يزيدون: أشرف الطبيب الذي يؤنسه الشعر
كان هذا اللقاء لنتعرّف على كتّاب زد بشكلٍ أقرب حتى تتقلّص المسافة التي تفصل بين الكاتب والقارئ: أشرف مهران.
add تابِعني remove_red_eye 414,635
وراء كل نجاح جهودٌ تُبذل، ووراء نهوض موقع زد كُتّاب ساهموا بشكلٍ فاعل في إثراء المحتوى العربي وتنوّعه وزيادة انتشاره بين القرّاء العرب، لكل مقال كان هناك أثرًا يتناقله الكثير ليظهر لاحقًا في تجاربهم ومناحي حياتهم. من هنا أنشأنا سلسلة يزيدون التي نُجري فيها عددًا من اللقاءات مع كتّاب زد ممّن جادت أقلامهم بكل مفيد وأثرَت موقع زد بكل جديدٍ ومختلف، هنا نتعرّف عليهم لنكتشف ذواتهم المختبئة خلف ما يكتبون.
د. أشرف مهران طبيب أشعة حسب تصنيف الحياة المهنية، وعلى الجانب الآخر يهوى كتابة المقالات والترجمة، وبما أن الكتابة رسالة سامية، فقد كتب العديد من المقالات الصحية التي تُسهم في توعية القارئ وتضمن له استشارة ومعلومة موثوقة، ولم تقتصر مقالاته على مجال الصحة فقط، وإنما أثرى موقع زد بالعديد من المقالات في مختلف المجالات، فبرغم تعدد تصنيفات الكتابة في زد إلا أنك ستجد -تقريبًا- أغلبها تتضمن مقالات مذيّلة باسمه، كتب في عالم الإنترنت والتكنولوجيا، ومجال الاقتصاد من ريادة الأعمال والتخطيط المالي، وتعرّفنا معه على وجهاتٍ وأفكارٍ للسياحة حول العالم، والكثير غيرها..
أهلًا بك د. أشرف، كلنا حبور ونشوة لأن زد يضمّ أمثالك، مسيرتك معنا استمرّت على مدى خمس سنوات، ونأمل أن لا تنقطع، زد يحتفي بك..
– أهلاً وسهلاً بكم، وأشكركم على هذه الحفاوة البالغة.
بدايةً وبما أن الكتابة هي الشغف، أودّ أن أسألك: لماذا تكتب؟ ما الذي تعنيه لك الكتابة بالضبط؟
– بعد سنواتٍ طويلةٍ من القراءة تكوّنت لديَّ قناعةٌ وهي أن الكتابة نتيجةً وليست سببًا! فهي نتاج قراءةٍ كثيرة، اندمجت مع ظروف البيئة المحيطة والتعليم والسِمات الشخصية لتكوّن فِكرًا يُعبَّر عنه بالكتابة. والذي يكتب كثيرًا ويقرأ قليلاً لن تجد كتاباته لها مكانًا بين القُرّاء!
– جميل، هذا يعني أن الكتابة إحدى الغايات التي تتحقق بالقراءة. حسنًا بين زحمة الوقت وضجيج الحياة والتزاماتها لم تتغلب عليك مادية الحياة، فبجانب كونك طبيب أنت شاعرٌ أيضًا ! حدّثنا في أي وقت تلجأ لكتابة الشعر؟ ولا تنسَ بالطبع أن تُقرِأنا بعضًا من شعرك؟
– الحقيقة أنني كتبتُ الشعر في فترةٍ معيّنةٍ من حياتي، تكالبت فيها الضغوط عليّ فوجدت في الشعرمتنفّسًا لي؛ لا سيّما وأنا لا أحب الكتابات الشعرية الغامضة، والتي لا يستطيع القارئ أن يعرف لها موضوعًا أو نسقًا تلتزم به؛ لذلك يمكنك اعتباري بأني أنظم الشعر فقط ولست بشاعر!
ومما كتبت من الشعر قصيدة تناسب هذا المقام، وهي بعنوان (ماذا أكتب؟) قلتُ فيها:
ماذا أكتب ..؟
عن أي جرحٍ في نفسي يدمي ويثعب ..؟
عن حبيبٍ قد تناءى .. أم عدو صار أقرب ..؟
هل أقول عن أحلامي .. أم أقول عن آلامي ..؟
هل أبوح عمّا في ضلوعي ..؟
عن خضوعي .. عن دموعي ..
أم سطوعي .. كالنجم أشهب ..؟
عن جفائي.. عن إبائي
أم حنيني .. أم حناني
عن زمانٍ كنت أحلم أن أعيش فيه ..
أم زماني .. أم تراني إن تركت نفسي لنفسي أنسب ..؟
**
ماذا أكتب ..؟
و لأي صخرةٍ أرفع وأقلب ..؟
هل أحاول أن أعالج جرح السنين ..؟
هل أسير عكس كل السائرين ..؟
أم أسير مثلهم وسط الزحام ..
لا أبالي بالحلال و الحرام ..
أم أدعهم ..؟
لا عليهم ..
ولا معهم ..
و كأني لا أعلم شيئًا ..
ولا أقرأ ..
ولا أكتب ….
**
– الله الله يا أشرف لديك موهبة فعلًا في الشعر. حسنًا دعنا نمرّ قليلًا على مسقط رأسك مصر، بما أنك من مصر أم الدنيا، ما هو المقال الذي يشبه أو يعكس روح مصر وكيف؟ وأي مدينة بالتحديد؟
– من وجهة نظري، أرى أن تعبير “مصر أم الدنيا” لا يعني سيادة مصر على العالم؛ وإنما المقصود أن قلب مصر والمصريين مثل قلب الأم، يسع الجميع بلا تمييز ولا عنصرية. وقد عاينت بنفسي من الدول الأجنبية -خاصةً بريطانيا- من ترك بلاده وأقام في مصر ما بقي له من عمر! بل وحتى في عصر الاحتلال البريطاني كان بسطاء المصريين يتعاملون مع الجنود البريطانيين وكأنهم ضيوف وليسوا محتلين! وعلى هذا فلا أظنني كتبت في زد ما يعكس روح مصر حتى الآن! ولئن كان مقالي (حقائق أدهشتني عن المدينة الساحرة أسوان) قد سلّط الضوء على مدينة أسوان؛ فما زال في مصر الكثير والكثير مما يستحق الكتابة عنه، وربما يكون هذا موضوع مقالي القادم في زد فقد تحمّست للفكرة!
– إذن ننتظره بالتأكيد. أتوقع أن الكتابة تكشف لنا جزءًا من الشخصية، تعرّفنا على اهتماماتك من خلال ما تكتب، ولكن من أنت خارج الكتابة والعمل؟ كيف تقضي يومك بعيدًا عن كل شيء؟
– من المعتاد أن وقت الطبيب مشغول بالمرضى وطلب العلم الطبي المستمر، وما يتبقى لي أقضيه في آداء مهام أسرتي وخدمة والديّ، وأما وقت الفراغ بعيدًا عن ذلك –وهو صيدٌ ثمينٌ حقًا!– فربما أتسلّى بالسير وسط الأسواق الشعبية القديمة، أو قراءة الروايات، أو مشاهدة مقاطع التي تختص بالصناعات اليدوية المنزلية، أو التي تعرض وجهاتٍ سياحية متنوعة، أو استرجاع ذكريات الطفولة مع ألعاب الفيديو القديمة!
– احكِ لنا عن تجربة أثّرت بك أو غيّرت من طريقة تفكيرك؟
– الزواج ! ….فأنا لست ممن صاحب المرأة خارج إطار الزوجية. وبعد الزواج استطعت أن أتعامل مع عالم المرأة المليء بالمشاعر والأحاسيس، ولا أُنكر فضل زوجتي في تهذيب تعاملاتي وسلوكي، وملء الفراغ العاطفي في قلبي.
– هل أنت من الأشخاص الذين يضعون جدولًا لتحديد الخطط والأهداف في مستهلّ العام للعمل على إنجازها وتحقيقها خلال المدة والخطة المرسومة؟ أم أنك تعيش يومك دون رسم بداية أو نهاية؟
– لا أضع جداول زمنية سنوية، وإنما جدوال يومية أو موسمية (يعني عند انتهاء فترة العمل الشهرية أو إجازة نصف العام …إلخ) وأستعين على ذلك ببرامج الملاحظات في الهواتف الذكية.
– ما هي مواقعك المفضلة التي تحرص على زيارتها يوميًا؟
– فيس بوك (و أعتبره بديلاً عن الجرائد)
-يوتيوب ( و أعتبره بديلاً عن التلفاز)
-الواتس آب (وهو تطبيق و ليس موقع لكنني أتصفحه يوميًا لأنه وسيلة تواصلي الرئيسية)
– برأيك هل الأثر السلبي للتكنولوجيا يفوق أثرها الإيجابي أم أن فائدتها أكبر؟
– التكنولوجيا شيءٌ رائع وممتع ! لكن إساءة استخدامها من قِبَلِنا جعل أثرها السلبي أكبر بكثير! فبرغم ما تقدمه لنا من تيسيراتٍ وفرصٍ كثيرةٍ ؛ إلا أننا أسأنا استعملها بشكلٍ له أثره المدمر على الأخلاق والعقيدة مخيف! وقد تفشّى في مجتمعاتنا المسلمة ما لم يعاني منه آباؤنا –إلا نادرًا– من الإلحاد واغتصاب الأطفال والشذوذ والعنف بسبب التكنولوجيا، والشارع خير دليلٍ على ذلك.
– أخيرًا؛ سعدنا جدًا بلقائك د. أشرف، وفي الختام نودّ أن نسألك: حدّثنا عن تجربتك مع زد، ماذا أضاف لك؟ ولو أردت أن تدعو أصدقاءك للكتابة معنا، فماذا ستقول لهم؟
– سعدت بلقائكم حقًا!
بالنسبة لموقع “زد” فهو موقع فريدٌ من نوعه! ليس لأنه ينشر مقالاتٍ متنوعة -فما أكثر من يفعل ذلك- ولكن لأنه شديد الحرص على تقديم مادةٍ أدبيةٍ نقيةٍ، لا تشوبها شائبة التقليد أو الركاكة أو الشطط الأدبي، والذي نجده في بقية المواقع الأدبية الأخرى تقريبًا. كما أن ابتعاد “زد” عن القضايا السياسية والدينية جنّبه الخوض في جدالاتٍ وصراعاتٍ لا تنتهي، وحافظ على روح المحبة والاحترام بين أعضائه.
أمّا دعوتي للأصدقاء فتتلخص في نصيحةٍ صغيرة: اكتب! وأرسل إلى “زد” وثق بأنه سيأخذ بيدك حتى تقف على قدميك في عالم الأدب والكتابة.
الكتابة وسيلة تساعدنا دائمًا في فهم الآخر والتواصل معه، اللقاءات إحدى هذه الوسائل التي تأخذنا لعالم الكاتب الذي يستسقي منه إلهامه وتفكيره وتجاربه ليصيغها لنا لاحقًا في مقال، فحياة الكاتب مرتبطة بقلمه.
add تابِعني remove_red_eye 414,635
link https://ziid.net/?p=31691