التطور الطبي بين الخيال والواقع: كيف يمكن أن نقهر المرض؟
لماذا نخاف من طول العمر هل لأننا نخشى الوحدة أم أننا نخشى أن نفقد إنسانيتنا مع تقدمنا في العمر؟
add تابِعني remove_red_eye 9,146
يُمكن أن يكون هذا المقال ضربًا من ضروب الخيال أو تهيؤات قارئة، أوهام كاتبة مبنية على بعض الأفلام وبعض الحوادث التي قد تشير إلى شيء غامض في المستقبل.
ماذا لو عاد أحد أجدادنا من العصور القديمة ليجد السيارة والطائرة؟ ماذا لو رأى الكرسي المتحرك؟ الأطراف الصناعية أو الأدوية؟ علاجات للانتباه، للغدد، للرئة والقلب!
ما الذي سيدركه حينها؟ حسنًا، لو كنت مكانه لمت خوفًا!
لقد تطور الإنسان في جميع مجالات الحياة. اكتشف الذرة، الهندسة الوراثية، اكتشف الفيروسات والكائنات تحت الميكروسكوب، علمنا أن الأرض دائرية وأننا في نظام شمسي داخل مجرة، والمجرة ليست وحدها فنحن في كون فسيح يمكن ألا نكون فيه وحدنا، أليس كذلك؟ هل علم الإنسان القديم بهذا؟ في الحقيقة في قديم العصور، كان الإنسان يهتم بإشباع احتياجاته ويتبع غرائزه فقط.
ثم تطور الإنسان ولن نستطيع أن نسير خلف تلك المسيرة الطويلة، لكننا نستطيع أن نرى خط النهاية واضحًا، وصلنا لمرحلة متقدمة في كل شيء، حتى إننا على أعتاب مراحل جديدة قد تبدو بوادرها متفرقة وضعيفة أو غير محسوسة.
التطور الطبي في الحاضر يشي بالكثير
هل شاهدت فيلم “Terminator:Dark Fate“؟ هذا الفيلم ليس منذ وقت طويل، فقد تم عرضه العام الماضي(2019م)، بعيدًا أنه كان يتحدث عن الحرب المستقبلية بين الآلات الذاتية الإدارة والبشر، ولكن قد لفت نظري شخصية في الفيلم وهي “جريس”، تلك الفتاة المُحسنة التي يتكون جسدها من خليط من الأجهزة والأعضاء البشرية. تطوعت “جريس” وهي في الجيش لكي يُجرى عليها التعديلات.
حسنًا، هل فهمت الآن فيما أفكر؟ نعم هذا ما أتحدث عنه. هل يُمكن لنا أن نتطور لكي نقوم بدلًا من نقل الأعضاء أو حتى استنساخها من نفس الأنسجة، بعمل أعضاء مُصنعة؟ تجعل العضو غير قابل للتلف؟ أو حتى قابل للإصلاح كجهاز التابلت أو الهاتف المحمول؟ جريس كانت نصف آلي ونصف إنسان، لم تفقد شعورها ووعيها كبني آدم يتألم، يفرح ويفكر بصورة مستقلة.
أن تقوم السينما بعمل تلك النوعية من أفلام الخيال العلمي، فأنت إذًا تتطلع لإمكانية يستطيع اللاحقون من أحفادك أن يمتلكوها. أن يحدث لهم قصور في القلب، فيذهبون لإجراء عملية يستبدلون فيها قلبهم كله بقلب مُعدل، مُصنع في معمل. لم لا؟
هل كنت تعلم أن “ليونيل ميسي” لاعب الكرة المشهور عالميًّا بتفوقه أنه كان يعاني منذ الصغر بخلل في هورمون النمو “Growth Hormone deficiency”؟ لم يكن كأقرانه، لم يكن ينمو مثلهم، ولم نكن سنراه بتلك المهارة والحرفية لو كان استمر الوضع هكذا. كيف عُولج؟ أخذ “ميسي” جرعات دقيقة مُصنعة في المعمل من هذا الهورمون، فأصبح إنسانًا طبيعيًّا لا خلل به. تلك ليست بسابقة في عصرنا الحالي، فهناك تحاليل لنسب الهورمونات، ويستطيع أي شخص الآن أن يعالج أي خلل هورموني يصيبه.
كما أن منظمة “FDA” قد أقرت عام (2003م) بصحة حقن الآباء لأبنائهم بهذا الهورمون إذا كانوا قصار القامة عن المعدل الطبيعي، مع أن قصر القامة لم يُصنف كنوع من المرض أو الإعاقة. هذا ما علمته وأنا أشاهد حلقة “الإسبيتالية” التي كانت من إعداد “إيمان الإمام”، والتي قد لفتت نظري أن مستقبل البشرية مع استبدال الأعضاء قد يتغير قريبًا ليصبح أوسع وأكثر تطورًا.
امنحني جسدك!
فلنر مثالًا آخر، هل شاهدت فيلم “Repo Men“؟ نفس الفكرة. هناك شركة تقوم بتصنيع الأعضاء الصناعية التي ستزيد من عمرك، ولن تتلف بسهولة، بل ستقوم بصيانتها لو حدث عطل ما، ولكن كانت تلك الأعضاء باهظة الثمن، فإن لم تدفع القسط المقرر في ميعاده، ستقوم الشركة بإرسال عملائها لتحصيل الأعضاء منك.. حيًّا. يقومون بتخدريك، فتح جسدك وأخذ العضو وذلك بكل بساطة لأنك لم تدفع ثمنه، فأنت لا تستحقه.
هذا الفيلم أرانا الوجه المخيف للتكنولوجيا لو تحصلت عليها بعض الأيدي التي تريد الربح لا التقدم.. المال لا الإنسانية. المفارقة أن أحد العملاء قام بزراعة قلب وبات هاربًا حتى لا يتم تحصيله أي حتى لا يتم انتزاع قلبه من صدره في منتصف الشارع مثلًا من زملائه. كانت تلك الشخصية التي وقعت في تلك المفارقة تدعى “ريمي”.
الشركة التي قامت بتصنيع تلك الأعضاء كان اسمها “The Union”، كان هدف تلك الشركة هو الربح، لكن بالطبع ماذا لو أنك مريض سكري وقال لك أحدهم، سأزرع بك بنكرياسًا لن يمل من إفراز الأنسولين؟ فقط عليك أن تدفع مبلغًا ويمكنك تقسيطه أيضًا. فقط تعالى ازرع منتجنا بداخلك والذي سيحتوي على “GPS” ليحدد مكانك وذلك إما لإصلاح عطلك في أي وقت، أو انتزاع عضوك المزروع أينما كنت.. عزيزي المريض لن تصبح مريضًا، لكنك ستصبح مُطاردًا.
نرى مشهدًا في الفيلم لرجل شره يقف في الشارع يأكل كثيرًا، وهناك اثنان من العملاء ينظران له، مهددين إياه بما تبقى له من وقت لكي ينتزعوا بنكرياسه المُصنع لدى شركتهم والذي بفضله سينفجر هذا الرجل من الأكل دون خوف.
الآن في العصر الحديث نرى استبدال الأطراف، علاج أزمة السمع عن طريق زرع أجهزة السمع ، علاج العقم بالتلقيح، علاج الشعر بزراعته، وهناك الكثير كزراعة الأسنان، عمليات التجميل؛ فترى تلك الفتاة تغير من أنفها فتجعله أصغر، وذلك الفتى يبرز عضلات معدته فتظهر تقسيمتها، وهكذا. فهل سنرى قريبًا شخصًا مُعدلًا بدلًا من أطراف صناعية، معدلًا من الداخل برئة، أو كبد؟ قلب ربما؟
والآن.. بعض الجنون!
هناك بعض الجنون فيما هو قادم الآن في هذا المقال.. هل يمكن مستقبلًا وأقول أنه ربما في المستقبل البعيد أن نرى وعيًا يُنقل من جسد ليذهب لجسد آخر أو ربما آلة؟ تنقل شخصك بكل معتقداته، أفكاره، ذكرياته إلى آلة؟ كيف سيشعر؟ لا هذا ليس السؤال الآن بل هل سيكون إنسانًا؟ أم أنك بكل بساطة نزعت عنه صفات الإنسانية؟ الفناء والشعور؟
نرى في فيلم “Transcendence” المبدع “جوني ديب” في دور العالم “ديل كاستر” وهو يحاول أن يصنع آلة ذكية فيصبح هو تلك الآلة ويتصل بكل ما هو على الأرض بل الأقمار المحيطة بها أيضًا. هل رأيت؟ كلما فكرت في فكرة جنونية، ستجدها في السينما بانتظارك، لكي تراها تتجسد على الشاشة بكل أريحية وسهولة بل وبإتقان.
الإنسان في عجلة تطور مستمر، ذلك هو ما يجعلنا نستمر، فنحن نعيش في عالم أصبح به آلات تعمل بدل منا، فماذا لو اندمجنا؟ الآلات لا تموت ولا تعلم معنى الفناء والتفكير الذاتي والشعور والاستقلال، الآلات لا تعرف معنى الألم والموت.
نحن نعلم ما هو الفناء والألم والشعور والحب والحضارة والتقدم والفشل والفخر. يُمكن أن نعيش أطول بنفس شعورنا؟ أم سنفشل؟ هل سننجح؟ لنندمج ونصبح نصف يشعر ونصف قابل للصيانة؟
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 9,146
هل يمكن أن نتطور أكثر فتزول إنسانيتنا؟ هل يُمكن أن نصبح قابلين للصيانة؟ مقال مثير
link https://ziid.net/?p=71196