تجربتي في السفر إلى إندونيسيا وتعلم اللغة الإندونيسية

مر على عودتي من إندونيسيا إلى مصر حوالي شهر، ودائما أسترجع ذكريات زيارتى لهذه الدولة الرائعة. لم يخطر على بالي يوماً أننى سأزور إندونيسيا وأننى سامكث بها تسعة شهور، وأدرس فى جامعة من جامعاتها المتميزة أيضاً، كنت سعيدة للغاية عندما تم قبولي في منحة دراسية لدراسة اللغة الاندونيسية في جامعة سيبلاس مارت في سوراكارتا، ليس فقط المناظر الطبيعية الخلابة في إندونيسيا هى ما أثارت اعجابي، ولكن أيضاً ابتسامة الناس هناك كانت تشعرني بالسعادة وتدخل البهجة إلى قلبي، الناس هناك لا يعرفون الكآبة أو العبوس ويعشقون الابتسامة؛ لقد تعلمت الابتسامة في إندونيسيا، ستقولون كيف ذلك؟ وهل يوجد شخص في العالم لا يعرف كيف يبتسم؟! نعم جميعنا نعرف كيف نبتسم ولكن الابتسامة اختفت من حياتنا إلى حد كبير.

فالشعب الاندونيسي شعب طيب مهذب ودود يحترمون بعضهم البعض، ويحترمون الأجانب ويبدون استعداداً لمساعدتهم، لا أستطيع أن أنسى أنني  فى الأسبوع الأول على وجودي فى إندونيسيا أردت القيام بمكالمة دولية وواجهتنى مشكلة فى الاتصال، وذهبت إلى بائع الخطوط هناك وحاول مرارا وتكرارا حل المشكلة دون جدوى وتصادف وجود سائق (الجوجك) في المحل وقام على الفور بالاتصال بخدمة العملاء هناك والاستفسار عن المشكلة، فقد كنت أدخل الكود بشكل خاطئ، وعلى الرغم من أن الأمر استغرق وقتاً بعض الشيء، إلا أنه أصر على مساعدتي، هذا الموقف والكثير من المواقف المشابهة جعلتنى لا أشعر بالغربة.

أما من حيث الدراسة، فاللغة الإندونيسية لغة سهلة التعلم، وتستطيع أن تتحدث بها في غضون وقت قصير، وبما أننى أحب تعلم اللغات حيث إنني درست اللغة العبرية فى جامعة القاهرة، ثم حصلت على دبلومة في اللغة الهندية، وكذلك درست اللغة الإنجليزية خلال سنوات الدراسة وما بعدها، أستطيع القول إن اللغة الاإندونيسية من أسهل اللغات؛ إذ ليس في اللغة الإندونيسية تصريفات أفعال مع الضمائر المختلفة، ولا يوجد بها مؤنث أو مذكر ، حتى التعبير عن الجمع يكون بتكرار الكلمة نفسها فقط.

إندونيسيا بلد ذات تنوع حضاري وثقافي، حيث توجد مئات اللغات واللهجات فى إندونيسيا، إلا أن اللغة الإندونيسية هي اللغة الرسمية التي يفهمها كل الشعب الإندونيسي، سوف أتبع مقالي هذا بمقالات اخرى ولكن مترجمة عن اللغة الإندونيسية؛ لمعرفة أكثر تفصيلاً عن اللغات وتنوعها فى إندونيسيا حيث يصل عدد اللغات هناك إلى أكثر من ٧٠٠ لغة.

كيف تعلمت اللغة الإندونيسية؟

بدأت في تعلم اللغة الإندونيسية في المركز الثقافي الإندونيسي في مصر ودرست أربعة مستويات، ثم سجلت في منحة لدراسة اللغة الإندونيسية على هذا الموقع التابع لوزارة التعليم والثقافة. وعادة مايبدأ التقديم في هذه المنحة في منتصف شهر ديسمبر ويمتد حتى منتصف شهر فبراير، وعند التسجيل يكون بإمكانك اختيار الجامعة التي تود الدراسة فيها، واختيار مجال الدراسة أيضاً، تستطيع اختيار تعلم اللغة الإندونيسية ولكن إذا كنت من محبي الفنون تستطيع اختيار تعلم أحد الفنون التقليدية في إندونيسيا مثل الموسيقى أو الباتيك (فن تقليدي في إندونيسيا للرسم على القماش) وغيرها.

المنحة تشمل الدراسة والإقامة و تمنحك ٢٥٥٠٠٠٠ روبية إندونيسية شهرياً أي ما يوازي ٣٢٠٠ جنيهاً مصرياً، أو ٦٧٥ ريالاً سعودياً، وقد كانت تكفي لدفع مصروفات السكن الجامعي والطعام والشراب، لكنها لا تشمل تذكرة الطيران. المنحة مدتها سنة وتستطيع العودة قبل ذلك-إن أردت- في حال انتهاء الدراسة في جامعتك.

هناك منحة أخرى تابعة للحكومة لدراسة الماجيستير شاملة تذكرة الطيران على هذا الموقع 

أبرز المراجع والقواميس لتعلم اللغة الإندونيسية

يوجد الكثير من المواقع والتطبيقات على قوقل بلاي وفي الإنترنت عموما التي تساعدك في تعلم اللغة الإندونيسية مثل:

• تطبيق Kamusku  وهو قاموس إندونيسي إنقليزي والعكس، وتطبيق kbbi  وهو يناسب المستوى المتوسط أو المتقدم في اللغة الإندونيسية.
• وتستطيع تعلم النطق من هذا الموقع [هنا]
• قاموس إندونيسي عربي [هنا]
• بعض الكلمات والجمل البسيطة في اللغة الإندونيسية [هنا]
• ولدراسة القواعد في اللغة الإندونيسية أنصحك بهذا الكتاب [هنا]
• وهذا كتاب رائع لتعلم كل قواعد اللغة الإندونيسية بالتفصيل [هنا]

اللغة الإندونيسية تختلف عن الكثير من اللغات؛ فهى تُنطق مثلما تُكتب بالضبط وهو ما يجعلها لغة سهلة النطق، ولكن تعلم اللغات عموماً يحتاج إلى المثابرة والممارسة والتطبيق وحفظ الكثر من المفردات، بيد إن لديّ خبر سار؛ فاللغة الإندونيسية تحتوي على ما يزيد عن الألف كلمة من المفردات العربية أو المشتقة من اللغة العربية مثل kabar: خبر، awal: أول، soal:سؤال، ilmu: علم، وغيرهم الكثير.

استمتعت كثيراً برؤية المناظر الطبيعية الساحرة فى إندونيسيا؛ فمن الشلالات إلى الشواطئ ذات المياه الصافية الرقراقة إلى مزارع الشاي والتلال الخضراء التي تُشعرك كأنك في جنة الله على الأرض، فهى دولة كثيفة الخضرة والمناظر هناك تريح العين وتبعث على السرور.

وتعرفت هناك إلى العديد من الطلاب والطالبات من جنسيات مختلفة؛ فقد كان يدرس معي طلبة من الهند، وميانمار، وبيرو، وفيتنام، وألمانيا، وتركمانستان، وبولندا، كنا جميعا مثل أسرة واحدة وجمعتنا صداقة قوية، وأشكرهم جميعهم على الأوقات الجميلة التي قضيناها معاً. وعلى الرغم من أننا أنهينا دراستنا فى إندونيسيا، إلا أننا حريصون على الاتصال ببعضنا البعض دائماً، ورغم أن تجربتي في الدراسة بإندونيسيا كانت الأولى لي ببلد أجنبي، إلا أنني أدركت أهمية التعرف إلى الثقافات الأخرى ودورها فى توسيع أفق الأفراد ووعيهم، وتصحيح بعض المفاهيم التي قد تكون مغلوطة عند البعض؛ نتيجة انعدام التواصل المباشر مع الآخر ومعرفة كيف يفكر.

لقد أضاف لي السفر الكثير من الخبرات والمعرفة والصداقات، وأتمنى السفر مجدداً إلى إندونيسيا وإلى غيرها من دول العالم أيضاً. وكما يقولون فى السفر سبع فوائد، ولكنني أعتقد أنه أكثر من ذلك بكثير.