تأشيرة دخول إلى مجالس المبدعين.. بداية الرحلة في موقع “زد”
أحيانًا تحدث مصادفة تحملك في رحلة بعيدة لم تكن تتصور أنك ستذهب فيها، لكنها تصبح تجربة حياة وبناء للمستقبل
أحيانًا تحدث مصادفة تحملك في رحلة بعيدة لم تكن تتصور أنك ستذهب فيها، لكنها تصبح تجربة حياة وبناء للمستقبل
add تابِعني remove_red_eye 1,158
لا أذكر لحظة اكتشافي لهذه المنصة الرائعة، وإن خمنت أن سياحتي في هذا الفضاء الواسع ربما قادتني إلى هناك. لكني اقتصرت على التسجيل كعضو جديد غير فعال؛ فلم أكتب حرفًا، ولا عرفت أعضاء هذا النادي، ولا هم قرأوا لي شيئا. وبقيت على تلك الحال أكتفي بما يأتي عن طريق النشرة البريدية. وقد كان غنيًّا وجذَّابًا.
ومن عجائب الأمور أن أحد كتاب الموقع وهو المدون الفاضل “طارق الموصللي” علق على موضوع نشرته في مدونتي، ثم طلب مني المشاركة في سباق الخمسين، ولم أكن أعرف عنه شيئا. من هنا رأيت أن أستأذن هذا المجلس الكريم، لأنني تعودت أن أتهيّب مجالس من لا يعرفني، مستحضرا مقولة الشاعر أبي العتاهية: من لم يكن شاعرًا فلا يدخل علينا.
ولأني لا أحبذ من يُدِلُّونَ بأنفسهم على الناس، ثم يتضح أن دعاويهم فارغة؛ لذا استعصمت بالله وقررت أن أطلب منهم تأشيرة دخول تمكنني من السياحة في هذا الركن العجيب. ولعل قارئًا يستبدّ به شوق عظيم لمعرفة كُنْه هذا الكاتب الجديد، وهل له مذهب في الكتابة مختلف عمّا عهدناه في كتاب هذا الزمان. ولأني لا أريد أن أشق عليه، فسأصارحه بأني لا أدعي لنفسي ما ليس لي، ولكني لا أقبل التنازل عن مبادئي؛ فما أراه صوابًا أثبته، وما رأيته مخالفًا لقوانين الكتابة نبذته جانبا. وأعوذ بالله أن يستغرقني الغرور فأشتطُّ في المكابَرة.
ولأن القدماء كانوا يقولون: إن من أَلَّف فقد استُهدفَ، فأني لا أتحرج من النقد الموضوعي، لكن لا يستفزني الإمعة مهما أوتي من جدل، لأن قوة الكاتب تكمن في الدفاع عن فنّه.
هذا سؤال في المنهج لا حيلة للكاتب أمامه. والذي أطبق عليه النقاد أن الكاتب ما هو إلا منشئ لصنعة تسمى الكتابة، لكن القارئ (=الناقد) مشارك له في هذه الصناعة، وهو يتفوق عليه بسُلْطة خاصة، لأن كلامه وتقديراته بمثابة حكم بات لا يقبل النفيّ. وعليه، فاحترام مناهج هذه الصناعة كالقانون النافذ لا يسع الجميع إلا الإذعان له. لكن على القراء والكتاب أن لا يتجاوزوا حدودهم، إذ الكتابة ملكة خاصة، واستعداد فطري ولا تطاوع من كان دَعِيًّا. ولذلك تحدث العلامة ابن خلدون في مقدمته عن أناس أحكموا صناعة النحو، ولكن الواحد يعجز عن كتابة خطاب بسيط. فتأمل! رحمك الله.
لعل بعض الشباب يستعجل الحصاد ولا يصبر على الأمور، حتى يتصدر المجالس، وهو لم يُحْكم صناعته بَعْد. وليعلم هؤلاء أن المبدعين الكبار من شعراء وناثرين لم يبدأوا من فراغ؛ فهذا المتنبي صَحِبَ الأعراب في البادية وزاد بحفظ ديوان الشعر العربي، فجاء شعره عذبًا صقيلا. وقد لازم الجاحظ الورَّاقين وكان يكتري منهم دكاكينهم، ليبيت فيها مغالبًا للنعاس حتى لا ينقطع عن المطالعة. وليعلم من يروم هذه الصناعة أنه لا غنى عن المطالعة المستمرة، لأن الفكر لا ينشأ من العدم، وإن بلغ الإنسان شأْوًا بعيدًا في الذكاء.
هناك رابطة مقدسة تجمع بين الكاتب (المنشئ للقول) والقارئ المتلقي، وقوام هذه الرابطة هو التزام أدبي من الأول للثاني، وإلا اختلت هذه الرابطة.
لا أدعي جوابًا في هذا الشأن، وإن كنت أرى أن صاحب الصنعة الواحدة كثيرًا ما قصر عن بلوغ شأوه في صناعة أخرى. ولذلك قرّر صاحب المقدمة أنه من النادر أن تتفق للإنسان إجادة الشعر والنثر معا. ولعلي كتبت في هذه المباحث مقالات كثيرة في مدونتي “فضاءات حرة”، ولا يحسن بي تكرار الكلام. ولمن شاء التوسع في الموضوع فليطالعه هناك.
تأسيسًا على ما ذكرنا، يمكنني القول إن الإبداع وحدة لا تتجزأ، فلا فرق بين الشعر والنثر ولا بين النحت والرسم؛ فكلها صناعات ومواهب، من أوتي سرّها جاء بالعجب، ومن قصر دون ذلك عجز عن التعبير. وعليه، فإن نصيحتي لمن لا يلتمس في نفسه استعدادًا أن لا يتعب نفسه فيما لا بد منه؛ إذ لا يعيب المرء كونه ليس شاعرًا أو كاتبًا، فهذه حظوظ وأرزاق قسمها الله بين البشر، ولا سبيل لمعاندة القدر.
هامش: طارق الموصلي مدون من سوريا، مدونته تحمل اسمه. وهو من كتاب منصة “زد”. زيادة على أنه روائي، وله أسلوب شيق. وقد كان قد علّق على مقال لي تحت عنوان “تحدي الكتابة”، وكنت أتناول فيه القدرة على التدوين يوميًّا لمدة فترة معينة. وأصل الفكرة رد على مقالٍ في مدونة الكاتب الكبير “يونس بن عمارة”. أما مدونة فضاءات حرة فهي مملوكة لصاحب هذا المقال. ويمكن زيارتها من هنا
مطالعات أخرى ستعجبك:
يزيدون: طارق وشغف الكتابة الذي لا يذبل
add تابِعني remove_red_eye 1,158
زد
زد
اختيارات
معلومات
تواصل
الإبلاغ عن مشكلة جميع الحقوق محفوظة لزد 2014 - 2025 ©
أهلاً ومهلاً!
10 مقالات ستكون كافية لإدهاشك، وبعدها ستحتاج للتسجيل للاستمتاع بتجربة فريدة مع زد مجاناً!
المنزل والأسرة
المال والأعمال
الصحة واللياقة
العلوم والتعليم
الفنون والترفيه
أعمال الإنترنت
السفر والسياحة
الحاسوب والاتصالات
مملكة المطبخ
التسوق والمتاجر
العمل الخيري
الموضة والأزياء
التفضيل
لا تكن مجرد قارئ! close
كن قارئ زد واحصل على محتوى مخصص لك ولاهتماماتك عبر التسجيل مجاناً.
يتناول هذا المقال دوافع الكتابة لموقع زد ،وكيف تعرفت على الموقع وشعوري للعمل فيه
link https://ziid.net/?p=61254