دفتر ذكريات من تجربتي في المشاركة في أولمبياد الرياضيات
الاشتراك في الأولمبيات تجربة طويلة وتحتاج الكثير من الجهد والتدرب ولكنها ممتعة وتساعدك على تعلم الكثير
add تابِعني remove_red_eye 92,452
كنت أتصفح أحد المواقع التربوية الخاصة بوزارة التربية والتعليم، حين قرأت عنوان (ما هي نتائج أولمبياد الرياضيات؟) فتحت الموضوع وأكثر كلمة غامضة شدت انتباهي هي “أولمبياد الرياضيات”، فبدأت البحث في غوغل عنها، وقد وجدت أن أولمبياد الرياضيات هي مسابقة إقليمية أو دولية لاختيار الطلاب العباقرة في الرياضيات، قررت أن أكون ضمن فريق السلطنة في السنة التالية، وبدأت في البحث عن أسئلة أولمبياد ولكنني لم أستطع حلّ أي سؤال من الاختبارات العالمية!
المشاركة في أولمبياد الرياضيات الخليجي الثاني-قطر
وفي السنة التالية أخبرتني أستاذة الرياضيات بأنها رشحتني (اعتمادًا على درجاتي ومشاركاتي السابقة في مسابقات الرياضيات) لتمثيل المدرسة في اختبار أولمبياد الرياضيات، وخلال (3) أسابيع تم تدريبنا من قبل أستاذات المدرسة وتم توفير بعض المذكرات التعليمية لنا. وقد كتبت هدفي للأولمبياد خلال تلك الفترة وعلقتها في غرفة مذاكرتي لتشجيعي على المذاكرة للأولمبياد، وكذلك كنت أدعو ربي ليوفقني للوصول لهدفي.
قبل اختبار المرحلة الأولى قابلت طالبات مدرستنا اللاتي جربّن الاختبار في السنة السابقة، وقلن لي: إن الاختبار صعب جدًّا، وإنه نادر من يتأهلون للمرحلة التالية، وإن الاختبار يحتاج لعبقرية عالية، ولكنني لم أهتم فأنا أملك هدفًا ثابتًا ولن أهتم للإحباطات.
ودخلت اختبار المرحلة الأولى، وقد كان مكونًا من (4) أسئلة، وحين بدأت حل الأسئلة حاولت جاهدة أن أكتب كل فكرة تقفز في عقلي، وانتهى الاختبار ولم أكن قد أكملت حلّ كل الأسئلة، وقد شعرت قليلًا بالإحباط، وكدت أزيل فكرة الأولمبياد من عقلي، ولكن شيء كان في داخلي يخبرني بأن ربي سيوفقني للوصول لهدفي.
بعدها تم إعلامي بتأهلي للمرحلة التالية -ولله الحمد- وقد تأهلت معي من مدرستنا طالبتان، وكنا من بين (63) طالبًا وطالبة من أنحاء السلطنة، وتم تدريبنا من قِبل مدربين في المحافظة لمدة أسبوع مع تسع من طلاب وطالبات المحافظة، وقد انزاحت الكثير من العتمة التي كانت تشوب عقلي عن الأولمبياد وكيفية حل المسائل واستفدت في تنمية مهارتي في حل المسائل.
بعدها ذهبت إلى العاصمة مسقط للاختبار المرحلة التالية، والذي سوف يحدد الطلاب الذين سيمثلون السلطنة، وكنت متفائلة جدًّا فأنا اجتهدت كثيرًا خلال الفترة السابقة، وفهمت الكثير من القوانين والقواعد الخاصة بالأولمبياد، وقد كان اختبار المرحلة الثانية أصعب من اختبار المرحلة الأولى ولكنني ظللت حتى آخر لحظة أحاول الوصول للأفكار الصحيحة للحل، وطوال فترة الاختبار متوكلة على الله وأتذكر هدفي فيدفعني ذلك لتقديم الأفضل.
بعدها بأيام قلائل أسعدني خبر تأهلي لتمثيل السلطنة. وخلال الفترة بين إعلامي بالخبر وبداية فترة التدريب حاولت حلّ المزيد من الأسئلة والبحث عن كل جديد، وأيضا كنت أحافظ على التوازن بين المذاكرة للمدرسة والمذاكرة للأولمبياد.
بعدها بدأ تدريب الطلاب فريق السلطنة في الأولمبياد المكون من (7) طلاب (6 طلاب أساسين وطالب احتياط) وخلال هذه الفترة حاولت أن أفهم القواعد التي لم أستوعبها بعد، وأيضا كنت أرجع ما تعلمته ذلك اليوم ،وأسأل المدربين عمّا لم أفهمه في اليوم التالي.
بعدها كانت الرحلة إلى الدوحة (قطر) التي سيقام فيها أولمبياد الرياضيات الثاني، وقد وصلنا إلى هناك مساء يوم الأحد (31/3/2013) وتمّ في صباح اليوم التالي متابعة التدريب لطلاب في الفترة الصباحية، وفي المساء تم حفل الافتتاح، وبعدها اجتماع خاص لجميع طلاب الأولمبياد لمناقشة الأسئلة واستفسارات الطلاب مع اللجنة المنظمة، وقد تعرفت في حفل الافتتاح على فريق دولة اليمن، وتحدثنا عن التدريب في دولنا ومراحل اختيار الطلاب.
في اليوم التالي (الثلاثاء 2/4/2013)كان اختبار الأولمبياد، وفي الساعة التاسعة بدأ الاختبار ،وكنت أحاول كل جهدي في السؤال فاذا لم أعرف فكرة الحل أنتقل لسؤال التالي ،وبعض الأسئلة توقفت لحلها أكثر من خمس مرات بعض الأحيان يتشتت تفكيري وأشعر بالرغبة بالأستسلام والخروج من الأختبار ولكنني أقطع تفكري بتذكر الهدف الذي وضعته ، وقد استطعت حل بعض الأسئلة. في مساء ذلك اليوم تم اصطحابنا في رحلة لـ “سوق واقف ” لترفيهه.
يوم الأربعاء (3/4/2013م)كان اليوم الترفيهي ,وتم في اصطحابنا في الصباح إلى زيارة الأسباير (مجموعة مجمعات رياضية ) ثم إلى مجمع فلاجو التجاري .وفي المساء تم اصطحابنا إلى كتارا (مدينة سياحية ساحلية تضم العديد من المسارح والقاعات ) ومركز اللؤلؤة للتسوق ,وقد أستمتعنا كثيرا باليوم الترفيهي , وتعرفت على الطلاب من الدول الأخرى مما أكسبني صداقات جديدة .
الخميس هو رابع وأخر أيام الأولمبياد ,وتم في صباح ذلك اليوم حفل الختام وإعلان النتائج ,وتم البدأ بإعلان أسماء الطلبة الحاصلين على الميدالية البرونزية وقد كنت منهم ،ثم الحاصلين على الميدالية الفضية فالذهبية.
شكرت الله كثيرا على حصولي على الميدالية البرونزية ؛ فنصف الطلاب المتقدمين للإختبار لم يحصلوا على ميداليات , وأخذت عهدا على نفسي بأنني أن أتيحت لي الفرصة للمشاركة في السنة التي بعدها بأن أقدم أفضل ما لدي وأن أستعد أكثر. وقد تم تكريمي بعد ذلك على مستوى الوزارة و المديرية والمدرسة, وشجعت الطالبات للمشاركة في الأولمبياد.
بين المشاركة الأولى والثانية
وفي الإجازة الصيفية كنت أبحث عن ملخصات جديدة للأولمبياد ومواقع من الممكن أن تفيدني, وراجعت بعض المسائل, وكتبت هدفي للأولمبياد لسنة التالية, ولكنني لم أضع خطة مذاكرة –وقد ندمت على تفويت هذه الخطوة -.
وفي الفصل الأول من الصف الحادي عشر انشغلت بالكتب المدرسيه ولم أراجع كثيرا للأولمبياد –للأسف – ؛ بسبب عدم وضع خطة مناسبة لأعمل بها للمذاكرة. وفي أجازه نصف السنة وجدت ضغط كبير في المذاكرة فأنا أريد أن أنهي كمية كبيرة من الأوراق والمذكرات في فترة قصيرة ,وتم خلال أجازه نصف السنة تدريبنا على مستوى المحافظة ، وتم خلال التدريب التركيز على طرق حل مسائل أكثر من أعادة تدربنا على قواعد الأولمبياد .
المشاركة للأولمبياد للمرة الثانية(أولمبياد الخليجي الثالث -سلطنة عمان )
بعد تدريب المتاهلين على مستوى المحافظة تم تدريب جميع الطلاب المتأهلين من المرحلة الأولى من قبل أحد المدربين السعودين ،وقد استفدت كثيرا من أسلوبه الرائع في التدريب ،وفي أخر يوم من التدريب كان اختبار المرحلة الثانية ،حللت معظم أسئلة الاختبار ، ولكنني شعرت قليلا بالإحباط لأنني لم أستطع حل جميع الأسئلة ،وعند خروجي من الاختبار تناسيت كل شيء ،وكنت واثقة بأن الله سيوفقني ،لذلك لم أقلق على النتيجة .
بعدها بأسبوع تم أعلامي بأنني سأمثل السلطنة للمرة الثانية ,وكم كانت فرحتي كبيرة لأن الأولمبياد سيقام في ربوع عمان الغالية. وضعت خطة مذاكرة متوازنة بين المذاكرة للمدرسة والمذاكرة للأولمبياد ,وقد كنت ألزم نفسي يوميا بحل مسألة واحدة على الأقل من أسئلة الأولمبياد ,وقد تم تدريبنا على مستوى المحافظة في أيام متفرقة طول الفترة قبل بدية التدريب على مستوى السلطنة .
بعدها بدأت فترة التدريب على مستوى السلطنة ،وخلال تلك الفترة ،كان التدريب مكمل لتدريبات السابقة ؛فقد أحتوى على حل مسائل ومتابعتنا في طريقة حل المسائل ،ومحاولة مساعدتنا في تلافي الأخطاء .
يوم الأحد (6/4/2014م ) تم استقبال طلاب الأولمبياد من كل دول الخليج في سلطنة عمان، في صباح اليوم التالي تم حفل الافتتاح. بعد حفل الافتتاح قابل الفريق العماني وزيرة التربية والتعليم وقد شجعتنا لبذل جهدنا في الاختبار لأننا نمثل السلطنة في الرياضيات. عصر ذلك اليوم كانت آخر جلسة تدريب، وبعد المغرب خرج الفريق العماني مع المشرفين في جولة ترفيهية، لتقليل التوتر والضغط قبل الاختبار.
يوم الثلاثاء (8/4/2014) كان اليوم المنتظر للاختبار، قبل بداية الاختبار كتبت هدفي أمامي في المسودة، ودعوت ربي أن يوفقني، وقد ارتبكت قليلًا حين علمت أنني نسيت إحضار الساعة اليدوية معي، ولكنني نسيت ذلك حين بدأت حل الاختبار. كنت أكتب محاولتي في مسودة خارجية، وبعد أن أتأكد من الحل أنقلها في ورقة الإجابة، وهذا ما ضيع على الوقت الكثير، وأيضا لم أنقل أحد محاولتي للحلّ التي علمت لاحقًا أنها الطريقة الصحيحة للحل مع أنني استبعدت أن تكون هي الحل الصحيح. بعد الاختبار ألتقط صورًا تذكارية مع المشرفين، وناقشت الاختبار معهم.
بعد الخروج من قاعة الاختبار تناسيت الاختبار بكل ما فيه، ورفضت التحدث عنه مع زميلتي، فأنا واثقة بأن الله سيعطيني ما أستحق، وفي مساء ذلك اليوم ذهبنا في رحلة ترفيه في محافظة مسقط.
في صباح اليوم التالي كانت الرحلة إلى مدينتي الرائعة “نزوى” وقد تضمنت الرحلة في البداية المرور على الطريق الداخلي لسمائل ثم الوصول لـ”نزوى” وزيارة السوق والقلعة، ومن ثم زيارة “فلج دراس”. وفي المساء تم حفل عشاء بحضور وزيرة التربية والتعليم ومشرفي الأولمبياد والطلاب.
في صباح يوم (10/4/2014) كان حفل الختام في مسرح الوزارة، وقد تم تقديم عدّة فنون شعبية قبل بدأ التكريم، ثم بدأ إعلان النتائج وبدءا من البرونزية ثم الفضية فالذهبية، وقد حصلت على الميدالية الفضية، وشعرت بالسعادة ليس فقط لأنني حصلت على الميدالية الفضية ولكن لأنني استطعت أن أتقدم على السنة السابقة، وقد خالطني القليل من الإحباط لأنني لم أحصل على الميدالية الذهبية، ولكن الحمد لله على كل حال، فما تعلمته من تجربة الأولمبياد أثمن من أي ميدالية.
كنت أظن أنني في ذلك اليوم سأطوي صفحة الأولمبياد إلى الأبد، ولكنني علمت أنه ما زال أمامي واجبات يجب أن أقدمها لأولمبياد الرياضيات، فقد قمت بتعريف الطالبات الأخريات على أولمبياد الرياضيات وشجعتهن على المشاركة، وأيضا كنت أحاول مساعدة الطلاب من خلال نشر المذكرات التعلمية والمسائل (التي جمعتها خلال السنتين أو حصلت عليهم) إالكترونيا.
وفي الصف الثاني عشر عملت على تدريب طالبة مدرستي للأولمبياد خلال فترة الصباح و في وقت الاستراحة، وأيضا قابلت طلاب أولمبياد لسنة 2015 (طلاب محافظتي) وشجعتهم على التميز في الأولمبياد، وعلمتهم أهم الأساسيات التي يجب عليهم اتباعها والتركيز عليها خلال مشاركتهم في الأولمبياد. كانت تجربة الأولمبيات تجربة طويلة وممتعة وقد تعلمت منها الكثير، وأنا شاكرة لربي لمنحي هذه التجربة الرائعة. يمكنك أن تتعرف أكثر على أولمبياد الرياضيات الخليجي من هنا.
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 92,452
من البرونزية إلى الفضية، أسرد قصة مشاركتي في أولمبياد الرياضيات الخليجي في دورته الثانية والثالثة
link https://ziid.net/?p=63621