من المُخطيء في نهاية المطاف؟مراجعتي لرواية مشانق من فضة
رواية مشانق من فضة هي اختزال للصراع الإنساني الأزلي، و السؤال الذي لا ينضب حول النفس الإنسانية
add تابِعني remove_red_eye 730
أولُ الغيثِ قطرةُ، هذه هي أول جملة أودُ أن أبدأ بها مقال اليوم لأول قراءات شهر يوليو، فرواية اليوم هي إحدى روائع الأدب الصيني المختزلة في ثلاث كلمات هي ”مشانق من فضة” للكاتب الصيني الشهير تجو دا شين، الذي حصد عدة جوائز أدبية مرموقة، حيث حصلت روايته ” مشهد البحيرات وألوان الجبال” و التي تُرجمت بعنوان ” رحلة الانتقام” على جائزة ماودوين الأدبية، وهي أرفع جائزة أدبية في الصين. تُرجم للكاتب أيضاً عدة رواية أخرى وهي :” رحلة الانتقام، وترانيم الموت”. كما تُرجمت أعماله إلى عدة لغات منها : “الإنكليزية، الفرنسية، والألمانية”، وتم تحويل رواياته إلى أفلام ومسلسلات ومسرحيات، كما عَرفها المُترجم في بداية حديثه. تدور أحداث الرواية في زمن غير محدد على بقعة غير محددة من الصين، تتمحور الأحداث حول الفتاة فائقة الجمال “بيلان” المُنحدرة من أسرة فقيرة لتصير زوجة الابن الأكبر للحاكم، لتصدم بشخصية زوجها المضطربة جنسياً، حيث كان يميل إلى تقمص دور الفتاة، حيث كان يرتدي ملابس الفتيات في الخفاء، ويضع بعض الحُلي الفضية حرصاً على ألا يُكشف أمره. وكان دائماً ما يتهرب من واجباته الزوجية، مما جعل من الصعب عليهما العيش كزوجين عاديين. لتبدأ الفتاة في البحث عن حقوقها الزوجية عن طريق الوقوع في الشِرك مع ابن صاحب حانوت الحُليّ الفضية، إلى أن يُكتشف أمرها، فيطلب منها زوجها بعض الحُلي الفضية مقابل سكوته عن الأمر، ليعلم الحاكم و زوجته بالأمر بعد ذلك و يختارا السكوت حفاظاً على سُمعة الحاكم وسط شعبه، وحتى يستطيعا أن يُدبرا مكيدة للانتقام. جاءت نهاية الرواية على نحوٍ لا بأس به، حتى لم أكن أتوقع أن تنتهي الأحداث على هذه الشاكلة البتة.
في اعتقادي أن هذا النوع من الأعمال الأدبية يُخاطب قلب القارئ أيضاً ليس عقله فقط، فبينما أنت تقرأ، يتدفق سيل من الأسئلة في عقلك، ألا وهو، من المذنب في نهاية المطاف؟!.. أهو الشاب الذي اختار أن ينصاع لقرار أبويه في اختيار الزيجة المناسبة له من وجهة نظرهم دون إبداء الاعتراض على هذا الأمر؟!..، أم الوالدان اللذان اختار ألا يحاولا عرض ابنهم على طبيب ليعالجه خوفاً من وصمة العار التي سلتحق بهم؟!..، أم هي الفتاة الشابة البسيطة المنحدرة من أسرة فقيرة والتي لم تكن تريد إلا الزواج وعيش حياة هادئة ساكنة كباقي الفتيات من عمرها؟!..
إجابة هذا السؤال متروكة للقاريء نفسه، كلاًُ على حسب وجهة نظره وشخصيته المتخلفة سيستنبط استنتاجا مختلفاً، أما إذا سألتني عن رأي أنا حيال هذا، سأقول لك أن المذنبان هما الوالدان أول عن آخر، لأن بذرة التنشأة الأولى للأبناء في أيدي الآباء، لا أحد يختار والداه، لكننا المسئولون عن تنشأة أبنائنا تنشأة سوية سليمة، لا جدال في ذلك. فكان من واجب الآباء أن يعرضوا ابنهم على طبيب نفسي لمعالجة اضطرابه الجنسي، ولا يفكروا فقط في سمعة العائلة، واسم الحاكم الذي سيتردد صداه على ألسنة الشعب بالسخرية، كان يجب عليهم أن يضعوا صحة ابنهم النفسية نُصب أعينهم، ويكون هو على رأس أولوياتهم، لكن الابن كان ضحية ظلم، وأنانية، وغطرسة والداه، واضطر إلى الزواج فقط من أجل إرضائهم، وكان هو كبش الفداء.
فنتائج التربية غير السوية لا تكون محمودة بأي شكل، فلو كان الأباءُ لديهم الوعي بهذا الشيء، لأنتجوا جيلاً سليماً معافى قادر على اتخاذ قراراته بمحض إرادته، وتحمل مسئولية نتائجهُ أياً كانت. فقرار الزواج قرار مصيري، سيتوقف عليه مستقبل عائلة بأكملها، فيجيب علينا التريث والتمهل في اتخاذه، ويجب أيضاً اتخاذه على أُسس واضحة بدون أي انحيازات لآراء الغير. اترك لابنك (بنتك) المجال لحرية الرأي واتخاذ القرار، فهذه هي بذرة الاستقلال المعنوي التي ستطرح فيما بعد شخصية سوية نفسياً.
هذه الرواية فقط هي نسخةُ مصغرةُ من المجتمع، يوضح فيها الكاتب جزء من معاناة الشعب الصيني في فترة الإقطاعية، فما الأدب إلا انعكاس لواقع المجتمعات، والتعبير بصدق عن مدى الظلم الذي يتعرض له الإنسان في كل زمانٍ ومكان. فما الأدب إلا وسيلة تجعل من الإنسانِ إنسانا بحق، يشعر بغيره ويتفهم مواقفهم ومشاكلهم ويحاول أن يجد لها حلولا.
add تابِعني remove_red_eye 730
link https://ziid.net/?p=60690