[سلسلة] من تجربتي الذاتية: كيف تؤلف روايات الجريمة والرعب؟

كالعادة سأبدأ معكم المقالة بسرّ لم أخبره لأحد من قبل، السرّ يكمن في المثل المصري القائل “باب النجار مخلع” فعلى الرغم من كوني شخصية لا تهوى متابعة أفلام الرعب على الإطلاق إلا أن تجربتي الأولي في تأليف قصص الرعب والتحقيقات قد كُللت بالنجاح بالفعل، وحازت القصة الأولي وحدها من روايتي مدينة الأشباح على أعلى نسبة مشاهدة، والآن سأخبركم بالخطوات التي اتبعتها أثناء كتابة قصتي الأولى، شبح أوردوس.

أولًا: التحضير الجيد

الكتابة بشكل عام تحتاج لتجميع المعلومات، أو بمعنى أدق، يجب على الكاتب أن يدرس جيدًا المعلومات قبل أن يعيد طرحها على القراء، من وجهة نظري؛ فالكاتب حتى إذا كان مثقفًا لا بد وأن يبحث ويتأكد من معلوماته، ويزيد مخزونه المعرفي، وهذه هي الخطوة الأولي التي قمت بها، بعد وضع الخطوط العريضة للقصة، فبعد أن قررت كتابة أحداث القصة في مدينة أوردوس بإقليم منغوليا الداخلية في الصين، توجب علي أن أجمع معلومات عن أوردوس.

وعن أسماء الشخصيات؛ فبدأت أبحث عن أسماء الصينيين، ومن ثم البحث عن أي معلومة أخرى ستساعدني أثناء كتابة الأحداث، ففي منتصف القصة احتجت لمعرفة فصيلة الدم النادرة “Rh-null”، وعدد الأشخاص الذين يملكون تلك الفصيلة في العالم …وهكذا، فأول نصيحة سأخبركم بها هي أن تبحثوا جيدًا قبل وأثناء كتابة روايتكم، لأن العمل الأدبي لا يتمحور حول بلاغة اللغة أو طريقة السرد فحسب، بل يتخطى ذلك؛ فإذا لم يجد القارئ قصة جيدة متكاملة الأركان من حيث الحبكة الدرامية والغموض وطريقة السرد والتشويق، فلن يتردد أبدًا وسيغلق على الفور صفحات روايتك ويذهب لأشياء أخرى تثير فضوله.

ثانيًا: الموهبة

وهنا سأتحدث عن نوعين من الأشخاص، من يملكون موهبة الكتابة، ومن لا يملكون تلك الموهبة وسأبدأ بمن يملكون الموهبة، وهؤلاء سأنصحهم بقراءة كتب التحقيقات والرعب والخيال العلمي كي يطوروا موهبتهم في الكتابة بحيث تتلاءم مع الفن الجديد المقبلين على تأليفه، وفي نفس الوقت سيتعرفون على المصطلحات الطبية المستخدمة في قصص الرعب والتحقيقات، وأغلبها مصطلحات من الطب الشرعي.

أما بالنسبة لمن لا يملك موهبة الكتابة؛ فهؤلاء يجب عليهم اتباع الخطوات الآتية:

1- تخصيص وقت لقراءة كتب متعددة الموضوعات، كتب عن التاريخ ،والتنمية البشرية، قصص قصيرة، وروايات متنوعة …إلخ.

2- أن يبدأ في كتابة ملخص عن الكتب التي قرأها، وآرائه فيما يتعلق بطريقة الكاتب في السرد، وكيف قام الكاتب بجذب انتباهه لمواصلة القراءة…، وهكذا، بمعنى أن يتحول من قارئ عادي لناقد.

3- أن يبدأ في كتابة قصة قصيرة مكونة من (3) شخصيات رئيسية، وأن يتخيل أن الأحداث تمت في المدينة أو البلد التي كان يود أن يذهب إليها؛ لأن شغف الكاتب تجاه تلك المدينة سينتقل بشكل أو بآخر للقراء؛ فإذا لاحظتم فقد بدأت روايتي مدينة الأشباح بقصة شبح أوردوس؛ لهذا انتقلت مشاعري تجاه تلك المدينة، وتجاه شخصيات القصة للقراء؛ فإذا أراد الكاتب أن يكتب قصة أو رواية فلا بد أن يتخيل أحداث القصة أو الرواية، وكأن الشخصيات تتحدث وتتحرك أمامه بالفعل؛ فيري ملامحهم وتعبيرات وجوههم، وحتى نبرة صوتهم.

ثالثًا: قوة الخيال

في مقالاتي دائمًا ما أتحدث بإيجابية؛ لأن في اعتقادي لا يوجد إنسان على وجه الأرض قد يعجز عن فعل شيء يفعله غيره من البشر؛ لكن سامحوني هذه المرة لا أستطيع أن أكون إيجابية، هنا يجب أن أكون صريحة جدًّا معك عزيزي القارئ؛ فالبشر الواقعيون، أو من يتعاملون بلغة المنطق والأرقام، أو ما نطلق عليهم الشخصيات العملية التي تفكر بعقلها فقط ولا تترك مجال لعواطفها؛ فهؤلاء لا يصلحون أبدًا لكتابة أي نوع من القصص أو الروايات.

فالكاتب إذا لم تحركه مشاعره أو إذا عجز عن التفاعل مع الشخصيات التي يرسم ملامحها من خلال سطوره؛ فمن الأفضل أن يجد فنًّا آخر من فنون الكتابة غير التأليف؛ لأنه ببساطة لن يقنع القراء، وكيف يقنع القراء بمشاعر شخصيات روايته في حين أنه عاجز عن الشعور بمشاعر الشخصيات أثناء سرد الأحداث.

في الختام أريد أن أخبركم بطريقة بسيطة، من خلالها تستطيعون معرفة ما إذا كنتم مستعدين لتأليف الروايات أم أنكم لا زلتم في مرحلة التدريب، وتلك الطريقة سهلة جدًّا؛ لنتخيل مثلًا أن أحدكم ذهب للعمل وفي طريقه وجد شخصين يتشاجران سويًّا، هنا ستظهر هوية الكاتب الحقيقة، وعلى الفور سيحمل هاتفه ويكتب في الملاحظات أحداث الشجار والموقف الكوميدي أو التراجيدي الناتج عنه، وبعد عودته سيشارك القصة مع أصدقائه علي صفحاته بمواقع التواصل الاجتماعي، وتلك الطريقة كانت بداياتي؛ ولولا ردود الفعل وتعليقات أصدقائي على تلك القصص التي سردتها لهم لم أكن سأملك الجرأة لخوض تجربة التأليف، أو حتى كتابة مقالات الرأي.

إليك أيضًا

• أهمية التفاصيل الصغيرة في الكتابة الخيالية
• كيف أصبح كاتب قصص خيالية محترف (8 طرق للمبتدئين)
• 8 من أفضل كتب الجريمة في كل العصور