احتراف صنعة الترجمة علم وهواية ومثلها كمثل باقي العلوم، حيث لا يمكن إنجاز مهمة الترجمة من دون وضع خطوات واضحة لتحقيق الهدف المنشود، وحديثي في هذا المقال عن الترجمة العلمية تحديدا والتي تختص بمجالات العلوم الطبيعية والرياضيات أو حتى العلوم الطبية، وإن كان معظم هذه الخطوات ينطبق على أنواع الترجمة الأخرى. وحتى لا أطيل عليكم إليكم الخطوات لترجمة علمية خالية من الأخطاء -بإذن الله-.
أوَّلًا: قراءة النص بصورة إجمالية قبل اختياره
وهذه أهم نقطة حيث إن معظم المترجمين يغفلون قراءة النص بصورة سريعة في البداية ليتأكدوا من مناسبة المقال لكفاءتهم، وإنما يباشرون في مهمة الترجمة ثم يتفاجؤون في منتصف المقال بأن بعض المفاهيم العلمية أو بعض التراكيب اللغوية استعصت عليهم، ويضطر في النهاية إلى تغيير المقال بعد قضاء جهد في ترجمته.
ثانيًا: اختيار مقال من تخصصك أو قريب من اهتماماتك
إن مجال الترجمة عمومًا واسع فهناك الترجمة الاقتصادية والقانونية والسياسية والترجمة الدينية والإعلامية والترجمة العلمية، والترجمة العلمية والتي هي مجال حديثنا هنا ينضوي تحتها عدة مجالات فمثلًا هناك مجال العلوم الطبيعية ومجال الرياضيات، ومجال العلوم الطبية. فالأفضل للشخص الذي له علاقة بالتخصصات الصحية كالطب والتمريض والصيدلة مثلًا أن يختار مقالًا في المجال الطبي ولا يختار في الرياضيات أو الجيولوجيا، وهذا ينطبق على باقي فروع المعرفة العلمية لأنه أدعى للإتقان والترجمة الاحترافية للمقال.
ثالثًا: البدء بترجمة المصطلحات العلمية وتوحيدها في النص
عادة ما يكون المقال العلمي المراد ترجمته أو الورقة البحثية أو الكتاب يتناول موضوعًا محددًا، ويناقش مصطلحات علمية تتكرر في النص عدة مرات، فالأفضل والأولى أن يتم توحيد ترجمة المصطلح في كافة المقال حتى لا يوقع القارئ في إشكال عند قراءة النص المترجم ويلتبس عليه بسبب غياب توحيد ترجمة المصطلح الواحد. حيث إن المترجم له أن يتنوع في أساليب صياغة الجمل وطريقة عرضه للقارئ لكن عليه أن يتقيد بتوحيد المصطلح في النص لغاية التركيز والوضوح.
رابعًا: الاستعانة بالترجمة الآلية لأنها تعطيك فكرة عن النص المراد ترجمته
وهذه النقطة تساعدك عند اختيارك للنص في البداية وتختصر لك الوقت لتتأكد إن كان النص إجمالًا واضحًا لديك أم لا. وهنا أحب أن أنوه على فكرة أن الترجمة الآلية على ركاكتها إلا أنها تضع المترجم في الصورة العامة وتساعده على فهم المفردات والاختصارات العلمية التي يصعب على المرء حفظها واستحضارها.
خامسًا: قراءة مواضيع باللغة العربية تتعلق بالنص المراد ترجمته
أما هذه النقطة فهي توضح أهمية دعم معرفتك بقراءة مواضيع بلغتك الأم تتعلق بالنص المراد ترجمته، وهنا ملاحظة في غاية الأهمية حيث إنه من المعروف أن المصادر العلمية باللغة العربية شحيحة ونادرة ولا يوجد كم متنوع منها فما العمل إذن؟ نصيحتي لك هي أن تقرأ عن المفهوم العام للدراسة أو البحث فمثلا إن أردت أن تترجم بحثًا علميًّا حديثًا عن تقنية محددة في الذكاء الاصطناعي ولا يوجد مراجع عربية عن هذا البحث الدقيق- وإلا لما احتجت إلى ترجمته – فالحل يكمن في قراءتك عن الذكاء الاصطناعي بصورة عامة وكل ما يتعلق به من منشورات وويكبيديا فتتكون لديك صورة ذهنية عن الموضوع تمكنك من فهم الدراسة الدقيقة الموجودة باللغة المصدر وهكذا.
سادسًا: التأني في الترجمة وتقطيع الفقرات ثم قراءتها مرة أخرى بتجانس مع الفقرة
بعد قراءتك للنص العلمي بصورة إجمالية، واختياره من مجال قريب من اختصاصك مع الاستعانة بالترجمة الآلية لمعرفة الاختصارات العلمية وغيرها. وقراءة مواضيع باللغة العربية حول مادة النص تأتي خطوة الترجمة المتأنية وتقطيع الفقرات، وذلك بترجمة الفقرة الأولى ثم الفقرة الثانية ثم قراءة الفقرتين معا للتأكد من ترابط النص ووحدته وعدم انفصال كل فقرة عن الأخرى.
وختامًا فإن اختيارك لنص علمي ما وتصفحه سريعًا وموافقتك على ترجمته لا يعني أنك لن تواجه صعوبة في معرفة بعض المصطلحات أو المفاهيم العلمية، وإلا لما نمت لديك الخبرة من ترجمة المقالات العلمية الواحدة تلو الأخرى، ولكن اختيار مقال معقول يناسب كفاءتك الحالية أمر مهم جدًّا، ويمكنك أيضا سؤال بعض المترجمين على منصات التواصل الاجتماعي على بعض المفاهيم أو الجمل التي استشكلت عليك أثناء الترجمة وهذا لا ينقص من شأنك، بل يزيدك معرفة وخبرة، وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
إليك أيضًا
تاريخ النشر: الإثنين، 12 سبتمبر 2022
يقال دوما لا يمكنك إنجاز شيء بفاعلية دون وضع استراتيجيات وخطط واضحة ، والأمر كذلك في الترجمة العلمية
link https://ziid.net/?p=103540