاريخية للولايات المتحدة الأمريكية
link https://ziid.net/?p=99691