من هو الصحابي الجليل الذي فرق شمل الأحزاب؟
وقد جاء إسلام نعيم بن مسعود في وقت حرج للغاية فجيوش الأحزاب تحاصر المسلمين حصار شديد دام لمدة شهر
add تابِعني remove_red_eye 20,986
في العام الخامس من الهجرة وقعت غزوة الأحزاب بين المسلمين بقيادة رسول الله –صلى الله عليه وسلم–، والمشركين(قريش وحلفاؤها، وبلغ عددهم أربعة ألاف مقاتل، غطفان وحلفاؤها وبلغ عددهم ستة ألاف مقاتل)،وقد سموا بالأحزاب، وقد عرفت الغزوة باسم الأحزاب نسبة إلى هؤلاء الأحزاب الذين تجمعوا لقتال المسلمين، كما عرفت أيضًا بغزوة الخندق لأن المسلمين قاموا بحفر خندق في الجهة الشمالية من المدينة، لأن الجهة الشمالية هي الجهة الوحيدة المكشوفة أمام العدو، فكان من الممكن أن يدخل العدو إلي المدينة عن طريق هذه الجهة على عكس غيرها من الجهات الأخرى التي كانت محصنة بشكل منيع، فلا يستطيع أحد اختراقها.
أسباب الغزوة
بعدما خرج بنو النضير من المدينة متوجهين إلى خيبر، كانوا يحملون معهم أحقادهم على المسلمين، وكانوا يتحينون الفرصة للقضاء عليهم، بعدما أخرجوهم من يثرب، لذلك عملوا على تأليب القبائل العربية ضد المسلمين، وقد شكلوا وفدًا من أجل هذه المهمة يتكون من:( سلام بن أبي الحقيق، وحيي بن أخطب، وكنانة بن الربيع بن أبي الحقيق، وهوذة بن قيس، وأبي عمار). فذهبوا إلي قريش وحرضوهم على قتال المسلمين، فاستجابوا لهم، كما ذهبوا إلى غطفان وحرضوهم، فاستجابوا لهم أيضًا، وتوجهت هذه الأحزاب إلى المدينة لقتال المسلمين.
ولما علم الرسول –صلى الله عليه وسلم– بذلك، هبوا للدفاع عن المدينة، وقد اقترح عليهم القيام بحفر خندق يحول بينهم وبين الأعداء، ولما وصل الأحزاب بجيش مكون من عشرة ألاف مقاتل، وجدوا هذا الخندق وكانت فكرة الخندق فكرة جديدة على العرب، لذلك لم يستطيعوا دخول المدينة ،فاضطروا لفرض حصار علي المسلمين استمر لمدة شهر، ولما أدرك المشركون أنه لا سبيل لدخول المدينة سوى عن طريق يهود بني قريظة -الموجودين داخل المدينة والذين كان بينهم وبين المسلمين ميثاق ينص على دفاعهم عن المدينة مع المسلمين ضد أي اعتداء خارجي- فذهب زعيم بني النضير, وأقنع بني قريظة بنقض عهدهم مع رسول الله –صلى الله عليه وسلم–، فاستجابوا لهم، وانضموا للأحزاب.
ولما علم رسول الله –صلى الله عليه وسلم– بخيانة بني قريظة، أدرك أن ظهر المسلمين في خطر، لذلك كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم– يحاول أن يوقع الفرقة بين هؤلاء الأحزاب، فقد حاول التصالح مع غطفان على أن يدفع لهم ثلث نخل المدينة، ولكن الصحابة رفضوا ذلك، وقالوا نحاربهم يا رسول الله ولا نعطيهم أموالنا، وبذلك لم تنجح خطة التصالح مع غطفان.
ولم تكن هذه المحاولة هي آخر محاولة للتفريق بين الأحزاب، فقد استطاع أحد الصحابة أن يفرق بين الأحزاب، ويشتت جمعهم، لكن من هو الصحابي الذي عرف بمفرق شمل الأحزاب حيث أوقع الخلاف بين الأحزاب (قريش، غطفان، بني قريظة)؟
نعيم بن مسعود
هو نعيم بن مسعود الأشجعي الغطفاني، كان من قبيلة غطفان التي تحالفت مع قريش لقتال المسلمين في غزوة الخندق، وقد كان مشاركًا لقبيلته في فرص الحصار على المسلمين لمدة شهر كامل، غير أنه حدث شيء لم يكن في حسبان أحد، فقد شرح الله صدر نعيم بن مسعود للإسلام، ولكنه لم يخبر أحدًا بذلك، لكنه ذهب إلى رسول الله –صلى الله عليه وسلم– ليخبره بإسلامه، وقال لرسول الله –صلى الله عليه وسلم– لقد أسلمت ولا يعلم أحد من قومي ولا من المشركين أني قد أسلمت، فأمرني ما شئت.
وقد جاء إسلام نعيم بن مسعود في وقت حرج للغاية فجيوش الأحزاب تحاصر المسلمين حصارًا شديدًا دام لمدة شهر، وقد انضم لهؤلاء الأحزاب يهود بني قريظة الذين كانوا من المفترض انهم يحمون ظهور المسلمين في المدينة، لكن بني قريظة نقضوا عهدهم مع رسول الله –صلى الله عليه وسلم–، بتحريض من زعيم بني النضير حيي بن أخطب.
الإستراتيجية التي اتبعها نعيم بن مسعود للتفريق بين الأحزاب
لم يأمر رسول الله –صلى الله عليه وسلم– نعيم بن مسعود بشيء معين يفعله ولكن قال له: “إنما أنت رجل واحد، فخذِّل عنا ما استطعت فإن الحرب خدعة”. ولكن نعيم اهتدى لفكرة لم تخطر على بال أحد من المسلمين، وهي الإيقاع بين الحلفاء، على النحو التالي:
- بنو قريظة: بدأ نعيم ببني قريظة؛ فذهب إليهم، فكانوا يعرفونه فهو من قادة غطفان، ولم يكونوا يعلمون بإيمانه، فقال لهم تعلمون منزلتكم مني وأني ناصح لكم، قالوا: صدقت، قال لهم: فإن قريش جاءوا لمحاربة محمد وقد تركوا نسائهم وأولادهم وأموالهم في بلادهم، ولكنكم أنتم هنا في بلدكم الذي فيه نساؤكم، وأبناؤكم، وأموالكم، فإذا لم تنتصروا على المسلمين عادوا إليكم وفعلوه فيكم كما فعلو مع بني النضير، قالوا وما العمل يا نعيم: قال: لا تقاتلوا معهم حتى يعطوكم رهائن، قالوا: نعم الرأي رأيك.
- قريش: بعدما انتهى نعيم من بني قريظة، ذهب إلي قريش، فقال لهم: إن بني قريظة قد ندموا بعدما نقضوا عهدهم مع محمد، وإنهم سوف يتراجعون عن القتال معكم، بل وسوف يطلبون منكم رهائن ليدفعوها إلى محمد، وسوف يوالونه عليكم.
- غطفان: ذهب إلى غطفان وقال لهم مثل ما قال لقريش.
أراد كل من قريش وغطفان التأكد من صحة كلام مسعود بن نعيم، فأرسلوا رسالة إلي بني قريظة يطابون منهم الاستعداد لقتال المسلمين، فردت بنو قريظة بأنهم لن يقاتلوا معهم إلا إذا أرسلوا لهم رهائن، فقالت قريش وغطفان: صدق مسعود. فرفضوا إرسال رهائن لبني قريظة، فقالت بنو قريظة: صدق مسعود.
وبذلك تفرق جمع الأحزاب، ودبت بينهم الفرقة، وكان أول شيء فعله المسلمون بعد الانتصار في غزوة الأحزاب أن توجهوا إلى ديار بني قريظة وفرضوا عليهم الحصار حتى لم يتبق منهم أحد في المدينة، جزاء لهم على نقضهم لعهدهم مع رسول الله –صلى الله عليه وسلم–.
انسحاب ورحيل الأحزاب
بعد أن دبت الفرقة في صفوف الأحزاب، وتشتت جمعهم بفضل الخدعة التي قام بها نعيم بن مسعود، ازداد الأمر سوء؛ حيث أرسل الله على معسكر المشركين ريحًا شديدة، لدرجة أن هذه الريح اقتلعت خيامهم، وأطفأت نيرانهم، وقلبت قدورهم، فلم يستطع المشركون الصمود أمام هذه الريح العاتية، فقرروا الانسحاب والعودة إلي حيث جاءوا، لتنتهي بذلك معركة من أهم معارك المسلمين بدون قتال {وَرَدَّ اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللهُ المُؤْمِنِينَ القِتَالَ وَكَانَ اللهُ قَوِيًّا عَزِيزًا} [الأحزاب:25].
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 20,986
link https://ziid.net/?p=92997