من هم الفايكنج: بحارة ماهرون ومقاتلون صامدون
شعوب لها بصمة في تاريخ أوروبا. اختلف التاريخ على وصفهم، هل يمدحونهم تحية لاستكشافاتهم العظيمة، أم يذمون شراستهم إنهم الفايكينج
add تابِعني remove_red_eye 13,690
عام (793م)، جاء مجموعة من الغزاة إلى جزيرة ليندِسفارن “Lindisfarne” (وهي جزيرة تقع في مقابلة الساحل الشمالي الشرقي لإنجلترا)، عن طريق ساحل نورثمبريا “Northumbria” كان هدفهم الأول هو السرقة والنهب، وقد كان لهم ما أرادوا، فقد هجموا على دير سانت كوثبرت “St Cuthbert”، ونهبوا الكنوز بل وأخذوا مجموعة من الأسرى. كل هذا والرهبان واقفون في حالة صمت، من فرط الفزع، فما تُبصره أعينهم ليس بالهين. وكانت هذه هي أول غارة للفايكنج.
متى وأين ظهرت شعوب الفايكنج؟
ظهرت شراسة الفايكنج لأول مرة عام (793م) – كما ذكرت – وكانوا يعيشون في عدة بلاد منها: النرويج والدنمارك والسويد. اعتمدوا في معيشتهم على الزراعة وصيد الأسماك، لكن يبدو أنّ حالهم لم يكن ميسورًا، وانحرف بعض أهل تلك البلاد، وبدأوا في هجماتهم الشرسة.
اشتُهروا بأنهم قراصنة، يرجع ذلك لاستخدامهم السفن والإبحار بها لمسافاتٍ طويلة. كما أنّ اسمهم الحقيقي ليس فاينكج، ولكنهم اكتسبوه فيما بعد، عندما قرروا اتخاذ مسلك المحاربين الشرسين عديمي الرحمة، خلال القرن الحادي عشر، وكلمة فايكنج مشتقة من “Vik” وهي كلمة من اللغة الإسكندنافية القديمة، والتي تعني الخليج والكلمة كلها تعني قرصان.
استطاع الفايكنج الأوائل ضرب عدة دول أشهرها: اسكتلندا عام (794م)، ثم أيرلندا عام (795م)، يليها فرنسا عام (799م). وتُشير معظم الدلائل إلى أنهم وثنيون، خاصة بعد وصف أحد رهبان دير سانت كوثبرت، الذي وصفهم بالوثنيين عندما هاجموا عليهم، واتخذ معظم المؤرخين كتابات ذلك الراهب كمرجع لهم في هذا الصدد.
كيف كانت غارات الفايكنج؟
في بادئ الأمر، كانت غارات الفايكنج صغيرة، فقد كانوا يسعون فقط للحصول على غنائم ثم يعودون إلى ديارهم، وفي حال ما إذا حدثت مقاومة من قِبل القبائل أو البلاد التي يهاجمونها، فإنهم يواجهون بقوة. لكن في خمسينيات القرن الثامن الميلادي ازداد طموحهم، حتى إنها بدأوا في السيطرة على عدة أماكن منها: جنوب إنجلترا وأيرلندا وعلى طول ساحل نهر السين في فرنسا، وشرعوا في بناء قواعد لهم هناك، حتى يستطيعوا السيطرة على المناطق الداخلية.
استطاع الفايكنج في النصف الثاني من القرن التاسع أن يتوسعوا في سيطرتهم سواء في أيرلندا أو إنجلترا، وفي عام (885م)، كانوا على وشك السيطرة على فرنسا، بسبب انقسام الفرنجة سياسيًّا.
أين استقروا؟
كان لا بد من أن يأتي اليوم الذي يقرر فيه الفايكنج الاستقرار وإقامة المستعمرات، وبالفعل وصلوا إلى أيسلندا في القرن التاسع وأنشأوا ما يزيد عن (872) مستعمرة واستقروا على سطح الجزيرة. وبدأوا في تأسيس مجتمعهم الخاص، مستقلين عن ملوك النرويج. ونظموا شؤون الإدارة، وكانت تتكون من أقوى رجال وزعموا أنهم يملكون أقوى برلمان في العالم وقتها.
بعدما استقروا في أيسلندا، بدأوا في كتابة تاريخهم وأسماء أهل أيسلندا الأوائل، وتركوا هذه القطع والكتابات التاريخية التي تصور تاريخ أيسلندا خلال القرن الثاني عشر.
الدين عند الفايكنج
في البداية كان الفايكنج وثنيين، ويؤمنون بعدة آلهة، منهم:
- أودين: وهو إله أعور، ضحى بإحدى عينيه من أجل الحكمة، وهو الإله الرئيسي كما ذكرت الأساطير الاسكندنافية.
- ثور: وهو إله الرعد، اشتُهر بمطرقته العظيمة، وكان يحظى بشهرة كبيرة، خاصةً بين المحاربين.
- فرير: وهو إله الخصوبة.
بدأت المسيحية تنتشر في أوروبا، حيث قَبِل بها ملوك فرنسا خلال القرن السادس الميلادي، ثم ملوك إنجلترا خلال القرن السابع الميلادي، وأصبحت المسيحية هي الديانة الرسمية للكثير من بلاد أوروبا. ووصلت الدعوة المسيحية إلى جنوب الدول الإسكندنافية أيضًا خلال القرن التاسع، ولكنها لم تنتشر كثيرًا أو لم يؤمن بها الكثير من شعوب الفايكنج حتى عام (960م)، عندما جاء هارالد بلوتوث، حاكم الدنمارك وساهم في انتشار الديانة المسيحية.
هناك من تمسك بوثنيته، وهناك من اتبع المسيحية، وظهرت بعض الخلافات بينهما، وزادت المنافسة، حتى إنّ هناك من أرادوا تقسيم أيسلندا. وفي عام (1000م)، ناشدت الطوائف المختلفة المسؤولين لحل هذه الأزمة، وكان القرار النهائي هو إعلان أيسلندا مسيحية.
بالرغم من إعلان أيسلندا دولة مسيحية، إلا أنه كان هناك بعض الاستثناءات منها تناول لحوم الخيل، فقد كان طعامًا مفضّلًا للبعض، خاصةً أنه كان يرتبط بالتضحيات والقرابين الخاصة بالعبادة الوثنية.
استكشافات الفايكنج
بمجرد وصول الفايكنج لأيسلندا، بدأ انطلاقهم لأبعد المناطق. بل استكشفوا الأراضي البعيدة، منها اكتشافات الزعيم إريك الأحمر. وُلد إريك في النرويج وعاش في أيسلندا، وبعدما توفي والده تورط في جرائم قتل، ونُفي من أيسلندا في عام (982م). أثناء فترة النفي، سمع بوجود أرض جديدة في الغرب، وأبحر للبحث عنها، ووجدها على بعد (300) كيلومتر من أيسلندا، كانت عبارة عن جزيرة. ليست مجرد جزيرة، لقد كانت أكبر جزيرة في العالم، وكانت تتميز بتربتها الخصبة، حتى إنها ذَكّرت إيريك بوطنه. أطلق على الجزيرة اسم جرينلاند، وذهب إلى أيسلندا مرة أخرى ودعا المستوطنين للذهاب هناك وبالفعل أنشأ مستعمرة للفايكنج بالجزيرة، وقد استمرت حتى القرن الخامس عشر.
كان لإريك ابن يُدعى ليف، سمع أنّ هناك أرضًا في الغرب، وذهب ليرى بنفسه عام (1002م)، وكانت المفاجأة عندما وجدوا أنفسهم على طول ساحل أمريكا الشمالية، وتابعوا حتى وصلوا إلى بلد بها مراعي خصبة، أعطوها اسم فينلاند، وأرادوا استعمارها لكن من سوء حظهم أنها كانت مستعمرة بالفعل من قِبل سكان الأمريكتين الأصليين. ومع ذلك، كانوا أول أوروبيين نزلوا إلى الأمريكتين من قبل كريستوفر كولومبوس بحوالي خمسة قرون.
نساء الفايكنج
ظهرت نساء الفايكنج كمحارباتٍ في الأعمال التليفزيونية، هناك بعض الآراء التي تدعم هذه الفكرة، وهناك من ينفيها، ويقول إنّ الأمر محض قصص درامية لضبط الحكبة، وأنّ الروايات التاريخية التي تؤكد هذا الرأي غير موثوقة. لكن في عام (2017م)، اكتُشفت مقبرة تعود إلى القرن العاشر، بها أسلحة وكانت المقبرة لامرأة من نساء الفايكنج، علاوة على ذلك، فقد أشار أحد المؤرخين إلى أنّ هناك نساء من الدنمارك كانت تطمحن لتعلم مهارات القتال بحماس كبير.
حجر الشمس
كان الفايكنج بحّارة ماهرين، لكن سيطر الغموض حول طرقهم الخاصة بالملاحة، لكن ذكرت ملحمة أيسلندا (ملحمة من العصور الوسطى) ما يُسمى بحجر الشمس، والذي استخدمه البحارة الفايكنج للاستدلال على الطريق، لكن اعتُقد أنه مجرد أسطورة، حتى اكتُشف مؤخرًا بلورة غير شفافة مصنوعة من سبار أيسلندا، وكانت موجودة في حطام إحدى السفن.
انتهاء عصر الفايكنج
انتهى عصر الفايكنج بفشل غزوة ملك النرويج “هارالد الثالث” عام (1066م) في معركة جسر ستامفورد بإنجلترا، وأُصيب في رقبته، وانتهت عصور الفايكنج وبدأت الممالك في الاستقلال. وأصبحت المسيحية هي الديانة الرسمية، حتى إننا نلاحظ اليوم معظم هذه الدول تدين بالمسيحية، إضافة إلى تراث الفايكنج الذي اكتُشف هناك.
اقرأ أيضًا:
add تابِعني remove_red_eye 13,690
كل ما تريد معرفته عن شعوب الفايكينج
link https://ziid.net/?p=70398