أدب الناشئين والشهرة ومعضلة القدوة و المثل الأعلى
الأدب مادة مهمة في بناء شخصية الناشئ وتعزيز الإبداع لديه وإنتاج هذه المادة تقع مسؤوليته على شركات الإنتاج بكافة أنواعها
add تابِعني remove_red_eye 26,864
بالتأكيد، تتساءل لمَ هذا العنوان؛ هل قرأت العنوان بطريقة خاطئة؟! لا، العنوان صحيح؛ أدب الناشئين والشهرة، اليوم أعيد تسليط الضوء على معنى وجود كلمة الناشئين في الأدب.
الناشئ ليس هو من تخطى عمر الثمانية عشر ولم يبلغ الحادية والعشرين كما بالرياضة، لكن أنا أقول إن الناشئ هو كل كاتب جديد بعالم الكتابة والتدوين باختلاف أعمارهم وكذلك كل قارئ بدأ الدخول والتعرف على عالم القراءة.
أدب الطفل
بداية سنحاول أن نرى الفرق بين أدب الطفل أمس واليوم. إذا كنت من مواليد الثمانينات فأنت قد كبرت على قصص سندريلا والجميلة والوحش وسلاحف النينجا وجرندايز لتضاف بعدها الكابتن ماجد ومازنجر، والتسعينات أضافت باور رينجرز وجودي وسالي والقائمة تطول، ولكن نجد بها عملاً عربياً واحداً يستحق المنافسة؛ والعمل الوحيد الذي قد نجده هو بكار من إنتاج التلفزيون المصري وللأسف لا يتابعه الأطفال.
فأين العرب من هذه القائمة؟ أدب الطفل في الغرب يتطور. اليوم، تمت إضافة عالم المغامرة له بطرق تجذب الطفل. وقد تم تحويل قصص منها لعالم التقنية الإلكترونية ودمجها بالألعاب، ونحن في أول مرحلة من محاولة اللحاق بهذا الركب؛ مع أول محاولة لتحويل سلسلة مغامرات “المغامرون الخمسة” لعالم التلفزيون ودمجها بالتطور، لكن هل نجحنا؟
لم نستطع ذلك؛ فبمتابعة مشاهدات الطفل وقراءة الكتب، نجد أن الطفل العربي لا يشاهد ولا يلقي بالاً لهذه الإنتاجات التي لا تجعله متأهباً لكل حلقة جديدة. ولذلك تجده متعلقا بقنوات كارتون نت وورك وسبيس تون و mpc وذلك بما تقدمه من برامج مدبلجة تشبع شغفه. هذه هي الحقيقة ولا نستطيع إنكارها، وذلك من سؤال الأمهات أنفسهن عن أسلوب حياة أطفالهن، فتجد الفتيات يتابعن سلسلة “الجاسوسات” لما تقدمه من شكل مختلف مواكب لتوجهات الفتاة العصرية، وكذلك سلاسل أفلام باربي للجمال المثالي. فالطفل يشاهد سلسلة باور رينجرز والقناص والكرة لما بها من مغامرة، ولا يتابعون المحتوى العربي الذي عند سؤال أي طفل عنه يقول إنه (برنامج سيء) .
هل هذه هي القدوة المراد تقديمها لطفل الألفية الثالثة العربي؟
لا يمكننا لوم الطفل على انعدام القيم بداخله ونظرته في مراحل الطفولة المختلفة بمنظور مختلف عما نشأنا عليه، هل تظن أن الفتاة ستكبر وهي لديها ثقة بذاتها وهي ترى أن قدوتها باربي متناسقة القوام؟ أم سيكبر الطفل وهو قدوته الفتى المقاتل وفتى الشوارع؟ هذه هي المشكلة؛ لا توجد قدوة حقيقية تتمتع بالروح العربية مثالا للطفل العربي، فقد استسهلت القنوات التلفزيونية والفضائيات وكذلك دور النشر العربية تقديم محتوى مدبلج ومترجم لنيل أكبر قدر من الشهرة وتحقيق مبيعات على حساب الناشئ العربي.
هل تعرف أنه في أحد السنوات قام ما يقرب من 15 طفلا في إحدى البلدان العربية بتقليد أحد حلقات المحقق كونان والقفز من فوق أسوار الشرفات، ومنهم من توفي لارتفاع العقار عن مستوى الأرض، ومنهم من أصيب. وأذكر أنه في العام الماضي قام عدد من الأطفال بحرق رفاقهم وأشقائهم بالنار تقليداً لبرنامج تلفزيوني.
الشهرة بأدب الطفل
لا ننكر أن سلاسل كتب أدب الطفل في الماضي حققت نجاحات لا بأس بها خاصة خلال فترة الثمانينات؛ حيث كان الطفل يذهب مع والده لشراء الكتاب أو القصة وكان الأهل يهدون أبناءهم الكتاب هدية النجاح.
لكن في الألفية الحالية، وبوجود التقنية، أصبحت هذه الكتب لا تناظر عقلية الطفل؛ فتعامل الطفل مع التكنولوجيا الحديثة جعله أكبر عقلياً وسّع مداركه العقلية، فمثلاً متابعة الطفل الصغير لسلسلة هاري بوتر – رغم كونها للمراهقين – ومتابعته لسلسلة المتحولين الأليين – رغم كونها إثارة للمراهق – فهنا يجب أن نعيد النظر في توجهات الكتابة لأدب الطفل والأدب الموجة لنعيد الطفل العربي للأدب والدراما العربية.
نصيحة لكل أب وأم وأخ أكبر، راقب جيداً ما يتابعه الطفل بمنزلك، جميعنا نملك هواتفَ ذكية وكذلك ألواحًا رقمية، ويستعملها الطفل وقد يكون هو مالكها؛ لا تتركه يشاهد العمل بدون رقابة؛ فالمحتويات الموجودة حالياً تحتوي فكرًا لا يناسب البيئة العربية.
اِهدِ طفلك كتابًا واقرأ معه وعلّمه الرسم، هذا وقت خاص بك وبطفلك ستجعله يعيد التفكير بعالم المالتي ميديا، وتعلمه كيف يكون مبتكرًا. هذه هي أفضل الطرق لمواجهة عدم توازن المحتويات الحالية من الأدب والثقافة.
ولنا لقاء جديد بالمقال القادم من سلسلة أدب الناشئين والشهرة، مع أدب المراهقين.
add تابِعني remove_red_eye 26,864
مقال يوضح أهمية الأدب بحياتنا الحديثة وبناء المجتمع.
link https://ziid.net/?p=19736